السبت، 28 يوليو 2012

رأي بوثيقة رمضان للمقاطعة !!

رأي بوثيقة رمضان للمقاطعة !!


بقلم : حمد الحمد

__________________

0اطلعت على ما يطلق علية وثيقة رمضان لمقاطعة الانتخابات وهي تحتوي على ثلاثة أمور كالتالي :

1- المطالبة برفض استمرار مجلس 2009 ويجب حله .

2- المطالبة برفض العبث بنظام الدوائر الانتخابية سواء بقانون ضرورة أو بالرجوع للمحكمة الدستورية .

3- الدعوة لرفض المشاركة بالانتخابات القادمة ترشحا وانتخابا إذا تم العبث بالدوائر الانتخابية .

وبعد الاطلاع على الوثيقة التي نشرت بجريدة الآن مرفق بالرابط رغم أنني أرى عدم استخدام مصطلح الأغلبية كون المصطلح انتهى بعد إبطال مجلس 2012 .

http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=115215&cid=30

لهذا أرى الأتي :

أولا : أمر حل مجلس 2009 سيتم حله وهذا لا يختلف عليه احد من اجل تصحيح الدعوة لانتخابات جديدة وفق حكم المحكمة الدستورية.

ثانيا : يجب على الموقعين على الوثيقة عدم الزج بموضوع تعديل الدوائر الانتخابية بالقضية , لان هناك شكوك في عدم دستورية تشكيل الدوائر لهذا الأحوط الاحتكام للمحكمة الدستورية وهي المرجع وفق رأي أهل القانون , ولكن ترك الأمر هكذا يعني أن إي انتخابات قادمة مشكوك بها وبإمكان أي شخص له مصلحة بعد الإعلان عن النتائج أن يطعن ويبقى المجلس الجديد مجمد شكليا حتى انتظار الحكم .

ثالثا : الدعوة لمقاطعة الانتخابات اعتقد غير مبررة لكون السبب المقدم لا يتعرض لإلغاء بند بالدستور أنما تعديل على قانون الانتخاب أو نظام الدوائر, وقانون الانتخاب علية مثالب كثيرة ليس فقط الدوائر أنما أيضا شروط الترشح وإدارة الانتخابات وتحصين الجداول وغيرها من إجراءات لا اعتقد أنها تعالج أية إشكالات أو تتماشى مع الوقت الحالي أنما مع اجواء1962 .

لكن خطورة الدعوة للمقاطعة وفق ما ذكر يعني بأن ليس الجميع سيقاطع وستُجرى الانتخابات, وبالتالي سيكون هناك مجلس حكومي 100% وهنا مجال أوسع لتعديل الدستور بأكمله , وسندخل في أزمة اكبر .

شخصيا يفترض أن لا تقوم الحكومة بتعديل الدوائر وفق قانون ضرورة لان لا جدوى من ذلك فالتعديل لن يلغي طائفية ولن يبعد قبلية وقد يكون له نتائج عكسية على الحكومة , وكذلك لا أرى جدوى من الاحتكام للدستورية في الوقت الحالي لان هذا سيدخل الحكومة في مأزق أخر في كيفية تشكيل دوائر بغياب المجلس , أنما أن تترك الأمر هكذا والجميع يتحمل مسئوليته , وإذا طعن بالدوائر لاحقا يترك الحكم للمجلس والحكومة والدعوة لانتخابات جديدة رغم أن هذا الحل سيعطل البلد إلا انه الأسلم للاستقرار, وكذلك يجب رفض مسمى الدائرة الواحدة بأي شكل لكون الدستور ينص على دوائر وليس دائرة وبالتالي الدعوة لدائرة واحدة مخالفة دستورية واضحة .

ما كتب أعلاه رأي شخصي وليس قانوني .

______________

من مدونة حمد الحمد

السبت 28 يوليو 2012 س 10 ود 34 ص

الخميس، 26 يوليو 2012

اٍعادة التفكير 8- المرأة خارج العباءة !!

إعادة التفكير 8- قراءة في فكرنا الديني والسياسي


ثامنا : المرأة خارج دائرة العباءة !!

بقلم : حمد الحمد

_____________________

من خارج النافذة

على ما اذكر كان ذلك في عام 1962 , وقد أخذنا الأهل إلى مدينة الأحمدي في الكويت , والأحمدي كما يعرف الجميع هي مدينة الصناعات النفطية وقد بنيت المدينة وخططت على طراز غربي انجليزي , لهذا عندما وصلنا الأحمدي في ذلك اليوم وكان عمري لا يتجاوز 8 سنوات , أثارا استغربنا نحن الصغار منظر الحدائق الجميلة , والطرق المسفلتة , و البيوت على النظام الغربي , ولكن ما لفت انتباهي وأنا اطل برأسي من النافذة شي غريب وهو امرأة انجليزية تقود سيارة , هذا المنظر طغى على كل المناظر الأخرى حيث لأول مرة اعرف أن المرأة تستطيع أن تقود سيارة وليس مكانها فقط البيت أو في المقعد الخلفي خلف السائق .

وزميلنا بالديوانية ابوجاسم يقول : (في بداية الستينيات اقترحت على والدي أن تجلس والدتي في المقعد الأمامي بدلا من أن تجلس في المقعد الخلفي) ويكمل أبو جاسم ( فأنا كنت اجلس في المقعد الأمامي على يمينه , وقد أكون قد تأثرت بالأفلام المصرية حيث تجلس بطلة الفيلم بجانب بطل الفيلم على يمين السائق , ولكن زميلنا قال( لقد وبخني أبي على ذلك القول مستهجنا أن تجلس الزوجة بجانب الزوج مما يتعارض مع تقاليد المجتمع ) .

ويردد كبار السن في بداية التعليم النظامي للبنات مقولة لها دلالات (البنت إذا علمتها قل حياها ) , وقال الشيخ نعمان الالوسي ( مثل النساء والكتب والكتابة كمثل شرير سفيه تهدي اليه سيفا , فاللبيب من الرجال من ترك زوجته في حالة من الجهل والعمى فهو أصلح لهن وانفع) – من كتاب تاريخ التعليم في العراق لعبدالرزاق الهلالي .

دونية المرأة

النظرة الدونية للمرأة هي نظرة عالمية وليست مقصورة على العالم الشرقي كما يعتقد , أنما نراها في الفكر والأدبيات الغربية من بداية التاريخ , ففي التاريخ اليوناني اُعتبرت المرأة هي التي فتحت صندوق باندورا وجلبت الحزن والشرور للبشرية , وفي القانون الروماني صنفت المرأة كالطفل , لهذا وصفت بأنها اضعف من الرجل بدنيا وتنحصر مهامها في البيت والمطبخ , ولكن تغيرت الأوضاع بعد كفاح مرير لمدة 70 سنة حتى حصلت على حقوقها السياسية في الولايات المتحدة عام 1920 بفضل الرائدة فرانسيس رايت (المرجع تاريخ المرأة في أمريكا- المركز العالمي للمرأة ) .

وفي انجلترا في يوليو عام 1889 وقعت 2000 امرأة انجليزية على عريضة (عدم منح المرأة حق الانتخاب ) وكانت هناك مجلة تدعى الاتحاد الوطني وهي مناهضة ومحاربة لحق المرأة في الانتخاب ,أن النساء ليس مناسبات للعمل بالسياسة , هذا ما ذكر في كتاب - الدخول في اللعبة تاليف بينيلوب توتسن اصدار دار كلمة ط2010.

المرأة في تاريخنا العربي

كتب التاريخ العربي صورت المرأة ولظروف ذلك الزمان أن مكانها القصور وردهات الحريم , ولم تكن مساهمة فعلية في المجتمع إلا ضمن أسوار البيوت والقصور , رغم أن في بداية تاريخنا الإسلامي كان للمرأة دور أكبر وذكرت أسماء النساء و سجلت في المرويات من أحاديث وغيرها , وهنا لا ننسى ذكر السيدة خديجة (ر) و السيدة عائشة (ر) وبنات الرسول ص ومشاركة المرأة في بيعة العقبة , إلا أن بعد ذلك خفت صوتها ولم تعد تذكر إلا في الأعيب وسائس القصور وتدبير المكائد في الحياة السياسية .

