الخميس، 22 فبراير 2024

العديلية : نيوسالمية " والكاتب المعروف !!

 

العديلية "نيوسالمية ".. والكاتب المعروف !!

كتب : حمد الحمد

لي علاقة عاطفية ومحبة مع ضاحية العديلية رغم أن سكني خارجها، لهذا أغلب أيام الأسبوع أتواجد بها في مقر رابطة الأدباء لأنني عضو بها وعضو مجلس إدارة وأمين عام أسبق، والأهم هو اجتماعنا بين مساء وآخر بديوانية الرابطة مع كبار الأساتذة الأدباء، منهم الدكتور خليفة الوقيان والدكتور سليمان الشطي والأستاذ عبدالله خلف، وأسماء عديدة عزيزة يصعب حصرها، ولي في العديلية حكايات أسعدتني وإن كان بعضها يحمل شيئاً من الطرافة!

العديلية أمس غير اليوم، حيث تحولت من ضاحية نموذجية إلى«نيوسالمية»، أو «السالمية الجديدة»، حيث أصبحت منطقة تجارية مُزدحمة لتواجد صالة أعراس وسوق تجاري وجيم وعربات فودترك وكافيهات ومطاعم وبنوك وجمعيات نفع عام وحديقة تقام فيها فعاليات، لهذا في المساء هناك ازدحام شديد، وإذا وجدت موقف سيارة لك على رصيف فأنت محظوظ جداً.

وفي «نيو سالمية»، هناك حدث أسعدني قبل يومين، حيث أوقفت سيارتي في مواقف جمعية العديلية ورحت أسير نحو سوقها، وبينما أنا أمشي إلّا سيارة صغيرة تقف على يميني وبها سيدة فاضلة، وتفتح السائقة نافذة السيارة وتقول بصوت مرتفع «حمد الحمد أنا أتابع مقالاتك بـ (الراي) تعجبني»، طبعاً فرحت، وقلتُ لها «شكراً ما عرفت مَن حضرتك؟» ردت بصوت مرتفع وسيارتها تُكمل المسير قائلة «ما يحتاج تعرفني أكمل ما تكتب»، طبعاً حدث غير متوقع أسعدني أنّ هناك من يقرأ مقالاتي ومقالات الزملاء بـ«الراي» وأشكرها.

وحادثة طريفة أخرى وقد تكون قبل عشر سنوات، حيث كنت مع أحفادي في محل لألعاب الأطفال يقع على سور نادي كاظمة في العديلية، الآن المحل اختفى من الوجود بعد أن زاحمته الكافيهات وغيرها، كنت أقف في المحل بينما الأحفاد يلعبون، إلّا دخلت سيدة وعباءتها على رأسها قد تكون في الثلاثينات واقتربت مني وقالت: «أنت حمد الحمد الكاتب المعروف؟» طبعاً، فرحت وقلت: «نعم هو»، هنا تركتني ومشت وأنا في حيرة، تركتني وهي تتبع أطفالاً معها، وقفت في دهشة وكنت أود أن أناديها وأقول لها «زين يا أختي حمد الحمد الكاتب المعروف في الزين ولا في الشين».

ما أود قوله إن كاتب المقال يكتب ولا يعرف من يقرأ له، وما هي انطباعات القراء عن ما كتب، ومقالته قي صحيفة لا يعرف أين تذهب في اليوم التالي!، ولو توقف سنة واحدة عن الكتابة نسيه الناس، هو يكتب وكأنه في قبو مظلم، أنا شخصياً أحتفظ بأرشيف لأغلب ما كتبت في الصحف من مقالات وما كتب عني، الكثيرون لا يحتفظون بشيء وينسون ما كتبوا.

أرجع لأرشيفي وأجد مقالاً قصيراً لي في عام 1968 في مجلة يصدرها نادي الجهراء اسمها الشهداء، ومقابلة معي وكنت آنذاك طالباً بالجامعة نشرت في مجلة اسمها «أجيال» عام 1975، وهناك مقال لي في صحيفة الأنباء في 12 يناير 1986، لهذا أحتفظ بأغلب ما نشر لي وهو كم هائل، وما ذكرت أقدمها.

