الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

رسائل الى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد

رسائل إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد
كتب : حمد الحمد
_______________
      تهنئة خالصة لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد بمناسبة توليه منصب رئيس الوزراء ، ونتمنى له التوفيق ، وبصفتي مواطن كتبت هذا اليوم عدة رسائل قد تكون في سياق أمن الوطن والمواطن وهي كالتالي :
     رسالة 1 : نرى ما يحدث في بعض البلدان العربية من ثورات شعوب ومرجع ذلك للفساد المالي من قبل الطبقات العليا أو الدنيا سواء في الجانب الحكومي أو جانب الشركات المساهمة .. نهب واختلاسات وثراء مشبوه قاد لثورات شعوب ، لهذا نتمنى عدم التهاون في هكذا أمور وإعلام الشعب بمن يمد يده سواء في الجهاز التنفيذي الحكومي أو حتى المؤسسة التشريعية  ..
    رسالة 2 : هناك مطالبات بتوزير الشباب من أفراد أسرة الحكم .. ونحن لا نُمانع .. لكن يفترض من يصل إلى سلطة عليا في البلد من الشباب أن يكون قد تدرج في المناصب الحكومية ويملك الخبرة الكافية ، لا أن يصل شاب من الأسرة لمنصب وهو غير مؤهل ولا يملك أية خبرة ، ولدينا تجارب سابقة كانت نتائجها لا تُحمد عقباها .
    رسالة 3 : الأمن مُهم .. لكن هناك نقص في إعلام المواطن بالمطلوبين من المواطنين وغيرهم  والذين لديهم أحكام وهاربين من العدالة ، هؤلاء يتجولون في البلد ويرتكبون جرائم وينصبون على المواطن والمقيم ، وليس لدى عامة الشعب إعلام عنهم .. فكم من جريمة ارتكبت ، ونكتشف أن ذلك الشخص مطلوب ولم يقبض عليه ، ففي كل دول العالم هناك معلومات عن من هو مطلوب لابتعاد الناس عن أذاه ، وكذلك لتنفيذ العقوبة عليه .. لهذا نحتاج شبكة معلومات لكل مطلوب للعدالة سواء مواطن أو مقيم لمن لم يسلم نفسه  ، وقد كتب في مدونتي في مقال سابق عن مُقترح شبكة المطلوبين .
    رسالة 4 : نتمسك بالدستور والعملية النيابية ونتمنى أن تعمل بمهنية ، ولا أن تكون جزء من الفساد أو يتسابق الأعضاء لمقترحات شعبوية ، أوان يكون هناك عدم مهنية حيث نرى في الفترة الأخيرة إقرار قوانين بها مثالب دستورية أو هي غير قابلة للتطبيق على ارض الواقع  و تضر بالمواطن ويصعب على الدولة تنفيذها ، ومنها قانون الشهادات غير المعتمدة أو قانون المحاماة وغيرها من قوانين ، لهذا يجب أن تكون الحكومة شفافة وترفض أية قوانين مستعجلة أو لها اثر على المال العام أو غير دستورية في بعض بنودها وان لا تخضع الحكومة لأية ابتزاز عند التهديد بالاستجوابات .
     رسالة 5 : هذه الأيام نرى أزمة ازدحام مروري ليس في ساعات الصباح الأولى أنما طوال اليوم وحتى على الطرق السريعة،  بينما تقف الحكومة موقف المُتفرج ، وهذه المشكلة عانت منها دول متقدمة ولكن وضعت لها حلول وخفضت الازدحام بنسبة 50% ، لهذا يجب أن نأخذ بتجارب تلك الدول حتى لو اثر ذلك على جيب المواطن .
تلك رسائلنا من اجل خدمة وطن نحبه .
__________________
*حمد عبدالمحسن الحمد كاتب وباحث عضو رابطة الأدباء .
مدونة حمد الحمد  / الكويت في 3 ديسمبر 2019 . 