ولكن اعنف ما مر على النساء في التاريخ العربي حدث في العصر الفاطمي حيث اصدر الحاكم بأمر الله سنه 404 هـ / 1013 م قرارا بمنع النساء نهائيا من الخروج من دورهن إلى الطرقات ليلا أو نهارا أو على أسطح المنازل وأغلقت طاقات الدور (البلكون) , فاحتبست النساء في دورهن, فلم تكن تلوح امرأة في طريق , وبعد هذا القرار تعطلت الحوانيت لعدم تبضع النساء , ولكن تم استثناء النساء العاملات في غسل الموتى ومن تباع في سوق كالرقيق, ولا تخرج أمرآة من دارها إلا برقعة وهو كتاب يوقع عليه المحتسب ويقوم احد رجال الشرطة او ولي أمرها بمرافقتها إلى مقصدها وأعادتها , واستمر المنع لسبع سنين حتى وفاة الحاكم بأمر الله (المرجع كتاب المجتمع المصري في العهد الفاطمي – دكتور عبدالمنعم سلطان –دار المعارف ط 1985 ).



نصف المجتمع

في كتابه المعنون (الإسلام بين الشرق والغرب )يقول عزت بيجوفتش رحمه الله وهو رئيس البوسنة والهرسك السابق بما معناه أن المرأة في المجتمعات دائما تمثل النصف عدديا وقد لا نجد أن المرأة تمثل أقلية في إي مجتمع , ويقول على ما اذكر والكتاب ليس بين يدي يقول بيجوفتش : وهذا أمر الهي لا نفهمه , ويدلل على ذلك بأن بعد الحرب العالمية الثانية قتل ما يقارب 70 مليون في أوربا ومعظمهم من الذكور ,وأصبحت الإناث في المانيا وأوروبا عددهم اكبر بكثير من الذكور ولكن بعد انتهاء الحرب وبسنوات قليلة زاد عدد المواليد من الإناث بصورة غير مفهومة حتى تساوت النسبة بين الذكور والإناث بعد ذلك , ويفسر ذلك بأنه أمر الهي لا تدخل للبشر به .

ودائما ما يقال أن المرأة نصف المجتمع وهذه حقيقة , السؤال ماذا لو عطلت النصف في جسدك أو أقصيته , بمعنى الإنسان بيد واحدة معطل , وبكلية واحدة معرض للخطر ,وبعين واحدة أيضا لا يستطيع أن يتحرك بسهولة , ولو نأتي لإنسان ونقول نريدك أن تتحرك برجل واحدة لمدة يوم واحد , حتما سيرفض وسيكون معوق كونه لا يستطيع أن يتحرك كما يتحرك بقية الناس .

وهكذا المجتمع عندما تقصي جزء منه وهو المرأة فهو في وضع أعاقة وهو مجتمع, أو نظام معوق كون مكون واحد منه لا يعمل كما يجب , والمجتمعات التي تطورت في عصرنا الحديث لم تتطور إلا بمشاركة كل أفراد المجتمع وليس بمكون واحد فقط وهو الرجل ., والتقدم لا يتم في الدول إلا بمشاركة الرجل والمرأة , وارى أن مفهوم التقدم ليس هو أن يعيش المجتمع ليأكل ويشرب ويعيش بأمن فقط , أنما أن يشارك بإنجاز علمي أو فكري يفيد البشرية وهذا لا يتم إلا بمشاركة جميع مكونات المجتمع .

لماذا الإقصاء بالماضي

علينا أن نعترف أن الإقصاء ليس في مجتمعاتنا العربية أو الشرقية فقط , أنما كان إقصاء المرأة حقيقة راسخة وحتى في الغرب كما أسلفنا من قبل , وبتفسيري إن الإقصاء كان واقع تحكمه الأوضاع والظروف في الماضي , فقد كانت المرأة تعمل وفق إمكانياتها في محيط المنزل أو الحقل أو في البراري ولكن يتوقف دورها عند ذلك إلا ما ندر مكن مهم تناسب طبيعتها .

هنا علينا أن نتسأل لماذا برز دور ومشاركة المرأة في القرن الأخير بمعنى القرن الماضي , وراحت تأخذ دورها وخاصة في النصف الأخير منه حيث التحقت بركب التعليم وبالعمل في كافة المجالات وحتى في دولنا العربية .

عندما نتكلم عن الغرب فقد التحقت المرأة بركب التعليم مبكرا ولكن كانت مهمشة, وفي الحرب العالمية الأولى والثانية اضطرت المجتمعات الغربية أن تزج بها في مجالات أخرى , لهذا كانت المرأة مجبرة أن تشارك بالحرب مما أخرجها من دائرة المنزل والعزلة المجتمعية , وان كانت لم تلتحق بساحات القتال كمحاربة كما حدث في الحروب الأخيرة , أنما اضطرت أو أجبرت أن تلتحق بالعمل بالمصانع ,مصانع الأسلحة وكافة المصانع والمرافق الذي يحتاجها المجتمع لتسيير الحياة في ظروف الحرب بينما ذهب الرجال لساحات القتال.

أمر أخر لماذا أصبحت المرأة تلعب دورا اكبر في جميع المجتمعات وأيضا العربية منها, بينما كانت في الماضي ينحصر دورها بالمنزل أو أعمال محدودة في المجتمع , وارى أن الوضع بالسابق كان طبيعيا , فمفردات العمل اغلبها بالسابق كانت تحتاج قوة عضلية والرجل مؤهل لمثل هذه الوظائف , فمهن عدة منها بحار, نجار, محارب, حداد ,صياد وغيرها, فمعظم هذه الإعمال تحتاج إلى قوة العضلات وليس العقل وسرعة البديهة فقط , ولكن في القرن الأخير وفي أواخره ظهرت إلى الوجود الكثير من الإعمال لا تتعلق بالعضلات أنما بالعقل , ومن هذه المهن موظف خدمات , مبرمج كمبيوتر , محلل , محاسب , مصمم, مهندس , طبيب , مدرس ,مدقق, هذه المهن وغيرها , وهذه المهن لا تحتاج إلى قوة عضلات أو جهد بدني فقط ,أنما قوة عقلية وفطنة وذكاء , وهذه المهن بإمكان أن يقوم بها الرجل كما تقوم بها المرأة , واغلبها ليس متوفر في أزمان سابقة , لهذا فتح المجال للنساء بالعمل بمهن جديدة بعضها لم يكن معروفا من قبل , أما القوة الذهنية فقد نشر تقرير أخير في جريدة القبس عدد 23 يوليو 2012 ص 34 حيث يقول الباحث جيمس فلين انه خلال المائة سنة الأخيرة تطور ذكاء الرجل والمرأة ولكن المرأة حققت تقدما اكبر في اختبارات الذكاء (اي كيو) بمعدل خمس نقاط وهذه الدراسة المزعجة تؤرق الرجل حيث تبين أنها أكثر ذكاء منه,والدراسة ستصدر في كتاب في فترة لاحقة .

البعض يعتقد إن محاربة المرأة وإبعادها عن الحياة العملية كان مقصورا على المجتمع الشرقي واعني عالمنا العربي , وهذا غير صحيح فكان التهميش مصاحب لكل المجتمعات وحتى الغربية منها , وقد حاربت النساء في الغرب حتى أصبحت لها مكانة ودور ليس في الحياة فقط أنما حتى في الحياة السياسية وإدارة دفة الحكم وهنا نذكر مارجريت تاتشر التي لقبت بالمرأة الحديدة وأنقذت انجلترا من الانحدار بل خاضت حرب فوكلاند وربحتها , وألان نرى رئيسة الحكومة في المانيا السيدة ميركل وهي تقود أوروبا بأكملها وتحدد لها كيفية الخروج من أزمتها المالية .