لكن في السنوات الأخيرة كان جل تركيزي على إصدار الكتب التوثيقية خصوصاً في مجال الشعر الشعبي، الكتاب لا يموت تجده محفوظاً في رف في مكتبتك أو مكتبات أخرى، وأيضاً يباع لدى المكتبات في الأسواق وفي المكتبة الوطنية فهو حي لا يموت.

وأخيراً تحياتي إلى «نيو سالمية» وأهلها الكرام.

https://www.alraimedia.com/article/1677497/مقالات/العديلية-نيو-سالمية-والكاتب-المعروف

_______________________

الاثنين، 19 فبراير 2024

الصفعات .. وعمرنا المتأرجح

 

الصفعات .. وعمرنا المتأرجح

كتب : حمد الحمد

قبل كم سنة، كنت راجعاً من مدينة الخفجي للكويت، وفي مركز الحدود السعودي قدمت للعسكري الشاب بطاقتي المدنية، إلا نظر لي وابتسم وقال «ممكن اسألك سؤال؟» قلت «تفضل»، قال «المُسافر الكويتي الذي قبلك قلت له أهلاً عمي، واستغربت أنه استاء وغضب، هل أنا أخطأت بقول (عمي)»؟، قلت له «لا اعتقد ذلك، لكن هو اعتبر أنك كبّرته بالعمر واحتمال أنه يعتقد نفسه ما زال شاباً».

وتلك الحادثة ترجع بنا إلى موروثنا الاجتماعي حيث نعتبر أن مناداة الآخرين بكلمات مثل عمي، أخوي، اختي، أمي، خالتي، حجي، بل في مجتمعات خليجية ينادون الرجل الكبير السن بـ«الشايب» أو «الوالد» والمرأة بـ«الوالدة»، وهي كلمات حميمية وتصرف طيب، إلا أنها في الحقيقة لدى البعض ممن يعيشون في العمر المتأرجح بين الشباب والكهولة، كالصفعة، رغم أن تلك المُسميات كثيراً ما تُقال، لكن البعض لا يتقبلها خصوصاً من يعتبر نفسه شاباً أو شابة في العمر ويسمع فجأة من يناديه بتلك المسميات.

أذكر حكاية طريفة، عملت مع سيدة كويتية فاضلة وكانت مديرتي بالعمل، وكانت تحمل شهادة الماجستير، سمعت أنها كانت تراجع فرع بنك بعد التحرير، وكانت تلتف بعباءتها، إلا وسمعت الموظفة الشابة تقول لها «حجية توقعين وإلا تبصمين؟» ردت عليها باستغراب «لا... أعرف أوقع!».

ولنا صديق دائماً نتندر على حكايته مع موظفة شابة في بنك، يقول استقبلتني الموظفة الشابة بالترحاب قائلة «هلا جدي!»، ويقول «مرة وحدة جدي لو قالت عمي لكان أحسن»، وما زلنا نتندر على صاحبنا لأنه ما زال متأثراً نفسياً بما سمع، وقبل أيام في احدى القنوات العراقية، قال مُراهق لمذيعة شابة وعمرها في بداية العشرين «يا خالتي»، المذيعة لم تتقبل وقالت لا تقول «خالتي».

وانا عملت في البنوك، وما زلت اذكر حكاية طريفة، موظفة في فرع بنك تقول لزميلتها الشابة العزباء «يا فلانة ما اعتقد أنك بتتزوجين»، ردت عليها «ليش ما فيني شي». قالت «الله يهديك كل ما دخل شاب الفرع رحتي تنادينه بكلمة أخوي... ليش كل الشباب اخوانك، احتمال في نيته بيخطب!».

الكاتب المصري أحمد خالد توفيق، رحمه الله، والمشهور بكتب الرعب، عاش فترة العمر المُتأرجح المُرعبة حيث كتب ذات مرة «بدأت اشعر بالذعر عندما لاحظت الباعة ينادونني بـ(يا حاج) والمراهقون يقولون (يا عمو)».