الاثنين، 18 نوفمبر 2019

مذكرات بين السماء والارض

مُذكرات بين السماء والأرض
كتب : حمد الحمد
____________________
   الوضع الذي تجتمع في مع أشخاص من مُختلف الجنسيات لا تعرفهم ، هو أن تكون على مقعد في طائرة ، لكن هم بشر مثلك والمُختلِف أنهم يعيشون في أماكن مُتفرقة ، وهذه الأماكن جعلتهم يختلفون عنك ، قد يكون باللون وفي اللغة والدين  ، لكن هم من نفس جنسك بشر .
   في فترات من حياتي كنت أتواصل مع من يجلس بجانبي أتحدث معه ، لهذا تمر في حياتي صور ما زالت في الذاكرة قد تكون في السماء ، أو على الأرض وهنا أدونها :
  في رحلة من لندن وذلك في منتصف السبعينيات كان يجلس بجانبي شاب أسيوي طوال الرحلة هو نائم ، وكان يمتنع عن الأكل ، وعندما اقتربنا من الكويت فاق من  نومه ، فتحت حوار معه وسألته : طوال الرحلة لم تأكل.. لماذا ؟ ، فكان جوابه لي :  " أكل الطائرات غير جيد وأنا مهندس بهذه الطائرة وأعرف ذلك" ، وفعلا رجعت بذاكرتي إلى الوراء حيث كنت أعاني من أكل الطائرات فأصاب بتوعك معوي .. لهذا أنا وعائلتي منذ سنوات طويلة نتجنب أكل الطائرات ، إلا ما عدا الخبز والجبن ،ونبتعد عن الأكل المطبوخ المُجهز وكانت النتائج ايجابية ، وبعد ذلك نتناول وجبتنا في مطعم  بأول مطار ننزل به .
   وفي رحلة من جده للكويت كان يجلس بجانبي  شاب كويتي ، ورحت أتحدث معه وكان يُزعجنا بعض المطبات ، وهنا قال عن تجربة أخيه الذي كان يعمل كطيار وبعدها تقاعد ، ولكن ذلك الأخ  في التقاعد لم يعد يعيش حياة طبيعية على الأرض ، بينما طوال حياته كان مُعلقاً في السماء ، لهذا تقدم للعمل للعودة كطيار وعاد ، وعاد لحياته الطبيعية مع مطباتها .
   وفي فترة الثمانينيات كنت في رحلة من الكويت للندن وكان ذلك في أوج الحرب العراقية الإيرانية وكان يجلس بجانبي رجل أعمال أمريكي يقول انه مُسوق أشرطة برامج المصارعة الحرة الأمريكية ، وقال انه كان في طهران وقبلها في بغداد وقلت كيف تذهب إليهما وهم في حالة حرب ؟، قال حكومتي منحتني جوازي سفر لهذا أسوق أعمالي ولا علاقة لنا  بتصارعهما !!! ، بينما نحن في الخليج ليومنا هذا نتجنب  السفر لإيران خشية أن نُعاقب ولا منح فيزا سفر لأمريكا أو دول أوروبية بسبب سفرنا لإيران .
   وفي رحلة من القاهرة للكويت قمت بتصرف غريب أثار انتباه شاب يجلس على مقعد في الجانب الآخر ، ودفعه فضوله لسؤالي عندما هبطت الطائرة ، وكان سؤاله هو انه لاحظني طوال الرحلة وأنا اقرأ في كتاب وكانت هذه عادتي دائما ً، وفي الحقيقة لم استغرب سؤاله فنادراً ما تشاهد عربي  يقرأ في طائرة .
   أما بعد عدة رحلات وأنا مُعلق في السماء ، فحتما أن ما يقلقني أنا وغيري هو السرقة أو النصب عندما تطأ قدمك الأرض ، لهذا لا يغيب عن ذاكرتي أول عملية نصب تعرضت لها ، وكان ذلك بعد التحرير بسنتين ، ففي رحلة من الكويت إلى الإمارات  تعرفت في الطائرة على راكب اكبر مني سناً ، ويدعي انه خليجي لكن اشك في ذلك ، لكن حديثه طيب ومرح ، وشعرت كأنني اعرفه من زمن طويل ، والتقيت به بعد ذلك في احد الفنادق بناء على دعوة  منه ، وبعد اللقاء وقبل أن أغادر طلب مني خدمة هو أن ادفع تكلفة ليلة الفندق الذي يسكن فيه حيث ادعى انه نسى محفظته في مدينة أخرى ، ومن اجل مساعدته دفعت المبلغ من بطاقة ائتماني ، وشكرني لإنقاذ الموقف ، ووعد أن يحول ما دفعته له لحسابي في الكويت وودعني ذلك الوداع الحار !!، لكن بعد ساعات اكتشفت مُصادفة أن ذلك الشخص انتحل شخصيتي وذهب لمكتب بطاقة الائتمان ، وادعى انه أنا وانه فقد كل أوراقه الثبوتية وطلب بطاقة جديدة ، أبلغت المسئول الذي اتصل بي أن هناك عملية نصب وأن ذلك الشخص انتحل شخصيتي ،وأن بطاقتي معي ولم افقدها .  
    أما السرقة التي تعرضت لها فكانت في محطة المترو في روما ، عندما دخلت القاطرة إلا وحدث ازدحام مفاجئ ، واكتشفت أن محفظتي قد سُرقت ، وما تصنع الازدحام إلا من عصابات تمتهن السرقة خاصة في محطات القطارات .
     من عقود من السفر علق بذاكرتي تلك الحكايات ، لكن أخذت منها درساً ، وخاصة في التخوف من السرقة ، لهذا في الفترة الأخيرة كنت أضع خطة احتياط عند  السفر ،وأهمها أن لا احمل معي إلا كل ما هو رخيص الثمن من ساعة أو قلم أو محفظة ،وكذلك بطاقتين ائتمان وعدد اثنين من الموبايل احدهما احتفظ به بكل المعلومات ، وهذا الخطة أنقذتني عندما سرقت في روما حيث كان صندوق الأمانات في غرفتي به هاتف إضافي وبطاقة ائتمان إضافية وجوز سفري وبعض النقد ، لهذا أكملت سفري بدون أن أتاثر بالسرقة .  
____________________
نشر بمجلة الكويت عدد نوفمبر 2019