الكويتية خارج العباءة

بلا شك ان التطورات التي حصلت في الشرق الأوسط بعد انهيار الخلافة العثمانية وانفتاح العالم العربي على الغرب إنما كان له تأثيرات سياسية واجتماعية وثقافية في عالمنا العربي , وفي مصر كانت أولى حركات تحرر المرأة بعد ظهور التعليم النظامي , ونرى المرأة المصرية تخلع الحجاب وتطالب بحقوقها منذ عام 1919 في مظاهرات ضد الانجليز ونذكر الرائدة هدى شعراوي وأدبيات قاسم أمين .

ما حدث في جزء من العالم العربي جرى بالكويت لعوامل عدة , التغير الاجتماعي نتيجة ازدياد الموارد النفطية , وعودة المتعلمين من جامعات عربية , هذا جعل المرأة الكويتية تبادل لتغيير وضعها الاجتماعي من دور محدود داخل المنزل جدران المنزل إلى دور اكبر خارجه ولكن بمبادرات رمزية .

أول المؤشرات التي اطلعت عليها وأعتقد لم لم يشير لها احد من قبل ما ذكر في كتاب (الدكتورة ماري في جزيرة العرب – مذكرا ماري اليسون ) إصدار مركز البحوث والدراسات الكويتية - ط 2009 .

وماري اليسون هي طبيبة أمريكية عملت في الكويت والبحرين وعمان منذ عام 1934 م وحتى غادرت الخليج في بداية السبعينيات من القرن الماضي ,إلا أنها عملت لأطول فترة في الكويت وعاصرت فترة الثلاثينيات و الأربعينيات والخمسينيات وهي فترة تغير المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا , وفي كتابها وهو مذكرات تتحدث غالبا عن المرأة كونها كانت تعالج النساء في مستشفى الإرسالية الأمريكية في الكويت أو ما يعرف بالمستشفى الأمريكاني .

تذكر ماري اليسون في احد الفصول الأتي عن رواية سيدة كويتية لها تدعى نورة فتقول (وقد أخبرتني نورة أنها في أحدى المرات تناقشت مع بعض النساء الكويتيات عن نزع الحجاب في إيران فاجتمعن معا و وقعن رسالة للشيخ عبدالله يطلبن منه أن يأمر النساء الكويتيات بنزع الحجاب كما فعل الشاه في إيران , فأجاب الشيخ عبدالله انه ليس من صلاحياته تقرير أمر النساء ) وهنا تعني الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله والحدث في بداية أو منتصف الخمسينيات , وكان رد الشيخ بليغ وحكيم .

ومما ذكر نعرف أن ذلك يبدو حركة متقدمة للتحرر من قبل المرأة الكويتية , وهذا تأثير مباشر لما حدث في إيران وتركيا في بداية العشرينيات من القرن الماضي حيث اجبر حكام - إيران شاه بهلوي وكذلك اتاتورك حاكم تركيا النساء على خلع الحجاب .

أما الحركة التالية الملفتة للنظر فقد روتها السيدة فاطمة حسين العيسى في كتابها (أوراق فاطمة حسين) وهي سيدة كويتية فاضلة وأشهر من نار على علم في الكويت كإعلامية ومثقفة, فتقول في كتابها ( في عام 1953 قررت ومجموعة من صديقاتها في ثانوية القبلة في الكويت بحرق الخمار في ساحة المدرسة ,وتم تنفيذ الفعل وسط دهشة الجميع وخرجت من المدرسة سافرة , ولكن لم تكن إلا حركة رمزية ودليل على الرغبة في الصدام مع الموروث , حيث بعد عودتها للبيت وبخها الأهل على فعلها , وقاموا بشراء خمار جديد ).

ويبدو إن مفهوم (الخمار) الذي ذكر ليس النقاب المعروف حاليا والمنتشر في بعض البلدان العربية , إنما ما يسمى ( البوشية )وهي ساتر خفيف يغطي وجه النساء , وكانت الجهات التعليمية في الكويت حتى بداية الخمسينيات تلزم المدرسات حتى الأجانب لبس العباءة والبوشية .

ولكن ككاتب أود أن أطلق على المرأة الكويتية ب (المرأة المدللة ) , فمنذ بداية الستينيات وفي عهد الشيخ عبدالله السالم صدرت الكثير من القوانين المدنية التي لم تفرق بين الرجل والمرأة ولم تكن هناك محظورات على المرأة تتعلق بالعمل أو اللبس أو ما شابه ذلك , بل إن قانون الأحوال الشخصية يعطى المرأة حقوق أكثر من الرجل , لهذا شقت طريقها بسهولة ويسر تحسد علية من باقي زميلاتها الخليجيات, فقد احتلت المرأة الكويتية أعلى المناصب وهو منصب وزيرة في الحكومة ونائبة إلى وظيفة شرطية أو حتى العمل بمنصب غير مدني في سلك الإطفاء .

الكويتية والحق السياسي

ولكن عندما نتحدث عن الحقوق السياسية للمرأة فالدستور لم ينص على إقصائها , أنما قانون الانتخاب أوقف مشاركتها حتى اُقر القانون بمنحها الحقوق السياسية عام 2005 , وكان يعارض هذا القانون لسنوات طويلة التيارات التقليدية و الدينية السياسية وكذلك التيارات ذات التوجه القبلي وحاربت بشراسة لوقف هذا الحق , وكانت الحكومة أيضا لم تكن متحمسة لمشاركتها لأسباب انتخابية , ولم يكن هناك تحرك رسمي إلا عام 1999 من قبل صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد رحمه الله بمرسوم , إلا انه قوبل برفض من البرلمان واُسقط .

لهذا نجزم بأنه لم يكن هناك كفاح للنساء من اجل الحصول على الحقوق السياسية ما عدا محاولات رمزية قامت بها بعض النسوة منهن نورية السداني وبعض مطالبات من رموز التيار الليبرالي من الرجال من أعضاء مجلس الأمة داخل مجلس الأمة , ولكن كلها كانت تقابل بالرفض ,و في الألفية الجديدة كان هناك ضغوط دولية وخارجية وكذلك إعلامية داخلية ورأي عام ضد عدم منح النساء حقوقهن السياسية , هذه الضغوط دفعت الحكومة للسعي من اجل إقرار القانون لكي تقدم صورة حضارية أفضل للكويت عالميا وكان لصاحب السمو للشيخ صباح الأحمد دور كبير في أقرار القانون .

فكر تقليدي يسبح ضد التيار

ومع ما ذكرنا إلا أن هناك من يردد مقولة المرأة مكانها البيت وفق تراثنا الفكري الديني والمجتمعي , وهناك مطالبات من بعض أعضاء مجلس الأمة بمنح المرأة راتب لجلوسها في البيت , ولكن هذا الفكر لا يعي أننا لو طالبنا كل النساء بالجلوس بالمنازل فمن سيدرس الأبناء والبنات في المدارس ومن سيعالج المرضى بالمستشفيات , وهل سنقوم باستيراد نساء أجانب للعمل بدل منهن .

ولكن خروج المرأة للعمل وفي جو مختلط أيضا له سلبيات ولكن هذا لا يلغي حق المرأة بالمشاركة , و فالخروج للعمل وحصولها على دخل مادي أعطى لها استقلالية تامة عن الرجل ولها دور اكبر داخل المنزل مما خلق وضع جديد للأسرة فالرجل ليس هو صاحب القرار وحده كما بالسابق , وهناك من يرى أنها فقدت شخصيتها كامرأة أنثى بمعنى فقدت أنوثتها .

وفعلا استمعت لقول في برنامج إذاعي من سنوات هذا القول لفت انتباهي , وهو أن المرأة تتميز بأنوثتها أو ما يسمى ب (الغنج ) والدلال ,وهذا معروف لدى الجميع وتمارسه داخل المنزل , ولكن المرأة عندما خرجت للعمل واختلطت بواقع به رجال , اضطرت إلى أن تتصرف كرجل أو مجبرة أن تكتسب بعض صفات الرجولة , من هذه الصفات إن لا تبتسم أو تكون جاد وان لا تضحك , وان تعمل بجد وبخشونة حتى لا يطمع بها احد , ورغم إن هذه الصفات ضرورية إلا إن المرأة أخذت هذه الصفات إلى منزلها وخارجة وبهذا تغيرت شخصيتها ,وأصبحت تكتسب صفات رجولية قد تكون غلبت على شخصيتها الأنثوية الأصلية , هذا ما سمعت وقد يكون به بعض الصواب لو أجريت دراسة علمية .