شخصياً، أرى تلك المسميات مُناسبة أن تُخاطب بها شخصاً ما في بيت أو ديوان أو شاليه، لكن في أماكن رسمية كوزارة أو بنك أو محل أو غير ذلك، يفترض أن نتخلى عنها، في مجتمعات أخرى لا تستخدم هكذا مُسميات، لأنها قد تُفهم بغير معنى، ففي الغرب يُستخدم للرجل مُسمى «سير»، وللسيدة كلمة «مدام» أو«مس» أو«مسز»، لهذا، لماذا لا نستخدم للرجل كلمة «أستاذ» وللمرأة «أستاذة»، وأصحاب العمر المتأرجح اتركوهم لحالهم وانتهى الأمر، وكفى الله المؤمنين شر القتال.

لهذا، نتمنى لو تصل مادة هذا المقال إلى لجنة المصارف الكويتية، وهي تضم بنوك الكويت كافة، وتدرس مقترحنا وتأخذ به نتمنى ذلك، رغم أنني قد تناولت هكذا موضوع من قبل، لكن في الإعادة افادة.

https://www.alraimedia.com/article/1677046/مقالات/الصفعات-وعمرنا-المتأرجح-

الرأي 18 فبراير 2024

الأربعاء، 14 فبراير 2024

حكايتي مع المصعد

                

حكايتي مع المصعد

كتب : حمد الحمد

قبل فترة كنت في أحد الأسواق التجارية، وبعدما تبضعت توجهت للمصعد، وانتبهت إلى أن سيدة غير محجبة وغير منقبة وقد تكون في الخمسينات أو أقل وهي على ما يبدو مواطنة من لهجتها، انتبهت أنها تضغط على زر المصعد بقوة، وفُتح المصعد ودخلت هي، وعندما هممتُ أنا بالدخول، إلّا وقفت بباب المصاعد وقالت: «ما يجوز تدخل معي»، ومن دون جملة «لو تسمح»، هنا احترمت رغبتها ورديت: «ما صار إلّا الخير» وتراجعت، الذين ينتظرون المصعد معي استغربوا تصرفها، ما حدث كتبته على صفحتي بـ«الانستغرام» و«تويتر»، لكن استغربت ما جاء من تعليقات من المُتابعين والمتابعات. حيث هناك من بارك موقفها من الجانب الديني والعاطفي والبقية ترى غير ذلك، وأتت التعليقات المساندة لها كالتالي:

«جزاها الله خيراً على هالموقف والله يكثر من أمثالها»، و«أنها تربت على هكذا أخلاق»، و«جزاها الله خير وعساها تورث هالطبع للأولاد والاحفاد»، وتعليق آخر «هذه خلوة ولا يجوز أن يصعد رجل مع امرأة في مصعد وهذا يؤدي للإغراء وأن هناك أحاديث بذلك وسردها لنا».

لكن هناك من اعترض حيث بعض التعليقات جاءت كالتالي:

«إذا ما تريد يصعد معاها أحد يفترض تنتظر حتى ما يكون فيه أحد»، وآخر «نحترم هكذا نوعيات حتما يمرون بحالات نفسية»، و«ابعد عن الشر وغنيله» وتعليق «مساحة المصعد صغيرة وما زالت تعيش زمن كورونا»، و«أفضل أنك ما دخلت أستاذ»، و«ما تشوف شر إذا كان مصعد أهلها تصعد بروحها»، وآخر يقول «بنت أصغر مني طلبت منها أن تدخل قبلي ويوم دخلت قالت لا تدخل المصعد ما يحتمل اثنين»، وآخر قال «فيه ناس معقدين حتى نفسهم ما يستحملونها» و«لو شخص عصبي وصاحب مشاكل كان قال لها أنت اطلعي» و«الدنيا أشكال وألوان»، و«في المصعد تبين طبيعة الناس».

 

أنا كاتب المقال أقول المصعد مكان عام لا يجوز منع أحد من دخوله، لكن تصرفي هو ما أراه صحيحاً لأني لا أعرف هذه الإنسانة ولكن احترمت رغبتها، وفهمت أنها تعيش حالة نفسية وخوفاً غير مُبرر من الآخر، لكن لو كان إنساناً آخر لتصادم معها وحدث ما حدث، يمر علينا أخوات منقبات ومحجبات فاضلات ينتظرن حتى لا يكون أحد أمام المصعد وتركب بمفردها، وهذا عين العقل واحترام للآخر.