الجمعة، 8 نوفمبر 2019

الى الفاضلة لطيفة الرزيحان مع التحية

إلى الفاضلة لطيفة الرزيحان مع التحية
كتب : حمد الحمد   
____________
    في الفترة الأخيرة كثيرا ما نراها في التجمعات وفي ساحة الإرادة تطالب بحل قضية مهمة لفئة من الكويتيين ، هي الأستاذة الفاضلة لطيفة الرزيحان ، والقضية التي تتبناها عنوانها " إسقاط القروض "
    نعم هي قضية القروض، وهي قضية مُهمة يعاني من كل مجتمع ،وليس المجتمع الكويتي فقط ، شخصيا لا اعرف الأستاذة الفاضلة لطيفة الرزيحان ، ولا اعرف حالتها الاجتماعية ولا حتى مستواها التعليمي لكن هي مُجتهدة ، لكن هي تتصدى لقضية مهمة وشائكة في نفس الوقت ، والقرض في الكويت هو مبلغ يمنحه البنك بضمان الراتب ،أو بمعنى آخر هو راتب مُقدم هذا بالنسبة للمواطن العادي وحتى التاجر يأخذ قرض لتسيير أعماله وتجارته ، وأهل الكويت قديما يطلقون عليه "سلف" لهذا يقال " السلف عمى عين "
   لكن عنوان الحملة التي تتصدى لها لا اعتقد سيحقق الهدف ، لان كلمة إسقاط القروض بدون تحديد الفئة التي تنوي إسقاط القروض عنها لا معنى له ، فهناك متقاعد اخذ قرض بألف دينار ،وهناك آخر اخذ 40 ألف لشراء شقة في تركيا ،وهناك ثالث اشترى سيارة فارهة بالأقساط قيمتها مثلا تتعدى عشرين ألف دينار أو أكثر  ،وهناك من استخدم بطاقة الائتمان في السفر وترتب عليه ألاف الدنانير ، وهناك من اخذ قرض واشترى أسهم بنوك ، وهناك سيدة أخذت غرض لعملية تجميلية  وليست ضرورية ، وهناك مُستثمر يبني مجمع تجاري وعليه مديونية وأحاوله  متعثرة ، إذا أوضاع المقترضين مُختلفة ، وهناك مواطن يعيش على قد لحافة ولا يقترض وغير مطلوب رغم انه في حاجة ، ولو أسقطت القروض على الجميع سيكون هو المتضرر الوحيد .
    إذا ما نعنيه إن ما تطالب به الأستاذة لطيفة والفريق الذي يدعمها بإسقاط القروض وبدون تحديد فئة محددة عائم ولن يحقق هدف ، وقبل يومين كتب شاب كويتي في منصف العشرينيات في التويتر يقول : نحن الشباب بعد توظفنا نأخذ قرض لشراء سيارة للعمل، ونأخذ قرض لشراء سيارة للويك اند ،ونشتري جت سكي للبحر بقرض ،ونأخذ قرض للسفر في الصيف أو غيره ..
    ما اعنيه إن حملة لإسقاط القروض بكلمة عائمة لا تحقق أي هدف ، نعم هناك أزمة لكل كويتي دخله محدود وكذلك حتى ولو كان راتبه 3000 دينار لهذا الأسلوب عائم ولا  يخدم الهدف .
    لهذا نصيحتي للأستاذة لطيفة أن تجلس مع إنسان مختص، ويصيغ لها مشروع جديد لخدمة المُستحقين ، ويحدد الفئات ،وهنا عندما  يطرح الموضوع بأرقام وتحديد المُستهدفين، فحتما ستنجح الحملة،  لكن أن تقف في ساحة الإرادة وتطالب صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله بإسقاط القروض بشكل عمومي،  هذا غير عقلاني وغير منطقي وتضييع للوقت وللجهد ، رغم أن صاحب السمو هو احرص إنسان على مواطنيه .
____________
الكويت في 8 نوفمبر 2019   