__________________

من مدونة حمد الحمد

الأربعاء 26 يوليو 2012 س 9 ود 41 ص

الأربعاء، 18 يوليو 2012

اٍعادة التفكير 7- الكويت والتصادم الفكري بين الليبرالي والديني والقبلي !!

إعادة التفكير 7 – قراءة في فكرنا الديني والاجتماعي !!


سابعا : الكويت والتصادم الفكري بين الليبرالي والديني والقبلي !!

بقلم : حمد الحمد

______________________

ذاكرة واكتشافات

عندما أعود بذاكرتي إلى النصف الأول من فترة الستينيات من القرن الماضي ,أجد نفسي أسجل شواهد على مجتمع متغير , وقد أتحدث عن المجتمع الكويتي كنموذج كوني عايشت هذا المجتمع , وعايشت تلك الفترة وعمري لا يتجاوز العاشرة (الكاتب مواليد عام 1954 ).

و تسألت هل تغيرات المجتمع الفكرية تكون على الأرض وعلى الوجوه و أيضا على الملبس ,اعتقد أن هذا يقترب من الحقيقة , وهنا كيف يتعرف طفل صغير على المجتمع حوله يوما بيوم ولا يعرف ذلك إلا بالمصادفة .

في مرحلة الدراسة المتوسطة كان مدرس الموسيقى يدرسنا أغنية للفنان الكبير محمد عبدالوهاب , واذكر دفتر الموسيقى وكتب على الصفحة الأولى ( الموسيقى غذاء الروح ) هذه الجملة قد تكون غير مقبولة أو مستساغة الآن حتى لو تكتب في صحيفة في وقتنا الحالي.

وما زال في ذاكرتي أننا كنا نحسد احد الطلبة التي لا يحضر حصة التربية الإسلامية ويخرج من الفصل عندما تبدأ الحصة, وكنا نستغرب لماذا يمنح هذه الرخصة هو بالذات , حتى قيل لنا بعد ذلك أن الطالب وأسمه عيسى وهو فلسطيني الجنسية مسيحي الديانة , وهو مُخير بين الحضور والانصراف , هنا عرفت لأول مرة أن بيننا شخص مسيحي وكنت اعتقد قبل ذلك أن كل عربي مسلم الديانة .

وما زال يرسخ في ذاكرتي ذلك العنف الذي لا مبرر له من مدرس الرياضيات أستاذ الحيحي المشهور بالضرب بقسوة , وكذلك مدرس الدين أستاذ الدقس الذي يطلب من التلاميذ ونحن في المرحلة المتوسطة أن نُسمع آيات من القرآن , ولكن أي خطا بسيط يكون العقاب الضرب على ظهر اليد بالعصا بقوة , وحيث أن الخوف من الخطأ والتلعثم مربك وقد يدفعنا للبكاء و ألإحراج أمام الزملاء, فنختار الأسلوب الأقل ضرر نفسي وهو أننا نرفض التسميع و نختار أن نضرب على أن لا نبكي ونحن نُسمع , واذكر أنني قد اخترت الخيار الأخير .

اكتشافات أخرى

كانت مفاجأة أن نكتشف أن بيننا مسيحي كبيرة جدا ,حيث كان اعتقاد قاطع لدينا إن جميع العرب مسلمين . ولكن كانت هناك مفاجآت أخرى , وهذا تعرفت عليه خارج المدرسة من الشارع ومن المجتمع , لقد تعرفت على أن الكويتيين ليس فئة واحدة أنما هناك كويتي سني وكويتي (بحراني) شيعي , أثار ذلك استغرابي وفضولي لتفقد وجوه زملائي بالفصل , من هو من تلك الفئة أو من هو من الفئة الأخرى , ولم أجد فرق بين هذا وذاك , واكتشفت بعد ذلك أن هناك كويتي وان هناك بدون .

اكتشاف ما حولك منذ مرحلة الطفولة الأولى يجعلك تفكر أو تخشى أن تكتشف اكتشافات أخرى مزعجة , ولكن مع هذا هناك شواهد كثيرة تكتشفها من هنا وهناك تدفعك إلى تفكير أكثر عمقا .

مرحلة ما قبل الدولة

قد يكون اكتشاف متأخر إلا انه مستغرب , فقد ذكر السيد شهاب شهاب مدير الآثار والمتاحف عن اكتشاف أثار مسيحية في الكويت في جزيرة فيلكا وتعود إلى القرن الرابع الميلادي بمعنى قبل ظهور الإسلام , والاكتشاف عبارة عن كنيستين متجاورتين , وقد تكون هذه المعلومات جديدة و تؤكد على وجود أنساني مزدهر في منطقة الخليج لم يرصده المؤرخون قبل ذلك ( المرجع جريدة القبس عدد 14 يوليو 2012 ص 11).

الكويت والانفتاح

منذ تأسيس الكويت كدولة وهناك أجماع على انفتاح مجتمعها على كافة الأطياف والمذاهب , وقد رسخ الانفتاح عندما وضعت القوانين وكذلك والدستور في عهد الشيخ عبدالله السالم رحمه الله في بداية الستينيات , وتلك القوانين وبنود الدستور مازالت نافذة إلى يومنا هذا مما جنب البلاد فتن وإشكالات اجتماعية حقيقية بمعنى التصادم الفعلي , رغم أن الإخفاقات والخلافات السياسية هي نتائج حتمية لأي جو ديمقراطي يتعايش مع مساحة من الحرية .

وهنا علينا نذكر معلومات مهمة وهي إن في الكويت قبل أكثر من قرن مسجد بجواره كنسية وملاصق لهما معبد يهودي , وكان هذا أثناء تواجد عدد من أصحاب الديانة اليهودية قبل 1948 م , وفي الكويت تلمح الانفتاح على الأخر من مواقع المقابر والكنائس القائمة حاليا وبعضها من العمر أكثر من قرن من الزمان , واغلب من يؤمها هم من المقيمين من أهل الديانة المسيحية ولكن وفق المعلومات هناك ما يقارب أكثر من 200 مسيحي يحملون الجنسية الكويتية واغلبهم أحفاد من قدم للكويت قبل أكثر من قرن أو بعده من إيران والعراق وبلاد الشام ويتمتعون بكافة حقوق المواطنة .

ففي الكويت داخل السور بالإضافة إلى مقابر أهل السنة وهناك مقبرة يطلق عليها مقبرة الحساوية ومقبرة جعفرية وكذلك مقبرة كتب عليها مقبرة اليهود , ومعظم المقابل داخل المدينة هي مقابر قد أوقف العمل بها منذ أكثر من نصف قرن , وهناك مقابر خارج المدينة اكبر حجما تحت رعاية الدولة ولكل أطياف المجتمع .

شواهد وملامح

وطالما تكلمنا على المقابر فأنني شخصيا أرى أن من يتمعن شواهد القبور في الكويت بإمكانه أن يتعرف على مراحل التطور الفكري للمجتمع , وهنا اكتب ليس عن دراسة بحثية عميقة أنما عن ملاحظات عابرة .

ففي مقبرة الصالحية وهي داخل العاصمة وقد أوقف العمل بها بنهاية الخمسينيات من القرن الماضي , فعندما تتمعن بالقبور ترى ان معظمها بدون شواهد أنما القبر وقد وضع علية صخور صغيرة وهذه عادة الكويتيين طوال تاريخهم , ولكن هناك قبور محدودة بشواهد بارتفاع تقريبا 60 س ومحاطة ببناء اسمنتي لا يتعدى 40 س , وهذا يدل على تغير مجتمعي, ويرجع إلى قدوم الكثير الأجانب للكويت بعد الرخاء الاقتصادي منذ تدفق موارد النفط , لهذا تلك الشواهد تعود لبعض للقادمين من الشام و فلسطين حيث لم يعتاد أهل الكويت وضع شواهد للقبور بل تحريمها حيث أن الأغلبية يتبعون المذهب المالكي والحنبلي .