صديق يقول خرجت من الحرم المكي وفي الفندق أردت دخول المصعد إلا به رجل وزوجته، إلا قال لي «لا تدخل معانا»، احترمت طلبه ولم أدخل لكن بالنهاية يحز في النفس وكأنها إهانة لرجل راشد مشكوك به، وشاهدت شريطاً لشاب في دولة خليجية... فتاة منقبة ترفض أن يدخل معها شاب المصعد، وهو يصر ويحدث جدال بينهما ويقوم هو بتصوير الحدث ويدخل بالقوة، هذا لا يجوز لو أن له الحق، وكذلك لا يجوز التصوير.

وسمعت في أحد المواقع شاباً في السجن يبكي بحرقة وهو ويقول: «سامحوني خلاص خلوني اطلع تشاجرت مع شخص لا أعرفه في سوق وحدث ما حدث».

ما نود قوله، نصيحة حكم عقلك في هكذا مواقف، وهنا أذكر قول الشاعر صقر النصافي، رحمه الله، وهو ينصح ابنه بعدم التصادم مع الآخر حتى لو من جماعتك، بقوله بيتاً يعتبر من الحِكمة:

( لا بلاك الله بعاقه من مقاريد الرفاقه لا توريه الحماقه لين ربك يقلعه).

بمعنى، إذا ابتليت بإنسان غير سوي أو مزعج حتى لو من جماعتك لا تجادله ولا تغضب حتى يبعده الله عنك.

https://www.alraimedia.com/article/1676473/مقالات/حكايتي-مع-المصعد

السبت، 10 فبراير 2024

هويتنا الكويتية المتغيرة

 

هويتنا الكويتية المُتغيرة !!  

كتب : حمد الحمد

    لم تعد هناك هويات وطنية خاصة ثابته بشعب بعينه ، فالأمريكي في الخمسينيات وقبل هو الأبيض بعيون زرق أو هو الكابوي ، لكن بعد ذلك هو الأبيض والأسود واللاتيني .

    ففي العشرينيات من القرن الماضي نزل شخصاً عربياً نيويورك وعندما سأله أمريكي: " من هو؟" رد بقوله " أنا غريب " فرد الأمريكي " كلنا أغراب هنا "، ونهضة  أمريكا وتميزها  أنها استوعبت كل الأعراق ، حيث أن سيلكون فالي ودخول عالم تكنلوجيا المعلومات دعمه بقوة المهاجرون الهنود وغيرهم الذين تخرجوا من معاهد العلوم والتكنلوجيا بالهند ، حيث يتقدم لتلك المعاهد كل عام ما يقارب من  30 الف طالب ، ولا يُقبل إلا 3 الأف من النوابغ ، لهذا أصبحت أمريكا اكثر قوة بهم .

   وأذكر باحث عراقي سمعت له حديثاً تلفزيونياً لفت انتباهي ، وهو أن الشعوب الأقل تطوراً هي التي تتكون من جنس واحد ولغة واحدة ، وذَكر الصومال لأنها من عرق واحد ، و لا اعرف مدى صحة كلامه .

    في الكويت ما زال لدينا فئة تروج أن هناك هوية كويتية واحدة للكويتي ، يجب أن تكون ثابته ، وهذا قول مُبالغ به ، فالكويت لم تصنع هويتها إلا عبر قدوم كثير من الفئات من دول مجاورة ، وهذا خلق لها تميزها واستقرارها .

    فأول الهجرات كانت هجرة العتوب وجماعات أخرى للكويت،  ومن هنا بدأ تكوين الأمارة ، والهجرة التالية هي هجرة عدد من تجار البصرة والزبير العراقيين إلى الكويت هرباً من احتلال البصرة من قبل إيران لسنتين عام 1775م ، ومن هنا انتعشت الكويت وعرفت كميناء بدلاً من البصرة .