الأحد، 3 نوفمبر 2019

الكويت .. هل تسير نحو النموذج اللبناني ؟


الكويت.. هل تسير نحو النموذج اللبناني ؟
كتب : حمد الحمد
_________________
   بما أنني شخصيا لا أتابع أحداثنا المحلية بدقة ، ومُنشغل بمشاريع كتابية بمعنى إصدارات كتب أدبية وتوثيقية ، فأنني بين حين وآخر اكتشف أمور أجهلها ، لهذا ما اسمعه من هنا وهناك ينذر بخطر على ديمقراطيتنا في المقام الأول، والشكل الدستوري وبدون شك على الدولة كذلك ، وبالتالي يهدد مصير الأمة على المدى القريب .
   قبل أسبوعين كنت في مجلس وقلت " إن عضو مجلس الأمة الفلاني لن ينجح في الانتخابات القادمة " وهنا رد علي علي زميل وقال " بل سينجح لأنه نقل مئات الأصوات لدائرتنا فنجاحه مضمون" ، وهذا أثارني وجعلني اكتب هذا المقال ، وبالإضافة إلى سبب آخر هو ما نراه من ثورة للشعب اللبناني ضد طبقته السياسية،  وهنا اكتب عن مخاطر،  هي ليست بعيدة عنا وهي كالتالي :
   أولاً : إشكالية الصوت الواحد .. البعض كان يرفض حكاية الصوت الواحد وانه خلق لنا القبلية والطائفية وان أربعة الأصوات هي الأفضل ، وهذا غير صحيح فكلا الأسلوبين يقود للقبلية والطائفية والعائلية ، كون هذه الأمور متجذرة في حياتنا وهي أمر طبيعي ، وإذا كان البعض يروج بأن الصوت الواحد هو الذي كرس القبلية وغيرها وهدد الوحدة الوطنية ، فهذا كلام مردود عليه فأربعة أصوت كانت تكرسها بصورة اكبر حيث إن انتخابات فرعية مُخالفة للقانون لقبائل تقود إلى فوز قبيلتين بأكثر عدد من المقاعد وتحجب مُكونات المجتمع الأخرى من قبائل وغيرها ، وتحالف تيارات دينية سياسية  يقود إلى إسقاط تيار مدني ليبرالي ، الصوت الواحد ليس هو النموذج المثالي لكنه حقق مكاسب لمكونات المجتمع الأخرى التي لم تكن تحلم أن يصل ممثل لها في بعض الدوائر وهذا مشهود ، وهناك أمثلة لا تخفى على احد في دوائر عدة ، لكن الصوت الواحد كذلك ليس هو الأسلوب الأمثل  حيث خلق لنا شخصية "العضو السابق الكامن"، وهو مشابه لمصطلح الدولة العميقة في دول الربيع العربي ، هذا العضو الكامن هو ليس بعضو، ولكن عضو سابق له ثقله وقاعدته وهو يرفض الترشح ، ولكن بإمكانه إنجاح مُمثل له بالمجلس نتيجة كونه يملك قاعدة كبيرة من الناخبين ، وبما إن هذا العضو الكامن مُعترض على الصوت الواحد فهو يرشح شخص ما للنزول ودعمه، وبالتالي الفوز وهنا له ممثل بالمجلس، والدليل على هذا في بعض الدوائر في الانتخابات الأخيرة نجد فوز مُرشح بالمركز الأول ، رغم أن لا احد يتوقع فوزه ، لهذا العضو الفائز الذي يمثل العضو الكامن لا تجد لا طعم ولا رائحة له بالمجلس، ويصل بدون أية خبرة سياسية أو حتى حياتية ، وكذلك خلق لنا الصوت الواحد أمكانية أن ينجح عضو بأصوات قليلة ، لو تمكن من الشراء أو نقل أصوات ،  لهذا نجد مُخرجات المجلس الحالي لا تتمتع بالحنكة السياسية لهذا نجد تسرع في إقرار القوانين، وعندما تصدر نجد لها مثالب كثيرة ، وبعضها تشوبها مخالفات دستورية ،ومنها قانون المُحامين وقانون الصيدلة ، وقانون الشهادات غير المعتمدة وغيرها ، قوانين  تقر ولكن على ارض الواقع تجد أنها صعبة التطبيق وبها أخطاء ومعرضة للطعن عبر المحكمة الدستورية ،وهذا بسبب التسرع في إقرار القوانين .
   ثانياً : من خلال الكلام الذي نوهت عنه في أول المقال ، شعرت أن تركيبة المجلس الحالي أو المستقبلي قد لا تمثل قواعد الناخبين ، وهي تركيبة مُضلله ، والسبب هو النقل المُكثف لأصوات الناخبين من دائرة لدائرة " يقال عضو حالي نقل مئات الأصوات!! "، وهذا يعني أن نتائج الانتخابات في بعض الدوائر مُضللة ، لان أغلب من يصوت هم ليس من نفس الدائرة ، وما يحدث هو فساد وسرقة لأصوات الناخبين الأصليين ، وهذا طبعا يحدث تحت أعين السلطات وهو فساد عظيم ، والنتيجة أن بعض النواب سيبقون في مناصبهم لدورات ، سواء كان من موقع الرئاسة أو ما هو أدنى ، وهنا من يصل إلى المجلس النيابي هم أسماء معروفة ، وأسماء ترث أسماء ، والنموذج اللبناني ليس ببعيد حيث أوصل الشارع هناك إلى ما وصل أليه من ثورة وتعطيل دولة بأكملها ، ونحن لا نريد أن نصل إلى هكذا مشاهد .. والمقترح أن توكل لهيئة الفساد مهمة التحقق من بالموضوع كونه سرقة ، فسرقة الأصوات اكبر جريمة من سرقة الأموال ، كذلك يُفترض أن يكون التصويت ببطاقة بالجنسية مع البطاقة المدنية ، وفي حالة أن يتعارض سكن الناخب مع الدائرة التي يصوت بها لا يجوز له التصويت وعليه تعديل سجله الانتخابي ، أمر أخر  نحن نثق بالفرز كونه تحت يد القضاة ، لكن أن يوضع سجل الناخبين تحت وزارة الداخلية ، وبيد  سلطة مُختارية المناطق فهذا لا يجوز ، ويفترض تحت سلطة القضاء أيضا أو بمراجعة من القضاء ، كون سجل الناخبين هو أساس مصداقية العملية الانتخابية برمتها ، والسؤال ماذا لو طلب أحد القضاة من ناخب أن يقدم جنسيته وكذلك بطاقته المدنية ووجد تعارض مع السكن ، هنا هل يحق للقاضي رفض قبول تصويته .. مجرد سؤال ؟ ، سؤال آخر لماذا الدولة لا تعترف في معاملاتها إلا بالبطاقة المدنية ، ولكن في التصويت ترفضها وتقبل الجنسية .. الأمر معروف،  لكن يفترض أن لا يستمر حتى تتمتع انتخاباتنا بمصداقية اكبر أمام الداخل والخارج ، ومتى ما شعر الناخب أن صوته لا اثر له نتيجة لكثافة نقل الأصوات،  فقد يحجم عن المشاركة وهذا ما سيحدث .
    ثالثا : هناك هجوم شعبي على الحكومة واتهامها بعدم الانجاز ،رغم أننا على الواقع نجد انجازات عظيمة لها ،بالبنية التحية ومنها شبكة الطرق والجسور التي تشمل كل الكويت ،وانجازات في مجال الصحة بافتتاح عدة مستشفيات كبرى وكذلك مدن جديدة وكذلك انجازات ثقافية ومنها مراكز ثقافية مركز جابر  ومركز عبدالله السالم وغيرها وهذه تحسب لعهد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد حفظه الله وللحكومة الحالية ، لكن من جانب أخرى نرى ممارسات سلبية أو كارثية  يفترض أن لا تحدث،  ومنها التعيينات البراشوتية بمعنى وضع الرجل غير المناسب والذي ليس له أي صفة أو خبرة في مركز هام ، وكذلك ثراء غير طبيعي من بعض أعضاء مجلس الأمة أو حتى بعض الموظفين بالدولة ، فماذا يعني موظف في وزارة أمنية  محبوس لاختلاسه 30 مليون دينار أو أكثر من ذلك ، نحن هنا لا نتحدث عن ألاف الدنانير هنا نحن نتحدث عن ملايين .. وكيف لم تُكتشف؟ ، كذلك تسمية شوارع بأسماء أشخاص لأسباب شخصية وعائلية وبلا مُسوق ولو تدخل بحث جوجل لا تجد لهم أي ذكر ، ناهيك عن ما يتردد عن الفساد في أجهزة الدولة ،وقد ذكرته جريدة القبس في أحد أعدادها وهو ما يعادل مليار دينار في أجهزة عديدة تتبع الدولة .
     ما نود قوله أن عدم معالجة حكومية لما ذكرنا سيكون ورقة رابحة بيد قطاعات كبيرة من الشعب من المُعارضين في المستقبل القريب ، ومع أننا لا نتشابه مع الوضع اللبناني فليس لدينا مليشيات والحمد لله  ، لكن الفساد في قواعد الناخبين هو فساد عظيم يخلق طبقة سياسية لا تمثل مكونات الشعب نتيجة التلاعب المُتعمد تحت أعين السلطة ، وإذا كان ما يحدث لصالحها على المدى القريب، فأنه يمثل خطورة على مدى أبعد . 
__________________
    *كاتب المقال هو حمد عبدالمحسن الحمد ،عضو رابطة الأدباء وهو روائي وباحث ، وهذا المقال يُنشر ضمن مدونته على النت بتاريخ 3 نوفمبر 2019 ، للدخول علي المدونة اكتب في بحث جوجل " مدونة الكاتب حمد الحمد ".

