الجمعة، 12 أبريل 2019

رحلة الى قصر الخليفة العباسي



رحلة إلى قصر الخليفة العباسي
كتب : حمد الحمد
   __
في الرف العالي بمكتبتي يقبع ذلك الكتاب المُهم ، عنوانه " رحلة بنيامين التطيلي " صادر عن دار صفحات للنشر عام 2014 ، أهمية الكتاب تكمن أنه ينقل محتوى أقدم مخطوطة أوروبية من أدب الرحلات تتحدث عن مُدن عربية ومنها بغداد ، وكاتب المخطوطة هو بنيامين التطيلي من احد مدن اسبانيا ، وتاريخ الرحلة بين أعوام 1165 إلى عام 1173 ميلادي ، و الكاتب كتبها باللغة العبرية وهي لغته وقد ترجمت، ولكن ما يهمنا من محتواها ما كتبه هذا الرحالة الأسباني عن مدينة بغداد عندما كانت تحت حكم الخليفة العباسي الحافظ " وقد بين مُترجم مادة الكتاب أن الخليفة في تلك الفترة هو المُستنجد" وقد يكون الحافظ احد ألقابه ، وقد كتب الفقرات التالية عن بغداد وهي بين أقواس :
   " بغداد المدينة الكبرى ، كرسي الخليفة أمير المؤمنين العباسي ، وقصر الخلافة في بغداد واسع الأرجاء تنوف استدارته على ثلاثة أميال ، تتوسطه روضة غناء ، فيها أشجار مُثمرة وغير مثمرة من كل صنف ، وفيها من الحيوان ضروب كثيرة ، وفي الروضة بحيرة واسعة يأتيها الماء من حدقل " دجلة" ، يخرج إليها الخليفة للصيد والنزهة ، وقد جُمعت فيها أصناف الطير والسمك لرياضة الخليفة و وزرائه ورجال بطانته وضيوفه "
   " وفي القصر يعقد الخليفة العباسي مجلس بلاطه ، وهو على جانب عظيم من الصلاح والتقوى ،وهو موصوف بالتقوى والصدق والاستقامة وطلب الخير للجميع ، والمسلمون لا يشاهدونه إلا مرة في العام عندما يتوافد الحجاج من كل فج بطريقهم إلى مكة "
  " وفي قصر الخلافة من الأبنية ما يحير العقول، ففيه الرخام والأساطين المزوقة بالذهب ، المُزينة بالحجارة النادرة المنقوشة بالريازة البديعة تكسو الحيطان ، وفي القصر كنوز وافرة "
  " وعندما يتحرك موكب الخليفة ، يحف به نبلاء المسلمين وسُراتهم ، وكلهم رافل بالحلل الزاهية فوق صهوات الخيول ، وهم أمراء العرب وعظماء الترك والديلم وفارس والغز والتبت ونواحي سمرقند التي تبعد مسيرة ثلاثة أشهر عن بلاد العرب،  ويتوجه إلى المسجد الجامع في باب البصرة وتزين جميع الطرق والأسواق التي يمر بها ، فيستقبله الناس بالهتافات والتهاليل ، فإذا ما دخل الجامع يرتقي منبراً من خشب فيشرع في إلقاء خطبته على الجماهير ويفسر لهم أحكام شريعتهم "
·           " وهناك في غرب بغداد المارستان وهو مجموعة البنايات الواسعة يأوي اليها المعوزون من المرضى رغبة في الشفاء وعليه عدد من الأطباء عددهم ستين طبيباً يعالجون المرضى ويطبخون لهم الأدوية ويتم التجهيز من بيت المال ، وهناك دار المارستان وهي للمجانين المغلوبين على عقولهم ويعيشون تحت نفقة الخليفة "
  وما لفت انتباهي مما قرأت تلك الفقرة التي تذكر أن الخليفة يأكل من تعب كفيه ، إذ يصنع الشال المُقصب ويدمغه بختمه ، فيبيعه رجال بطانته فيعود عليه بالأموال الوافرة ، وهذا نهج ما زال يتبعه الملوك الانجليز منذ زمن طويل حيث يباع ليومنا هذا  في الأسواق منتجات عليها ختم الملكة .. فهل اخذ الانجليز هذا النهج من العرب .. قد يكون كذلك .
__________________
*نشر المقال بمجلة الكويت عدد 426  بشهر ابريل 2019.