    بعد ذلك عرفت الكويت الهجرات النجدية نتيجة الأحوال المضطربة وللمجاعات  التي حدثت، ويذكر جي ج لوريمر الذي أعد دليل الخليج ، وهو يذكر مدينة الكويت ويقول : " أن في المدينة عام 1906 م أكثر من مائة عائلة من الزلفي من المهاجرين ويقدر عددهم بأكثر من 500 فرد " ، وعندما ذكر المهاجرين يقصد المهاجرين النجديين من الزلفي والقصيم الاغلب ، وعندما يصفهم بالمهاجرين هذا يعني بلا شك استقرارهم في حي المرقاب ، وقد يكون استقرارهم قد اخذ عقداً أو ثلاثة عقود ، وقدمت جماعات أخرى من الاحساء والبحارنة الذين كان لهم دور كبير في صناعة السفن وازدهارها ، ولا ننسى قدوم جماعات عرب وفُرس من بر فارس وإيران ، وفي الخمسينيات وقبله فُتحت فرص عمل كثيرة هنا حيث قدم  الكثير من ابناء البادية للكويت، وهنا تم صنع نسيج المجتمع الكويتي وهويته .

     حاليا في زمن التواصل الاجتماعي رغم سلبياتها أصبحت شعوب منطقة الخليج  تتقارب وتعرف بعضها أكثر فأكثر ، وأصبحت الهويات واللهجات تتداخل ، حيث دخلت على لهجتنا كلمات من اللهجات السعودية وكلمات من اللهجة الكويت انتقلت الى شعوب خليجية ، وأطرف ما سمعت أن أب سعودي يشكو من أن  ابنته الصغيرة أصبحت تتكلم كويتي ، وأباء كويتيون يستغربون أن أولادهم يستخدمون كلمات من اللهجات الخليجية ،  حتى هويتنا بالملبس تغيرت ففي السابق الكويتي يعرف بالدشداشة والغترة والعقال ، ولكن هذه الأيام تدخل أحد المولات وتجد أغلب الشباب لبسهم افرنجي ، والكويتيات هجرن زي الجدات .

       وروى لنا أبو صالح في إحدى الديوانيات أنه كان مع صبية صغار يجلسون على رمال السيف في بداية الخمسينيات ، إلا جاء لهم شاب قال أنه سافر مع جماعة إلى لندن، وحكى لهم أن الإنجليز "ما يأكلون عيش !! "، وأنه شاهد بعينه في لندن حريماً يجلسن في القهاوي ، يقول كذبناه وقلنا له : " كذاب وألف كذاب ..ما يأكلون عيش وحريم يجلسون في القهاوي أكيد هذولا  مو حريم "  وزعل ومشى .

    تلك حكاية سمعتها من ابوصالح ، وسمعت حكاية حدثت في السبعينيات عن كويتياً  متزوج من أمريكية ، وحدث أن شاهد احد افرد عائلته الزوجة تجلس في قهوة مع اولادها ، وهنا وصل الخبر لعائلته الذين لاموه كيف يترك زوجته تجلس في القهاوي والمطاعم ، حيث هذا ليس من عاداتنا الكويتية ، لكن في أيامنا هذه تغير الزمن فالكويتية التي لا تجلس في قهوة أو كافيه يقولون عنها مُعقدة !!.  

    لهذا علينا ان نُخالف من يُبالغ ويدعي أن هوية الكويتي ثابته ولهجته ثابته  ، لأن الأمم الحية هي التي تتغير هوياتنا ولهجتها وهذه سنة الحياة، وكذلك ألوم بعض كتاب المقالات وبعضهم من يحمل شهادات عليا في القانون ويروجون للأسف مقولة أن الكويتي الأصلي هو من أهله في الكويت قبل عام 1920 م، بينما من حصل على الجنسية بالتجنس في الستينيات وبعد سنوات تليها  ، هو كويتي منقوص الهوية ، ويفترض أن لا حق لأولاده ولا أحفاده للأبد المُشاركة في الحياة السياسية لا ترشيحاً ولا تصويتاً !!  . 

  لهذا علينا ان نعي اننا في عصر المجتمعات فيه  تقاربت والهويات تشابهت وهويتنا الكويتية كذلك  .