الجمعة، 18 أكتوبر 2019

أنهم شباب نذروا انفسهم للوطن


أنهم شباب نذروا أنفسهم للكويت
كتب : حمد الحمد
___________________
              لا أعرف بلداً مثل الكويت  يخرج من رحمه أبناء يهبون أنفسهم لحفظ تراثه بدون تكليف وبدون مقابل ، أنهم شباب  نذروا أنفسهم لخدمة وطنهم ، لم يطلب أحد منهم ذلك، أنما كانت جهودهم تطوعية ، يعملون بصمت من سنوات طويلة،  لديهم شغف بحفظ تراثنا الثقافي، ويتحملون تكلفة هذا الشغف بالصرف عليه من جيوبهم، هم مراكز ثقافية فردية ، هم مرجع لمن ينشد معلومة تعجز المؤسسات الرسمية في تقديمها ، و كل فرد منهم تخصص في مجال مهم،  وأغلبها ثقافية تخص تاريخ الكويت الثقافي، و هؤلاء الهواة يمتلكون متاحف خاصة شخصية حفظوا من خلالها تراث الكويت في مجالات شتى سنتطرق لها في مقالنا هذا ،  وحتى اكتب عنهم استعنت بالدكتور عادل العبدالمغني والأستاذ فهد العبدالجليل ، وتم حصر بعض أسماء من لهم اسم في المجال وهم كالتالي :
ا- تخصص صحف وكتب ومكتبات خاصة .
د.عادل العبدالمغني ، فهد العبدالجليل ، صالح المسباح ، احمد النصرالله ، خالد بورسلي ، عبدالحميد الرويح ، محمد زمان ، علي الرئيس ، موسى اللوغاني، نايف العبدلي ، أحمد العتيبي .


ب- جمع وثائق تاريخية وتراث بحري ، وتاريخ عائلات ، وصور.
د .حسن أشكناني ، صلاح الفاضل ، أحمد العدواني ، خالد المبيلش ، عبدالله بن ناصر، هاني العسعوسي  ، قيس البدر ، فؤاد المقهوي ،  جابر عبدالله ،
 عبدالله بو قماز ، نواف العصفور .
ج- اسطوانات وموسيقى وسينما.
يوسف بوناشي ، محمد البناي ، محمد العبدالمغني ، فيصل خاجة ،  
د.أحمد الصالحي ، محمد الحمد – سالم الشمري
د- أبحاث تاريخية كويتية ودراسات متخصصة.
بدر الزوير ، بدر الحتيتة المطيري ، خالد العبدالمغني، عايد الجريد ، د .فيصل الوزان ، أبرار ملك .
   نعم هؤلاء هم أبناء الكويت البررة ، مراكز ثقافية فردية كُلٍ في اختصاصه ، أنا شخصيا في إصداراتي التوثيقية،  أرجع لهم وأجد المعلومة التي ابحث عنها، يحتفظون بآلاف الآلاف من الكتب منها النادرة ومئات الآلاف من الاسطوانات والوثائق النادرة وغيرها،هم لا ينتظرون تكريم من جهد لأن ما يقدمونه لوطنهم هو رد جميل .
     قد يغيب عني أسماء فمساحة المقال لا تتسع .    
_______________________
نشر المقال بمجلة الكويت عدد أكتوبر 2019

