السبت، 15 ديسمبر 2012

بدوي في صحراء !!

بدوي في صحراء !!


بقلم :حمد الحمد

_____________________

0 بعد الانتهاء من الانتخابات الأخيرة غادرت في رحلة لاسطنبول لمدة 9 أيام , وهي الزيارة الأولى لتركيا , ورغم أن الإنسان يفترض أن لا يمتدح إي بلد إلا بعد ان يعيش فيه ل 6 شهور كما يقال, إلا أنني سعدت بأجواء البلد هناك حيث تشعر انك في شوارع لندن أو ميونخ وليس في بلد على حدود دول ملتهبة سياسيا وامنيا ومشوشة فكريا كإيران أو سوريا أو العراق .

عموما لن أتحدث في السياسة ولكن سأتحدث عن تجربتي التي اخترتها بنفسي وهي أنني أصبحت كبدوي في صحراء جزيرتنا العربية قبل قرن رغم الفارق بمعنى بعد ذلك البدوي عن جميع مؤثرات الحضارة , يعيش في خيمته وليس بجانبه لا راديو ولا تويتر ولا صحف ولا قنوات ولا فيس بوك ولا صحف الكترونية ولا واتس اب , ذلك البدوي كان يعيش في صفاء فلا تأتيه أخبار العالم أو حتى ما يحدث حوله لهذا ينام أخر الليل ولا يحمل هم العالم أو حتى الغد .

تجربتي أنني لتسعة أيام لم ادخل على الانترنت لأتصفح صحفنا المحلية التي تزيد همك هموما ولم ادخل على تويتر المزعج , والوتس منذ دخلت اسطنبول توقف , ولا ابحث عن أخبار طوال تلك الفترة ولم ادخل على موقع صحيفة كويتية لهذا بعيد طوال اليوم عن الأخبار , اللهم إلا في أخر الليل تظهر قناة الجزيرة وتنقل أخبار مصر وسوريا .

هنا تسعة أيام بلياليها بعيد عن أية أخبار مزعجة أو مقالات تسد النفس ينقلها أعلامنا المحلي ,لهذا شعرت براحة بال عجيبة ولم عرف أن هناك حكومة جديدة تشكلت إلا بعد عودتي .

ولكن عدت للكويت ورغم أنني مشترك بصحيفة كويتية واحدة فقط هي القبس منذ زمن بعيد, إلا أن 3 صحف أخرى تصل لمنزلي مجانا كل صباح رغم إنني لا ارغب بهذه الصحف وأخبارها ومقالات كتابها المزعجة في كثير من الأحوال , وقد أخبرت موزع أحداها بأن لا يرسلها إلا انه (يعاند) ويرسلها كل صباح مع أخبارها التي تسد النفس وتضيق الصدر .

اكتشفت مؤخرا أننا نحن من تجاوزنا العقد الخامس من العمر قد مللنا التأزيم السياسي بالإضافة إلى محتوى صحفنا المحلية التي تنقل لنا أخبار تشعرنا بالكآبة كل صباح بدلا من أن تنقل لك إخبار مفرحة ولكن كل شي عندنا سوداوي , وزاد الطين بله هذا المخترع العجيب التويتر الذي يزيد همك هما لو تابعته طوال اليوم أو أدمنت عليه لهذا أنا متوقف عن تصفحه إلا إذا كان هناك رد ما على ما اكتب بمدونتي .

على هذا الضجيج الإعلامي والسياسي اكتشفت أن الكثير من الكبار بالسن ومن وصل لمرحة منتصف العمر من التقي بهم بالدواويين تيقنوا أن أفضل وسيلة هي الهروب من الواقع بمعنى صم الأذان عن التأزيم السياسي والصحفي والقنواتي بالهروب الإجباري وفق اختيارات .

فجماعة كبيرة العدد اختارت الهروب الإجباري بالابتعاد عن أخبارنا المحلية سواء من صحف أو قنوات بالإدمان على مشاهدة مباريات الدوري الأوربي فقط رغم أنهم من قبل غير مولعين بالرياضة.

وجماعة أخرى اختارت الانعزال الديني بمعنى فقط الاتجاه للعبادة وقراءة القران والكتب الدينية ولا غير ذلك .

وجماعة اختارت الانعزال في شاليه أو السكن خارج الكويت لأشهر والسكن منزل أو شقة والابتعاد عن أية أخبار مزعجة .

في الكويت حتى الأربعينيات كان أهل فيلكا لا تصلهم أية أخبار عن العالم ويعيشون بجزيرتهم بهدوء حتى أن أهل الكويت يعيدون عيد الفطر وأهل فيلكا لا يعلمون أن اليوم عيد إلا أذا وصل عند الظهر مركب من الكويت يعلمهم بذلك .

هل احد عاش نفس التجربة ورغم فائدتها إلا أنها هروب من الواقع الذي يحاصرنا ويزعجنا في أحيان كثيرة .

______________

من مدونة حمد الحمد

السبت 15 ديسمبر 2012 س 10 ود 6 ليلا

هناك تعليقان (2):

  1. في العزلة هدوء ...و فيه صفاء....معاً لنعيش البدوي ولو ليوم واحد..

    ردحذف
  2. شكرا على تعليقاتكم الجميلة والبليغة ايضا

    ردحذف