_________________

مرسل من حمد الحمد للأستاذ وليد الجاسم مع التحية / 4 فبراير 24

___________________

المقال كما نشر في الراي في 7 فبراير 2024

___________________

هويتنا الكويتية المتغيرة

كتب : حمد الحم

لم تعد هناك هويات وطنية خاصة ثابتة بشعب بعينه، فالأميركي في الخمسينات وقبل هو الأبيض بعيون زرقاء أو هو الكابوي، لكن بعد ذلك هو الأبيض والأسود واللاتيني.

ففي العشرينات من القرن الماضي نزل شخص عربي نيويورك وعندما سأله أميركي: «من هو؟» رد بقوله «أنا غريب»، فرد الأميركي «كلنا أغراب هنا»، ونهضة أميركا وتميزها أنها استوعبت كل الأعراق، حيث إن «سيلكون فالي» ودخول عالم تكنولوجيا المعلومات دعمه بقوة المهاجرون الهنود وغيرهم الذين تخرجوا من معاهد العلوم والتكنولوجيا في الهند، حيث يتقدم لتلك المعاهد كل عام ما يقارب من 30 ألف طالب، ولا يُقبل إلا 3 آلاف من النوابغ، لهذا أصبحت أميركا أكثر قوة بهم.

وأذكر أن باحثاً عراقياً سمعت له حديثاً تلفزيونياً لفت انتباهي، وهو أن الشعوب الأقل تطوراً هي التي تتكون من جنس واحد ولغة واحدة، وذَكر الصومال لأنها من عرق واحد، ولا اعرف مدى صحة كلامه.

في الكويت، ما زال لدينا فئة تروج أن هناك هوية كويتية واحدة للكويتي، يجب أن تكون ثابتة، وهذا قول مُبالغ به، فالكويت لم تصنع هويتها إلا عبر قدوم كثير من الفئات من دول مجاورة، وهذا خلق لها تميزها واستقرارها.

فأول الهجرات كانت هجرة العتوب، وجماعات أخرى للكويت، ومن هنا بدأ تكوين الإمارة، والهجرة التالية هي هجرة عدد من تجار البصرة والزبير العراقيين إلى الكويت هرباً من احتلال البصرة من قِبل إيران لسنتين عام 1775م، ومن هنا انتعشت الكويت وعرفت كميناء بدلاً من البصرة.

بعد ذلك، عرفت الكويت الهجرات النجدية، نتيجة الأحوال المضطربة وللمجاعات التي حدثت، ويذكر جي ج لوريمرن، الذي أعد دليل الخليج، وهو يذكر مدينة الكويت ويقول: «إن في المدينة عام 1906م أكثر من مئة عائلة من الزلفي، من المهاجرين ويقدر عددهم بأكثر من 500 فرد»، وعندما ذكر المهاجرين يقصد المهاجرين النجديين من الزلفي والقصيم الأغلب، وعندما يصفهم بالمهاجرين هذا يعني بلا شك استقرارهم في حي المرقاب، وقد يكون استقرارهم قد أخذ عقداً أو ثلاثة عقود، وقدمت جماعات أخرى من الاحساء والبحارنة الذين كان لهم دور كبير في صناعة السفن وازدهارها، ولا ننسى قدوم جماعات عرب وفُرس من بر فارس وإيران، وفي الخمسينات وقبله فُتحت فرص عمل كثيرة هنا حيث قدم الكثير من ابناء البادية للكويت، وهنا تم صنع نسيج المجتمع الكويتي وهويته.

حالياً في زمن «التواصل الاجتماعي» رغم سلبياتها أصبحت شعوب منطقة الخليج تتقارب وتعرف بعضها أكثر فأكثر، وأصبحت الهويات واللهجات تتداخل، حيث دخلت على لهجتنا كلمات من اللهجات السعودية وكلمات من اللهجة الكويتية انتقلت إلى شعوب خليجية، وأطرف ما سمعت أن أباً سعودياً يشكو من أن ابنته الصغيرة أصبحت تتكلم «كويتي»، وآباء كويتيون يستغربون أن أولادهم يستخدمون كلمات من اللهجات الخليجية، حتى هويتنا بالملبس تغيرت، ففي السابق الكويتي يعرف بالدشداشة والغترة والعقال، ولكن هذه الأيام تدخل أحد المولات وتجد معظم الشباب لبسهم «افرنجي»، والكويتيات هجرن زي الجدات.