الأحد، 9 يونيو 2019

لا مدارس بعد اليوم



لا مدارس بعد اليوم !!
كتب : حمد الحمد
Alhamad225@hotmail.com
________
    منذ دراستي في المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة وأنا اعرف أسلوب التعليم بالتلقين ، بمعنى أن تُقدم لك المادة وما عليك إلا الحفظ ، وهذا أسلوب قد يكون في اغلب دولنا العربية، وان كان قد تطور في العقود الأخيرة ، وفي الكويت قبل عهد التعليم النظامي كان هناك ما يُعرف بالكتاتيب حيث تُدرس مواد مُحددة ومنها حفظ القرآن ، وعندما انتقل إلى التعليم النظامي، انتقل نفس الأسلوب وهو الحفظ .
   لا اذكر أننا كنا نناقش المُدرس في أي مادة، ومن يُناقش يُطلق عليه "مُشاغب" ويوبخ على فعلته، وفي عام 1977 كنت في لندن لتعلم اللغة الانجليزية فاكتشفت لأول مرة أسلوباً مُغايراً للتعليم الذي أعهده ، فمن أول يوم دراسي دخل علينا المُدرس ومعه جريدة الصباح، ووزع كم نسخة منها ، وطلب من كل منا القراءة ومناقشة الموضوع الأهم في الصحيفة، وكان في ذلك اليوم خبر عن ولادة أول طفل أنابيب ، فعلاً قراءنا وتناقشنا رغم لغتنا المحدودة ، أهم ما في هذا النهج أن المُعلم ربطك مع الواقع المُعاش وليس مع الماضي ، وفي يوم آخر وكان الفصل في الطابق الأرضي، تفاجئنا إن مُدرستنا أرادت الدخول من نافذة الفصل، وفعلا فتحنا لها النافذة، ودخلت ونحن في عاصفة من الضحك ، دخلت وكأنها تقول ليس فقط أن تدخل من الباب أنما ممكن أن تدخل من النافذة ،وبمعنى أن هناك أساليب مختلفة للتعليم ، وفي الحقيقة كانت تعلمنا أن بالإمكان الخروج من النافذة إذا دق جرس الإنذار .
   أعتقد أن المدرسة أو الجامعة هي كالمصنع ، والمصنع له مُنتجات يطرحها في الأسواق، فإذا كان المُنتج لا يلبي حاجة المستهلك، فلن يشتريه احد وسيبقى على الأرفف ،وهكذا المدارس والمعاهد و الجامعات فأن كانت مُخرجاتها لا تلبي سوق العمل، فاعتقد أن مُخرجاتها ستنظم لطوابير البطالة .
   الهند هي من الدول التي فكرت مُبكرا بالتعليم الذي يخدم المستقبل بعيدًا عن التعليم المُتعارف عليه ، ففي عام 1951 تم تأسيس أول معهد تكنولوجي بالهند ، وحاليا هناك ما يُقارب من 15 معهدا للعلوم والتكنولوجيا ، وتلقى هذه المعاهد قبولاً مقطع النظير ، حيث يتقدم للاختبار سنويا ما يقارب من 400 ألف طالب وطالبة ،ولا يُقبل إلا 7500 طالب ، ولا يخفى على الجميع إن التقدم العالمي في تكنولوجيا المعلومات يساهم  به خريجو هذه المعاهد من الهنود.
  ويذكر أن أفضل دولة في مجال التعليم هي الفلبين، فهي تُدرس وتُدرب ما يحتاج السوق العالمي، فالسوق بحاجة لممرضين وممرضات فتقيم مراكز تدريب تمريض ومراكز تدريب للمهن الوسطى أو المساندة مثل فنيين أشعة وفنيين نظارات والعاملين في محلات التجزئة أو المطارات والفنادق أو من يعمل في المطاعم وفنيين كمبيوتر وحتى خدم المنازل وهكذا ،وهذه المهن تلقى رواجاً في كل أنحاء العالم وخاصة دولنا الخليجية .
   التقيت ذات مرة شاباً يابانياً قال لي أن أهم ما تعلمه بمدرسته هو أن يكتب يوميا وقبل أن يخلد للنوم في مذكرته اليومية كل ما تعلمه وماذا استفاد من يومه ،وهكذا كان يفعل منذ أن عرف الكتابة ، وفي مدارس غربية يطلبون منك حفظ ألف كلمة لتستخدمها عن أجراء مقابلات مع أجهزة الإعلام، والتعليم لم يعد كما هو النهج المُتعارف عليه أن تكون في مكان بين أربعة جدران ومدرس، أنما بإمكانك أن تعليم نفسك في فضاء الشبكات العنكبوتية ، واذكر أن قريبا لي اخذ ابنه بعد أن تخرج من الثانوية لكلية لتدريب الطيران المدني ، وعمل الابن الاختبار، ولكن من اختبره صعق من النتيجة، وقال لوالده ابنك لابد أنه مارس الطيران من قبل، ونفى والده ذلك ، ولكن عَرف أن الابن كان يعلم نفسه بنفسه علوم الطيران عبر النت وعبر الألعاب الكترونية منذ صغره ، الابن عمل بعد التخرج كطيار ووصل إلى درجة مدرب طيارين طائرات البوينغ حالياً ، وفي احد البرامج شاهدت شاباً أمريكياً يقيم بأمريكا يتعلم العزف على العود من قبل مُدرس مصري يقيم في القاهرة ،وكان التعليم عبر موقع سكايب بالصوت والصورة ، وحاليا بإمكانك تعلم أي لغة بالصوت والصورة عبر اليوتيوب ومجاناُ .
   الأمم المتقدمة تعتبر التعليم في مقدمة أسباب النهوض بالأمة ، ويروى أن الجنرال ديغول عندما عاد لباريس بعد الحرب العالمية لم يسأل عن وضع الاقتصاد أو البنية التحتية، أنما سأل عن  وضع الجامعات وعندما عَرف أنها بخير فرح لان الجامعات هي من ستخرج جيل يقود المجتمع بعد الحرب ، وفي كتاب العالم ستيفن هوكينغ (1942 - 2018) حيث يروي عبر مذكراته الذاتية معلومة مُهمة تدل على أن الأمم المتحضرة تضع التعليم في مرتبة أولى حتى في أحلك الظروف، فيقول في بداية كتابه " أن الألمان خلال الحرب العالمية الثانية ابرموا اتفاقاً مع الانجليز ينص على أنهم لن يقوموا بقصف اكسفورد وكامبريدج وهي المدن الجامعية في مقابل ألا يقصف البريطانيون مدن هايدلبرج وغوتنغن " .
  وقد شركات علوم تكنولوجيا المعلومات غيرت مفهوم التعليم بشكل غير متصور ، فإحدى الشركات الكبرى لم تعد تطلب شهادتك أنما تود معرفة قُدراتك ، وشركة أخرى كتبت في موقعها لمن يطلب العمل لديها " لا حاجة لان تُقدم طلب عمل لدينا، نحن نعرف عنك كل شيء !!" .
   وفي إحدى صحفنا المحلية كان هناك عنوان لأفت للنظر وهو " لا مدارس بعد اليوم ، وزراعة عقل "جوجل" تُلغي التعليم " ، حيث أوضح احد خبراء مجال تكنولوجيا الذكاء الصناعي أن لا حاجة إلى التعلم على طريقة الببغاء ، كما كان المرء يتعلم سابقاً ، وان الذكاء الصناعي سيحرر عقول الناس ويدفعها للتفكير بوسائل مبتكرة وجديدة ،وهذا سيزيد ذكاء الإنسان ، وان "جوجل" سيصبح داخل أدمغتنا وعقولنا ، حيث سيصبح بإمكان المرء أن يسمع إجابة أي سؤال يطرحه على نفسه .
_________________
مرسل لمجلة الكويت ، كتب في  4 ابريل  2019 ، ونشر في مجلة الكويت عدد يونيو 2019    

السبت، 4 مايو 2019

عالمي المُزعج الجميل ..التويتر !!