أما مقبرة الصليبيخات وقد تم الدفن بها في بداية الستينيات , فنرى أن هناك شواهد قبور لكويتيين وغيرهم أسوة بما فعله القادمون من تلك البلدان إلا أنها محدودة , وهذا دليل على تسامح المجتمع مع فئات المجتمع الأخرى وتقبل تقاليدهم , ولكن في أواخر السبعينيات بدأت تختفي تلك الظواهر ويبدو أن هبوب رياح الفكر الديني عبر الجمعيات الدينية و وصولها للكويت وأيضا مبالغة البعض في وضع معالم على القبر ساهم بتحريم وضع أية مظاهر على القبور أو القيام بالبناء , لهذا يبدوان هناك تعليمات بالمنع من الجهات الرسمية , وفي فترة من قبور الثمانينات في نفس المقبرة نرى مسح لجميع الشواهد حتى لو كانت بسيطة بمعنى كتابة الاسم وقد يكون هذا بفعل فاعل , إلا انه بعد تلك الفترة يبدو إن قوانين سنت على أن منع أية مظاهر حول القبور من بناء أو ما شابه ما عدا لوحة رخامية على جانب واحد بعرض 40 س بدون تشييد إي بناء و يكتب بالشاهد الاسم وتاريخ الوفاة وهذا ما هو متبع منذ التسعينيات وأصبح متبع من الأغلبية إلا من البعض من يعتقد أن هذا يدخل في ضمن المحرمات لهذا لا يضع حتى شاهد باسم المتوفي , أما المقبرة الجعفرية وهي ملاصقة لمقبرة السنة فأعتقد لها نظم تختلف عن ذلك .

واعترف أن ملاحظاتي تلك أنما أردت الإشارة لها لكون التغير أنما يتماشى مع تغير المجتمع الفكري من انفتاح في الستينيات إلى تشدد في أواخر السبعينيات ولكن مع هذا فأن ملاحظاتي العابرة أنما تعود لقيامي أسبوعيا في صباح كل يوم جمعة بزيارة قبر ابني سليمان رحمة والدعاء له , وقد انتقل سليمان إلى رحمة الله في 11 أكتوبر 2007 اثر مضاعفات مرض السكر عن عمر 23 سنة .

تغير الوجوه

هل التغير الفكري له اثر على الوجوه , اعتقد ذلك فأذكر رجل دين راح يحدثنا وكان ذلك في الثمانينيات عن وجوب إعفاء اللحية , وبلا شك أن إعفاء اللحية في الكويت بدأ بصورة ظاهرة في بداية السبعينيات كالتزام ديني أو حتى أتباع تيار سياسي , واذكر في الستينيات يندر أن تشاهد رجل بلحية .

واذكر ان جلس بجانبي صديق وقال ( لماذا لا تربي لحيتك ) وكان هذا في فورة انتشار حركة الإخوان المسلمين في الكويت وذراعها جمعية الإصلاح وهي جمعية نفع عام ولها العديد من الأفرع لجمع التبرعات وله تيار سياسي وهو الحركة الدستورية تخوض انتخابات مجلس الأمة ولها أتباعها في كافة المناطق .

وجمعية الإصلاح ظهرت للعلن في البداية تحت مسمى جمعية الإرشاد في عام 1950 , و يحكي لي ابوفهد وهو ألان تجاوز السبعين من العمر قال : انضممت لأنشطة جمعية الإرشاد في عام 1952 وكان عمري 12 سنة والتحقت بفريق الشبيبة حيث كل خميس نذهب للجمعية لتلقي الدروس , ولكن بعد ثالث أسبوع قال لي شخص يعمل هناك (بإمكانك شراء هذه الصورة), وكانت الصورة لشخص لا اعرفه , وكانت قيمة الصورة نصف روبية , ويقول ابوفهد :طبعا لم أوافق وفضلت أن أقوم بتأجير دراجة طوال اليوم بنصف روبية عوضا عن اشتري صورة شخص لا اعرف من هو , ولكن بعد فترة من الزمن عرفت أنها صورة الشيخ حسن البنا مؤوسس حركة الأخوان المسلمين في مصر , وبعد تلك الصورة لم اعد للجمعية , وعندما نذكر (اللحية) فأننا فقط نشير لها كتغير مصاحب لظهور الحركات السياسية في المجتمع ,وهي بلا شك حرية شخصية وسنة حميدة كما ذكر الكثير من العلماء .

وعندما نذكر جمعية الإصلاح الاجتماعي وجمعية أحياء التراث وهي تتبع التيار السلفي , فأننا لن نبخس حقهما فقد قامتا بدور اجتماعي مهم , ولكن انغماسها في الجانب السياسي خلق لهم الكثير من الخصوم , لكن هنا عندما نتكلم عن هذه التيارات أنما نتكلم عن المد السياسي للتيار الديني في المنطقة وليس الأمر مقصور الكويت فقط , والمد الديني في المنطقة ومنها الكويت أنما هو تحرك متوقع لوقف المد التغريبي الذي جاء بعد الحرب العالمية الأولى وانهيار الخلافة الإسلامية في تركيا , وسقوط معظم الدول العربية تحت الغطاء الاستعماري الغربي سواء كاحتلال مباشر أو بشكل حماية .

الكويت والتغير المحمود

وعندما نتحدث عن التغيير الاجتماعي في الوجوه فقد كان إعفاء اللحية وانتشارها رغم انه له دلالة على الالتزام الديني, ولكن للأسف البعض اتخذه سلم لمأرب أخرى منها سياسية واجتماعية ولكن بالنهاية كان الأمر حرية شخصية محمودة في مجتمع منفتح تحكمه قوانين فلم يطارد احد بسبب الشكل .

و نتكلم كذلك على انتشار الحجاب للنساء أو حتى النقاب مع المد الديني الأخواني والسلفي السياسي, وهي أزياء جميلة بالنسبة للنساء وحرية شخصية لهذا المجتمع الكويتي بقوانينه لم يحارب احد على الشكل والملبس , حيث طبيعة الحياة أن المجتمعات تغير نفسها بنفسها بدون أي تدخل من السلطة في هكذا أمور شخصية , بينما في دول أخرى كان الشكل أو الملبس قد يقود لتهمه قد تأخذك للسجن, ولكن في الكويت كانت المساحة متسعة لقبول الجميع ضمن أطار القانون , والجميل في الأمر أن نسبة نساء الكويت من يرتدين الحجاب أو النقاب يفوق 80 % رغم إن لا وجود لقانون يلزم بذلك .

وفي كتاب ماري اليسون وهو عبارة عن مذكرات وهي دكتورة أمريكية عملت في المستشفى الأمريكاني وعاشت في الكويت من الثلاثينيات وحتى الخمسينيات, تذكر بأن بعض نساء الكويت طالبن بأن يكون هناك قانون يمنع التحجب أو غطاء الوجه كما حدث في إيران في فترة من الفترات ,وكان رد الحاكم وهو الشيخ عبدالله السالم ردا عقلانيا حيث قال ( هذا الأمر تقرره النساء بأنفسهن وليس نحن ).

الكويت عروس الخليج

وكانت الكويت في الستينيات حتى أواخر السبعينيات يطلق عليها عروس الخليج حيث مجلس منتخب ليبرالي وحكومة ليبرالية مما اوجد مساحة أوسع للتعاون والإنجاز في مجالات عدة لا مجال لذكرها , لكن حدث التغير من منتصف السبعينيات لدخول تيارات خارجية ذات مرجعية دينية حيث لهم فكر خاص يتصادم مع الفكر الليبرالي المنفتح على الأخر , والإشكالية الأخرى أن الفكر الديني السياسي لم يعد فكرا إسلاميا خالصا أنما اختلط معه الفكر الحضري المتشدد والفكر القبلي , و الفكر القبلي يتجلى في الانتخابات الفرعية أو التشاورية حيث هناك ولاء تام عند التصويت لمن اقرب لي في فرع أو الفخذ القبلي بدون اختيار الأفضل أو حتى إقصاء النساء من المشاركة في التصويت في الفرعيات رغم أنها محظورة وفق القانون , والتعصب كنهج قبلي أو حتى حضري فئوي طائفي يتنافي مع روح الديمقراطية .