وروى لنا أبو صالح، في إحدى الديوانيات أنه كان مع صبية صغار يجلسون على رمال السيف في بداية الخمسينات، إلا وجاء لهم شاب قال إنه سافر مع جماعة إلى لندن، وحكى لهم أن الإنكليز «ما يأكلون عيش!»، وأنه شاهد بعينه في لندن حريماً يجلسن في القهاوي، يقول كذبناه وقلنا له: «كذاب وألف كذاب... ما يأكلون عيش وحريم يجلسن في القهاوي أكيد هذولا مو حريم» وزعل ومشى.

تلك حكاية سمعتها من أبوصالح، وسمعت حكاية حدثت في السبعينات عن كويتي متزوج من أميركية، وحدث أن شاهد أحد افراد عائلته الزوجة تجلس في قهوة مع أولادها، وهنا وصل الخبر لعائلته الذين لاموه كيف يترك زوجته تجلس في القهاوي والمطاعم، حيث هذا ليس من عاداتنا الكويتية، لكن في أيامنا هذه تغير الزمن فالكويتية التي لا تجلس في قهوة أو كافيه يقولون عنها مُعقدة!

لهذا، علينا ان نُخالف من يُبالغ ويدعي أن هوية الكويتي ثابتة ولهجته ثابتة، لأن الأمم الحية هي التي تتغير هوياتها ولهجتها وهذه سنة الحياة، وكذلك ألوم بعض كتّاب المقالات وبعضهم مَن يحمل شهادات عليا في القانون وغيره من تخصصات ويروجون للأسف مقولة إن الكويتي الأصلي هو مَن أهله في الكويت قبل عام 1920م، بينما مَن حصل على الجنسية بالتجنس في الستينات وبعد سنوات تلتها، هو كويتي منقوص الهوية، ويفترض أن لا حق لأولاده ولا أحفاده للأبد المُشاركة في الحياة السياسية لا ترشيحاً ولا تصويتاً!

لهذا، علينا ان نعي اننا في عصر المجتمعات فيه تقاربت والهويات تشابهت وهويتنا الكويتية كذلك.

https://www.alraimedia.com/article/1675611/مقالات/هويتنا-الكويتية-المتغيرة-

السبت، 3 فبراير 2024

الغناء وما ادراك ما الغناء

  1.  