عالمي المُزعج الجميل .. التويتر !!
كتب : حمد الحمد
____________________
       في عام 2009 وأنا أتصفح جريدتي في الصباح الباكر ، قرأت في مُربع صغير أن هناك شيئا ما اسمه " تويتر "، لفت انتباهي الموضوع رغم أنني لا أعرف معنى كلمة " تويتر " ، وما أن فرغت من قراءة الجريدة، حتى أسرعت إلى "اللاب توب"، واقتحمت النت وبدون تردد لأفتح صفحة في ذلك "التويتر" ، وابدأ التفاعل مع هذا الشيء الجديد والمجهول بالنسبة لي .
   كان تفاعلي بشكل يومي هو أن ارقب الأخبار وخاصة المحلية ، و"الهاش تاجات" أو ما يُطلق عليها "الوسم" ، ورحت بعد ذلك أنقل ما أكتبه في مدونتي من مقالات إلى التويتر ، ويتفاعل معي البعض، وأتلقى ردودا بعضها ايجابي والبعض منها سلبي،  ولكن بعد مسيرة ثلاث سنوات وجدت أن الأمر مُزعج جداً، وان "التويتر" جعل مني إنسانا متوترا ، فهناك حسابات وهمية ترد علي بأسلوب وقح،  لأن الفكر الذي قدمته لا يتوافق معها ، ومع تضخم الموقع بالإخبار المكذوبة، وجدت نفسي منزعجا بين يوم وأخر بسبب هلوسة التويتر، لهذا قررت التوقف عن الدخول والمشاركة ليرتاح البال والمزاج ، وفعلا حدث هذا وشعرت حينها بسعادة احسد عليها، وخرجت من ذلك العالم التويتري في عام 2012  .
   لكن بعد غياب ما يُقارب من ست سنوات نصحني صديق بالعودة، وفعلا عدت عام 2018  و وجدت الموقع نظيف جداً بعد صدور قانون الإعلام الالكتروني وبعقوباته التي أقرت ، رغم أننا لا نؤيد بعضها والناص على الحبس، فعلاً أصبح الموقع أكثر نظافة ، وأصبح اغلب المُغردين لُطفاء جداً،  واختفت الأساليب الوقحة بالرد ، لأن كل ما يُكتب مخالفا للقانون له عقاب، نعم عدت ورحت أتفاعل ولكن بشكل محدود وحذر .
   "تويتر" من عائلة شبكات التواصل الاجتماعي،  موقع تأسس من قبل أربعة شباب أمريكان عام 2006 ، وأحدث وغيره من تلك المواقع تغير في العالم ، ويقال أن هذه الشبكات اكبر حدث هام في تاريخ البشرية بعد اختراع الطباعة، فقبل اختراع الطباعة كانت المعرفة لا تصل لكل الناس ، وبعد طباعة الكتب وصلت المعرفة لفئات اكبر ، لكن مع ظهور شبكات التواصل ومنها تويتر، جعلت الخبر والمعرفة تُنقل بسرعة البرق للجميع ، وصار للفرد قوة اكبر فقبلها حتى يتمكن من إيصال صوته عليه أن يلجا لوسيلة ما ، صحيفة أو قناة تلفزيونية أو غيرها وهذه أما تملكها أنظمه سياسية أو جهات متنفذة .
   لقد أصبح الإنسان الفرد بفضل تلك الشبكات أكثر حرية، وأكثر قوة ،حيث بإمكانه خلق صحيفة بنفسه عبر مدونة،  وإبداء الرأي بدون رقيب يتتبع ما  يكتب ، فعلا تغير العالم بعد تأثير قوة هكذا مُنتجات واعني مواقع التواصل ومنها الفيس بوك والتويتر والمدونات وغيرها، لقد غيرت مجرى تاريخ الإنسانية ، وحركت ثورات في بلدان عدة ومنها الربيع العربي وأزالت حكام ، وأزالت مؤسسات صحفية كبرى في العالم ، وقلصت نشاط شركات الإعلانات أو بعضها اختفى  ، وأصبح للمؤثرين صوت بدون أن يكون هناك وسيط .
   هي منتجات جديدة غيرت وجه العالم لها سلبيات جمة كما لها ايجابيات ، لكن لا نعرف ما الذي سيقدمه المستقبل القريب لنا من أدوات تغير وجه العالم ، كما غيرني وأزعجني ذلك الموقع المزعج الجميل " تويتر " .
 ________________
*هذا المقال نشر بمجلة الكويت عدد مايو 2019 