الفكر المذهبي الشيعي

إلا أن الكويت لم تكن بعيدة عن بروز الطائفية وبروز تيارات دينية وفق المذهب الشيعي , وهذا حدث بعد ظهور أول حكم ديني مذهبي متشدد وهو نظام الجمهورية الإسلامية في إيران , ودعوة الخميني والنظام هناك صراحة إلى تصدير الثورة إلى خارج إيران , لهذا ظهور نظام ديني متشدد كان له اثر بالغ على الوضع في الكويت وكذلك على منطقة الخليج العربي وبروز الطائفية وهي تصادم التشدد الديني السني والتشدد الشيعي وهذا التغير كان وبالا على المنطقة بأسرها ويتجلى في الكويت إثناء السجال في أطار العمل البرلماني أو حتى في نطاق الأعلام بكافة اشكاله.

ولكن ما زال النظام في الكويت والقوانين تحاول أن تحد من اثر النزاع الطائفي وتتركه في أن يكون وفق أطار القانون والدستور ولا يخرج عن ذلك .

ختام

ما نعنيه أن النظام الحاكم في الكويت والمجتمع الكويتي كان بتوفيق الله في محاولة التعايش مع أوضاع خارجية وأفكار وافده ولم يصطدم معها أو يقمع أصحابها بالقوة ولم يزج بهم بالسجون وإنما أستوعبهم ولكن التعايش كان ضمن أطار الدستور والقانون وهذا قد يكون جنبه فتن ومصائب اكبر نرى لها شواهد في دول عربية أخرى .

________________

من مدونة حمد الحمد

الأربعاء 18 يوليو 2012 س 5 ود 44 م

الثلاثاء، 10 يوليو 2012

مرعب حكم تيار ديني لدولة عربية !!

مرعب حكم تيار ديني لدولة عربية !!


بقلم : حمد الحمد

0صدمة في مصر على قيام الرئيس محمد مرسي بتحدي أحكام المحكمة الدستورية وبإعادة مجلس الشعب , وهذا لم يحدث أن قام حاكم بمخالفة أحكام القضاء , و هنا يقال أن احد رؤساء الولايات المتحدة أرسل فرقة أمنية للقبض على احد حكام الولايات عندما تأخر ذلك الحاكم في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية ولم يرفضه أنما فقد تأخر !!.

أمس في مصر كان استغراب لقرار الرئيس المنتخب , وثورة رجال القانون و تيارات برفض أن يحنث الرئيس في قسمه , بينما برر الأخوان جميعا أن الرئيس له الحق , وكانت اغلب الأصوات ترفض ما اتخذه الرئيس من قرار يخالف فصل السلطات , فإذا كان الرئيس يخالف أحكام القضاء فأي احترام لها من قبل المواطن العادي . أو كما قال مواطن ( عايز أطوف الإشارة الحمراء وأخالف القانون طالما الريس يخالف ), وأمس التطورات مزعجة كالتالي :

لجنة القضاة أمهلته فرصة للتراجع عن قراره وحددتها بساعات .

المحكمة الدستورية أعلنت أن أحكامها نافذة .

مجاميع وتيارات أعلنت إذا لم يتراجع سيتم دخول قصر الحكم و إخراج الريس بالقوة .

وشكاوي للقضاء بعزل الرئيس المنتخب لكونه حنث بقسمه .

احد قيادات العسكر لمح لانقلاب عسكري , والبعض طالب بانقلاب عسكري لان ما يحدث خارج النسق الديمقراطي .

أما الأخوان والسلف وهي تيارات دينية فهم مع الرئيس وقراره بدون مراعاة لقوانين الدولة ولا نعرف أي قانون يتبعون , ولم يكن موقفهم فقط هو مساندته إعلاميا أنما الدعوة إلى مليونية للوقوف معه , بمعنى أن هناك مجاميع تتبع للتيارات الدينية هي جيش تحت الأوامر تنزل الشارع لإرباك أوضاع البلد أو الانصياع لنا أو أو البلد تخرب .

هنا نقول ( مرعب أن تحكم تيارات دينية فهي تقول : أما معنا وقراراتنا وتوجهاتنا أو ننزل مليونية ونخرب البلد ).

وهنا في الكويت لدينا بعض المجاميع تتبع نفس النهج أما تنفيذ مطالبنا أو ننزل للشارع وساحة الإرادة , رغم أن النزول للشارع مشروع مبرر ولكن ليس في كل المطالب التي تتعدى امن البلد وخارج نطاق الدستور والمنطق وقد يكون لها انعكاسات سلبية على المجاميع نفسها .

( إذا كانت البداية كفر , هنا الله يستر على مصر أم الدنيا )

_______________

من مدونة حمد الحمد

الثلاثاء 10 يوليو 2012 س 9 ود 16

الأحد، 8 يوليو 2012

نظام اٍنتخابنا ودوائرنا متخلف ..اين المرأة ؟

نظام اٍنتخابنا ودوائرنا متخلف ..أين المرأة ؟


بقلم : حمد الحمد

قبل الربيع العربي كنا في الكويت نفتخر بأننا الدولة الوحيدة التي تتمتع بشكل ديمقراطي , ولكن الآن للأسف الوضع الآن اختلف وتجاوزتنا دول تحبو حبوا في مجال الديمقراطية شكلا وأسلوبا ,هنا علينا أن نلوم أنفسنا فالتخلف كان في عدة نواحي ويتحملها نحن والحكومة ومجلسنا النيابي وهي كالأتي :

أولا : مازال الانتخاب يقوم على النهج الفردي, مجموعة أشخاص يترشحون وكل فرد أما أن يكون لديه أفكار أو برامج أو لا يكون , ويتبادلون الأصوات أو تخرجهم علاقات عائلية أو دواويين أو تشاوريات غير قانونية .

ثانيا: يفترض من زمن بعيد أن نعتمد شكل تنظيمات سياسية أو شكل أحزاب تقوم على أساس علمي ومنهجي بعيدة عن الدين أو التعصب الفئوي .

ثالثا : كان الكل يحارب لعدم مشاركة المرأة سياسيا لعدة عقود سواء من قبل أطراف حكومية أو مجتمعية أو فتاوى دينية حتى جاء الوقت الذي شعرنا أن الوضع محرج لنا عالميا ودفعت الحكومة ما دفعت , لتمرر قانون مشاركة المرأة .

رابعا : لا توجد مفوضية عليا للانتخابات مهمتها التفرغ لإدارة الانتخابات وتصحيح جداول الناخبين وان يكون لها ناطق رسمي , يعلن نتائجها ويعتمدها ولا أن تكون النتائج في نفس الليلة مما يربك الوضع ويتسبب في أخطاء ولا يوجد قانون ذمة مالية .

خامسا : قانون الانتخاب تخطاه الزمن ويجب أن يعدل فليس من المعقول مثلا أن يترشح المئات وبالنهاية البعض لا يحصل على صوت واحد وهنا أشغال لجنة الانتخابات عند العد , لهذا يفترض من يريد أن يترشح أن يأتي بكتب تزكية من مئات الأشخاص من دائرته , أو أن تجرى الانتخابات في كل الدوائر على مرحلتين في كل دائرة .