الغناء وما ادراك ما الغناء

كتب : حمد الحمد

  1. روى لنا أحد الصامدين اثناء الغزو العراقي أنه مع شخصين سافروا إلى بغداد وسكنوا في فندق درجة أولى، وكان ذلك في آخر ليلة من ليالي عام 1990، وفي الفندق كانت أصوات الموسيقى والغناء تصم الأذان احتفالاً برأس العام الجديد، وكان حينها كل العالم العربي عدا دول الخليج الاحتفالات والغناء لم تتوقف بها، رغم المصيبة التي حلت بالمنطقة حيث هناك دولة عربية محتلة وشعبها مُشرد وهي الكويت، سفرهم لبغداد لم يكن للسياحة أو حضور تلك الاحتفالات، إنما فقط بسكنهم بالفندق يتمكنون بالاتصال عبر الهواتف من غرفهم على أهاليهم بالخارج، الطريف انهم دفعوا أجرة للفندق مخفضة جداً كونهم كما صنفهم موظف الاستقبال «عراقيون جدد»!
  2. لا أعرف لماذا مع ازمة غزة طالب عضو مجلس أمة لا يمثل إلا نفسه، أو كم ألف مواطن انتخبه، طالب بمنع الحفلات الغنائية ووافقت الحكومة مباشرة؟، رغم أن تلك الحفلات حفلات خاصة تُنظم من قِبل القطاع الخاص، وليست مفتوحة للجميع، ولكن حدث ما حدث! وخسر من خسر من الشباب الكويتي الذي ينظم هكذا حفلات للترفيه عن الناس.
  3. أنا شخصياً من الذين يستمعون للأغاني عبر الإذاعة، واستمتع بالكلمة قبل الصوت، ولكن لا أجد متعة في حضور حفلات غنائية، وأذكر بعد التحرير كنت أسكن فندقاً بالقاهرة، ووجدت إعلاناً عن حفلة لنبيل شعيل ورابح صقر، وهنا حجزت وحضرت الحفلة، لكن حفلة بلا نظام فالمطرب الأول غنى عشرين أغنية قبل قدوم نبيل ورابح صقر، وشاهدت بعض الشباب يرقصون على الطاولات، ولكن ما أثارني أن سيدة محجبة بجانبنا تقول لابنها الصغير أن يصعد على الطاولة ويرقص مثلهم، والطفل يرفض بشدة ويستنكر الطلب...!، لم يعجبني الجو وخرجت بلا عودة.
  4. لكن في أواخر السبعينات التحقت بدورة تدريبية في لندن، وفي الفصل صادقت شاباً ليبياً مُحترماً، لكن اعجبني تصرفه الرجولي فعندما كان يتحدث مع والده بالتلفون يقف وقفة عسكري وكأن والده يجلس امامه، وسألته لماذا؟ قال احتراماً لوالدي هذه عاداتنا حتى لو كان والدي بعيداً لكن له احترامه.
  5. ومرة صاحبي هذا طلب أن أتناول وجبة العشاء في شقة صديق ليبي لا أعرفه وذهبت، وعلى الأرض مضيفنا وضع صينية العشاء، وكان الطبق معكرونة مع كم زائد من الفلفل، وهذه هي الأكلة المفضلة في ليبيا، المهم أننا مع الحديث بدأنا الأكل، وبعد ذلك أنا توقفت، لكن اثار استغرابي أن الاثنين ينظران لي باستغراب، وهنا سألني الصديق لماذا توقفت عن الأكل؟، فرددت أنني شبعت، فقال صاحبي أن لديهم عادة أن الضيف لا بد أن يأكل كل ما يُقدم له، وتصنعت أنني آكل معهما حتى اصبحت الصينية فارغة تلمع. الأخ الليبي الذي استضافنا من خلال الحديث عرفت أن لديه عادة غريبة، لا أعتقد أحداً غيره يفعلها، وهي أنه قبل أن يخلد للنوم يحلق لحيته!، وليس كما أفعل أنا أو يفعل معظم الناس أن تكون الحلاقة في الصباح قبل الذهاب للعمل.
  6. وذات يوم، صاحبي الليبي عرض عليّ أن نذهب لحفلة غنائية في نادٍ عربي ليلي هروباً من جو الدراسة، المهم ذهبنا ودفعنا التذاكر وجلسنا على المقاعد ومرت ساعة، ولم نر أحداً، وبعد الملل سألنا عن الموضوع، عرفنا أن الوقت مبكر، وأن حفلتنا لن تبدأ إلا الساعة الثانية صباحاً، شعرنا بالنعاس وغادرنا وركبنا أول تاكسي.
  7. صاحب التاكسي كان انكليزياً، وعرف من ملامحنا أننا عرب، لهذا وضع شريطاً في مُسجل السيارة، لمحمد عبده، يغني اغنية «أبعاد»، صاحبي الليبي أصابه الجنون وطرب للأغنية حيث لأول مرة يسمعها، وسألني مَن هذا الذي يغني قلت محمد عبده، مطرب سعودي وكاتب الكلمات فايق عبدالجليل، والمُلحن يوسف المهنا، وكلاهما من الكويت، المهم حفلتنا كانت بالتاكسي بدل ذلك النادي.
  8. نعود لموضوع الغناء، حيث مع الحكومة الجديدة سُمح بالحفلات الغنائية، ووصلني خبر أن هناك حفلة للأوركسترا الحضرمية في مركز جابر بمنتصف شهر فبراير، وهذه الأوركسترا قد أقامت حفلات في كل أوروبا، وأنا أعرف أن حضرموت محافظة يمنية وليست دولة، السؤال نحن في الكويت دولة هل عندنا أوركسترا كويتية... صراحة لا اعرف ؟
  9. الذي يعرف يخبرني؟
  10. https://www.alraimedia.com/article/1674780/مقالات/الغناء-وما-أدراك-ما-الغناء-
  11.  
  12. نشر بالراي 31 يناير 24