سادسا : لكن الطامة الكبرى هي مخالفة الدستور صراحة وهي أن مجلس الأمة هو يجب أن يكون ممثلا للأمة بأكملها , والأمة بمفهومها هي رجال ونساء مناصفة يشاركون في صنع وحاضر الوطن , السؤال هل يجوز أن يكون مجلس امة يمثل الأمة وقد تم اقصاء النساء بالكامل ولا مقعد واحد لهن, وهذا حدث في المجلس الأخير2012 , لهذا من المعيب أن دول مثل العراق ومصر وتونس وليبيا وغيرها تخصص مقاعد للنساء بنسبة 25% على اقل تقدير وهذا تمييز ايجابي , لهذا رغم أنني ليس بخبير دستوري لكن إقصاء النساء وهن نصف المجتمع من مجلس امتنا مخالفة دستورية واضحة , ويجب أن يكون لهن كوتا أو مقاعد إجبارية لهذا لا يجوز أن يكون النصف مبعدا بتعمد من قبل مكونات المجتمع , وان كان الجميع يتفهم هذا قبل خمسين سنة أما الآن فلا, وهنا اقترح الأتي :

في نظام دوائرنا الخمس كنهج أولي, وحتى لا نحتاج لتعديل دستوري ولو بقانون ضرورة أن يخصص مقعد للنساء في كل دائرة بحد أدنى مقعد واحد , مثلا فكل دائرة يجب أن يمثلها عشرة أفراد تكون تسعة مقاعد للجميع ما عدا مقعد واحد مخصص للنساء تفوز به المرشحة التي حصلت على أكثر نسبة من الأصوات في دائرتها في حالة عدم فوز أي امرأة , وبذلك يكون لدينا في المجلس خمسة نساء إجباري من الخمسين عضو أو أكثر في حالة احتلال نساء مقاعد المراكز التسع الأولى .

اعتقد بحث هذا المقترح واجب ولكن لا اعرف مدى دستوريته , ولكن للأسف لقد تخلفنا عن محيطنا العربي بينما كنا في المقدمة في هذا المجال .

_____________

من مدونة حمد الحمد

الأحد 8 يوليو 2012 س 4 ود 39 م

اٍعادة التفكير 6- ربا البنوك غير المُحرم

إعادة التفكير 6 – قراءة في فكرنا الديني والاجتماعي


سادسا - ربا البنوك غير المُحرم

بقلم حمد الحمد

__________________

0 الجميع يتعامل مع البنوك التقليدية أفرادا وحكومات لسنوات طويلة ,حتى أثيرت الشبهات عندما ظهرت على الوجود البنوك الإسلامية مما أثار شكوك في عمل البنوك التقليدية وانه حرام وفق فتاوى العلماء .

لكن كاتب هذه المقال عمل في البنوك التقليدية لفترة 18 عاما, يعرف عالمها عن قرب , رغم انه لم يعمل في الجانب المصرفي, ولكن كان عمله في نطاق المجال الإداري , لكن مازال يُطرح على بساط البحث حرمة التعامل مع البنوك التقليدية كونها تتعامل بالربا وهو محرم شرعا , وهذا يحتاج إلى إيضاح.

يفترض هنا أن نعرف الربا , وهو كما قيل هو الزيادة على الشيء , لكن هل كل زيادة حرام , هنا يكون السؤال الذي يفترض الإجابة عليه حتى نتمكن من معرفة الحرام من الحلال .

رغم أننا نعرف إن الحرام هو ما يضر بالإنسان والمجتمع , ولكن إذا لم يكن هناك ضرر ظاهر هل هو حرام أو أن يكون هناك منفعة , وحتى ندلل على ذلك نعرض إلى مثال نموذجي وهو مثال (السكين ) فهي آلة مفيدة للإنسان في أن يقص بها تفاحة ويأكلها ,وهنا حلال بين , ولكن حرام إن استعملها إنسان في إيذاء إنسان أخر بأي شكل , وهنا يجرم هذا الفعل شرعا وقانونا , وهكذا هي البنوك .

وفي القرآن عدة آيات تشير إلى الربا قال تعالى ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم ) .

وفي الحديث النبوي قول الرسول ص (إن ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا عمي العباس ).

ولكن عندما نربط كلمة (الربا ) بالعموم بعمل البنوك فاعتقد إن ذلك غير منصف , كون هذه البنوك هي مؤسسات وطنية كبرى تحتم ظروف ظهور الدول المدنية الحديثة تشكلها لضبط والرقابة على سوق الاقتراض المالي والتمويل وفق قوانين ونظم محلية وعالمية وتحت أجهزة رقابية من قبل بنوك مركزية تحدد تعاملها مع جميع الإطراف ولا تترك لها العمل وفق رغباتها , وتقوم البنوك بدور تنموي كبير للمجتمع ولا يقتصر دورها فقط على جمع المال كما يتصور البعض , أو كما يجزم البعض أنها تربح دائما ولا تخسر وهذا قول يجافي الحقيقة.

التمويل و الإقراض سابقا

والسؤال وماذا لو لم يكن هناك بنوك , لهذا سنتحدث بأسلوب مبسط عن ماهية عمل البنوك , وهو الأغلب التعامل بالمال كوسيط وخدمات مالية وتجارية أخرى , ولو نعود للماضي كان مجتمعاتنا البسيطة في الخليج والجزيرة بالسابق اغلب أفرادها من محدودي الدخل أو حتى فقراء , لهذا لا مال كثير يتوجب حفظه , ولكن كان البعض من الأغنياء أو ميسوري الحال فكانت تحفظ أموالهم النقدية أو حتى الوثائق الهامة في بيوتهم, أو في صناديق حديدية مما يعرضها لمخاطر خشية السرقة , بينما البعض يحفظ أمواله لدى التجار كأمانات , لهذا تجد التاجر يسجل في دفاتره أمانات لعدد من الأشخاص.

ولكن بعض الناس في ذلك الزمان بحاجة لاقتراض المال ( السلف ) من آخرين لحاجات ضرورية لهذا يقعون ضحية استغلال البعض , و وفق روايات أحد كبار السن في الكويت فقد كان بالسابق هناك من يتعاملون بالربا وهم قلة لا تُعد, ومن ضعاف النفوس وحالات شاذة والشاذ لا يقاس عليه , حيث مشهور الاقتراض في الماضي على قول ( 10 ب 12 ) وهي نسبة مرتفعة وتعادل 20% إذا كانت لمدة سنة , وهي بمعنى أقرضك مثلا 10 روبيات وتعيدها لي بعد حين 12 روبية , وكذلك طرق أخرى للتحايل على حرمة الربا .

وفي كتاب الحياة الاجتماعية في الدولة السعودية الثانية في نجد - تأليف ا, حصة الزهراني تذكر طرق التعامل المالي في نجد في تلك الفترة فتذكر ( يكون نظام الإقراض إلى اجل بدون فائدة لدى بعض الناس بتعاون التجار فيما بينهم وقد يكون بفائدة لدى بعضهم الأخر ولكن بطرق مختلفة ) .

وبلا شك إن أساليب الإقراض كان موجود بالسابق في مجتمعاتنا , ولكن كان تعامل شخصي بين الأفراد وليس تحت رقابة وإشراف أطراف رقابية أخرى , وهناك من فسر تحريم الربا بأنه هو ربا الاستهلاك بمعنى أن تقرض شخص ليأكل أو يلبس وليس ليستثمر بالتجارة وهذا قول رفضه العلماء , وبلا شك أن التعامل بالإقراض وفق شبهة الربا بين أشخاص وبدون وسيط كان له مضار منها أن التعامل كان شخصي مما يوقع الضعيف تحت رحمة القوي إن تخلف بالسداد ويورث خلافات بين الأفراد .

وحتى نبسط عمل البنوك الحديث فأنني اطرح حكاية ( زيد وعبيد ) وقد عرضت لها في مقال قديم .

حكاية زيد وعبيد

حتى نقدم صورة مبسطة لعمل البنوك الحديثة فأنني أقدم حكاية زيد وعبيد , حيث نفترض إن زيد يملك مبلغ من المال, ولكن ليس لدية الخبرة أو المقدرة في استغلاله أو استثماره لهذا أودع هذا المبلغ نقدا في بنك ولنفترض المبلغ مائة ألف دينار .

أما عبيد فلديه ارض فضاء وينوي تشيد عمارة استثمارية عليه ولكن المبلغ الذي لدية لا يكفي للبناء وهو بحاجة لمبلغ أضافي بحدود 100 ألف دينار .

زيد لا يعرف عبيد , وعبيد لا يعرف زيد , وأموال زيد مودعة بالبنك والبنك لا يضع هذا المال في خزائن ويغلق عليها أنما يستثمرها لصالح زيد بنسبة ربح محددة من البنك المركزي وهي الفائدة , أما عبيد فمشروعه متوقف لأنه بحاجة للمال , هنا البنك يقوم بدور الوسيط , فأخذ من مال زيد وقام بتمويل عبيد بمبلغ محدد , بمعنى الأول مشارك بالمشروع العقاري بماله وليس بجهده , حيث تمكن عبيد من أكمال البناء وعمر الأرض وحقق ربح , هنا نحن أمام عملية تمويل واضحة المعالم الوسيط فيها هو البنك وتحقق منفعة لأطراف عدة منها المجتمع والفرد وتم أحياء ارض فضاء.

وهنا تتضح الصورة حيث مول مشروع عبيد من مال زيد , فأصبح لديه عقار يدر دخلا , وهنا مشاركة لعمل تكافلي حلال , وأما زيد فقد حصل على ربح محدد وهو فائدة على ماله الذي أودعه وساهم في تمويل أخر , والبنك له نسبة معلومة من الطرفين كونه هو الوسيط الرسمي , وهذه النسبة هي عمولة أدارة التمويل و ربح للمساهمين ,وأجرة رواتب الموظفين وتأجير مباني , وغيرها من خدمات قدمت .

دوران المال

نأتي هنا إلى أن البنك قام بدور مهم هو عملية دوران المال وعدم تجميده أو كنزه في خزائن , وكنز الأموال محرم بالإسلام, وهنا ماذا لو جمد كل صاحب ماله في منزله, لا استفاد هو , ولا استفاد المجتمع , وهنا العمل نوع من التعاون المجتمعي , وقد استفادت أطراف عدة من دوران المال الذي قام به البنك وفق القوانين والنظم , كل حسب مصلحته .

السؤال هل هناك حرمة في ذلك طالما ما جرى هو وفق قوانين تحفظ حقوق كل الإطراف , وحرك أموال مجمدة , وساهم بتعمير ارض وانجاز مشاريع للأفراد ومشاريع كبرى للدولة والمجتمع منها مستشفيات ومصانع وطرق, وهذا من مقاصد الإسلام والذي يحرم صراحة أي عمل مضر وليس عمل يعمر الأرض .

مفهوم مغلوط

هناك فهم مغلوط لدى العامة إن البنوك طالما تأخذ فوائد من الطرفين أو كافة الأطراف وتحدد الربح وهو الفائدة مسبقا , فهي دائما في موقع الرابح دائما أو كما يطلق عليها العامة (المنشار ), وهذا فهم مغلوط حيث أن البنوك لديها ألاف العملاء سواء أفراد أو مؤسسات أو حتى حكومات وهؤلاء جميعا بذمتهم أموال مقترضة , ولكن هل الجميع سيقوم برد المبالغ المقترضة التي بذمته للبنك , هذا غير مؤكد فهناك مشاريع تتوقف وشركات تتعثر وقد تفلس وبهذا الديون تكون معدومة وتشطب , وهناك أفراد يفقدون وظائفهم ولا يمكنهم تسديد مبالغ مقترضة كديون , وآخرون قد يتعثرون لأسباب مختلفة أو حتى هناك عمليات تحايل يتبعها البعض من داخل البنوك وخارجها , أو قد يترك البعض البلاد وبهذا ديونهم معدومة , وهذه خسارة للبنوك تسجل في دفاترها .

اعتقاد خاطئ

كذلك لدى البعض اعتقاد راسخ أن إيداع أموالك في بنك هو ضمان لحفظها , وهذا غير صحيح ففي كافة أنحاء العالم هذا الضمان غير قائم , حيث في أوروبا أو أمريكا وكل العالم فلا ضمان للودائع , فهناك مئات البنوك وقد تودع في أموالك ولكن في يوم أخر تكتشف إن البنك قد أعلن إفلاسه وهنا لا تحصل لا على رأس مالك ولا أي تعويض إلا ما تقرره المحاكم .

الوضع في الكويت والخليج مختلف فالحكومات بعضها يضمن الودائع وهذا مسلك نادر في العالم وليس له شبيه وذلك لقوة دول الخليج ماليا نتيجة موارد النفط رغم انه غير واقعي أو منطقي, ولو حدث لا سمح الله أن تعرض احد البنوك لخسارة ما فالحكومات ملزمة أن تحمي البنك من الانهيار بدعمه من المال العام حتى يصحح أوضاعه حماية للمودعين وحماية للمجتمع من أزمة مالية واجتماعية .

بنوك وأعمال خيرية ودور وطني .

قد يخفى على الكثيرين المساهمات الخيرية والوطنية التي تقوم بها البنوك التقليدية والتي توصف بالربوية في الكويت كنموذج , فمنذ عام 1992 والبنوك الكويتية تدفع أكثر من 14 مليون سنويا كمساهمات خيرية و وطنية للمجتمع , إضافة إلى ما تدفعه من مبالغ لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي وصندوق دعم العمالة سنويا هذا وفق معلومات ذكرتها مجلة المصارف وهي تصدر عن لجنة المصارف الكويتية , والبنوك التقليدية الكويتية هي اكبر موظف للعمالة الوطنية حيث يشغل اغلب المناصب في البنوك مواطنين واغلبهم من الشباب الكويتي .

وبهذا تقوم البنوك بدور وطني يشهد لها وينم عن المساهمة في خفض معدل البطالة بين الشباب وتحفيز القطاع الخاص على استخدام الموارد البشرية الوطنية .

البنوك والمخاطر

هل هذا يعني أن البنوك التقليدية معفاة من شبهات الفساد , لا هذا غير صحيح فهي مؤسسات تخضع لإدارات بشرية ومتى ما كان هناك سوء إدارة وفساد وتلاعب , وعدم مهنية وخروج على قرارات ونظم العمل المصرفي التي تقررها الدول فهي بهذا معرضة كغيرها للخسارة وتدهور أصولها وبحاجة لإنقاذ , أو حتى إلى وضع صعب يهدد أموال المساهم والمودع , حيث الكل يتحمل الخسائر ومنها الأجهزة الرقابية وكذلك الجمعيات العمومية وهم أغلبية ملاك الأسهم هم من أوكل لهم اختيار إدارات مجالس هذه المصارف .

بنوك أسلامية

هنا لن نخوض في ماهية البنوك الإسلامية كونها أيضا تقوم بدور تنموي و وطني , إلا إنها قد تكتسب الطابع الديني في تعاملاتها وتستند على لجان إفتاء , إلا أننا لو نقارن عملها مع البنوك التقليدية نرى أنها تقوم بنفس الدور كوسيط نشط لإدارة الأموال ولكن قد تختلف الأدوات والمسميات , ونشاطها أوسع حيث يتضمن تملك مشاريع وعقارات , ولكن ما يعيبها أنها فئوية بمعنى تقصر التوظيف على فئات محددة من أفراد المجتمع مما يتعارض مع نظم الدولة المدنية الحديثة التي تساوي بين جميع فئات و طوائف المجتمع وفق الدساتير وقوانين حقوق الإنسان .

و أيضا نرى إن من الخطأ أن يقرن اسم دين بنظام مالي وتجاري فمثلا غير مقبول أن نقول - بنوك أسلامية أو مسيحية أو يهودية - كون هذه الأنظمة المصرفية أو المؤسسات أنما تدار من قبل بشر لهم اجتهاداتهم الفكرية فأن تدهورت أحوالها وخسرت أنما تعود الخسارة على من يدير ولا علاقة بالدين بذلك , كذلك الدين الإسلامي لم يحدد نظام سياسي أو نظام اقتصادي محدد أنما بين مبادئ لأنظمة الحكم السياسية وللتعامل المالي والاقتصادي والأخلاقي , وترك للبشر وفق تغيرات الزمن والظروف الحياتية تحديد الشكل الأفضل و المناسب لكل نظام , على أن لا تلحق أية أنظمة مستحدثة ضررا بالناس أو ظلما ظاهر .

ما ذكر مجرد قراءة وتفسير لوضع نتعايش معه في حياتنا ورأي شخصي قابل للنقاش .

_____________________

من مدونة حمد الحمد

الأحد 8 يوليو 2012 س 6 ود 53 ص