الجمعة، 12 أبريل 2019

رحلة الى قصر الخليفة العباسي



رحلة إلى قصر الخليفة العباسي
كتب : حمد الحمد
   __
في الرف العالي بمكتبتي يقبع ذلك الكتاب المُهم ، عنوانه " رحلة بنيامين التطيلي " صادر عن دار صفحات للنشر عام 2014 ، أهمية الكتاب تكمن أنه ينقل محتوى أقدم مخطوطة أوروبية من أدب الرحلات تتحدث عن مُدن عربية ومنها بغداد ، وكاتب المخطوطة هو بنيامين التطيلي من احد مدن اسبانيا ، وتاريخ الرحلة بين أعوام 1165 إلى عام 1173 ميلادي ، و الكاتب كتبها باللغة العبرية وهي لغته وقد ترجمت، ولكن ما يهمنا من محتواها ما كتبه هذا الرحالة الأسباني عن مدينة بغداد عندما كانت تحت حكم الخليفة العباسي الحافظ " وقد بين مُترجم مادة الكتاب أن الخليفة في تلك الفترة هو المُستنجد" وقد يكون الحافظ احد ألقابه ، وقد كتب الفقرات التالية عن بغداد وهي بين أقواس :
   " بغداد المدينة الكبرى ، كرسي الخليفة أمير المؤمنين العباسي ، وقصر الخلافة في بغداد واسع الأرجاء تنوف استدارته على ثلاثة أميال ، تتوسطه روضة غناء ، فيها أشجار مُثمرة وغير مثمرة من كل صنف ، وفيها من الحيوان ضروب كثيرة ، وفي الروضة بحيرة واسعة يأتيها الماء من حدقل " دجلة" ، يخرج إليها الخليفة للصيد والنزهة ، وقد جُمعت فيها أصناف الطير والسمك لرياضة الخليفة و وزرائه ورجال بطانته وضيوفه "
   " وفي القصر يعقد الخليفة العباسي مجلس بلاطه ، وهو على جانب عظيم من الصلاح والتقوى ،وهو موصوف بالتقوى والصدق والاستقامة وطلب الخير للجميع ، والمسلمون لا يشاهدونه إلا مرة في العام عندما يتوافد الحجاج من كل فج بطريقهم إلى مكة "
  " وفي قصر الخلافة من الأبنية ما يحير العقول، ففيه الرخام والأساطين المزوقة بالذهب ، المُزينة بالحجارة النادرة المنقوشة بالريازة البديعة تكسو الحيطان ، وفي القصر كنوز وافرة "
  " وعندما يتحرك موكب الخليفة ، يحف به نبلاء المسلمين وسُراتهم ، وكلهم رافل بالحلل الزاهية فوق صهوات الخيول ، وهم أمراء العرب وعظماء الترك والديلم وفارس والغز والتبت ونواحي سمرقند التي تبعد مسيرة ثلاثة أشهر عن بلاد العرب،  ويتوجه إلى المسجد الجامع في باب البصرة وتزين جميع الطرق والأسواق التي يمر بها ، فيستقبله الناس بالهتافات والتهاليل ، فإذا ما دخل الجامع يرتقي منبراً من خشب فيشرع في إلقاء خطبته على الجماهير ويفسر لهم أحكام شريعتهم "
·           " وهناك في غرب بغداد المارستان وهو مجموعة البنايات الواسعة يأوي اليها المعوزون من المرضى رغبة في الشفاء وعليه عدد من الأطباء عددهم ستين طبيباً يعالجون المرضى ويطبخون لهم الأدوية ويتم التجهيز من بيت المال ، وهناك دار المارستان وهي للمجانين المغلوبين على عقولهم ويعيشون تحت نفقة الخليفة "
  وما لفت انتباهي مما قرأت تلك الفقرة التي تذكر أن الخليفة يأكل من تعب كفيه ، إذ يصنع الشال المُقصب ويدمغه بختمه ، فيبيعه رجال بطانته فيعود عليه بالأموال الوافرة ، وهذا نهج ما زال يتبعه الملوك الانجليز منذ زمن طويل حيث يباع ليومنا هذا  في الأسواق منتجات عليها ختم الملكة .. فهل اخذ الانجليز هذا النهج من العرب .. قد يكون كذلك .
__________________
*نشر المقال بمجلة الكويت عدد 426  بشهر ابريل 2019.  

الخميس، 21 مارس 2019

سوق رائجة للسرد .. ولكن !!


سوق رائجة للسرد .. ولكن !!
كتب : حمد الحمد
________________
   يُقبل علينا معرض الكتاب ، وتزدحم أرفف دور النشر بالإصدارات الجديدة ، وعندما نتحدث عن "السرد" نعيش مرحلة الدهشة ، حيث عشرات الأعمال السردية مجموعات قصصية وروايات وغيرها بأسماء عدد من الشباب الكويتي ، وتفرح لذلك،  لكن لا تستطيع أن تقتني كل إصدار لتتبين الأفضل من تلك الأعمال ، لهذا نقع في إشكالية ، حيث تضيع الأعمال المُتميزة بين هذا الكم الهائل الذي يصدر سنويا ، ولا نجد لها صدى .
    اذكر أنني مررت على دار نشر ، ولمحت كتاب كُتب على غلافه بالخط العريض "الطبعة 21 " لمؤلف أول مرة اسمع اسمه ، استغربت الأمر، تصفحته إلا وخليط من شي لا اعرف ما هو، سألت البائع "هل فعلا وصل للطبعة ال 21 ؟"، قال  نعم ، وعليه إقبال كبير .
  وقرأت مرة قول قارئة كانت تقف على رأس شاب كان يوقع روايته الأولى وكان يقول " تصدقين هذه روايتي الأولى رغم أنني لم اقرأ في حياتي رواية !!" ، السؤال هنا هل نشن حملة على تلك الإصدارات ونوقفها كما يُطالب البعض ، طبعا لا ، الكتاب مُنتج مثل أي منتج تجاري،  هناك الجيد والممتاز والسيئ منه ، لهذا المنع ليس الحل الأمثل ، أنما علينا تشجيع الجميع على الكتابة ..
    في أمريكا وأوروبا وغيرها من دول تجد ألاف الإصدارات على أرفف المكتبات تصدر شهريا ، لكن هل جميعها يستحق القراءة ؟ ، طبعا ..لا.. بل أن الكثير لا يحقق أية مبيعات، والبقية تصمد ، ومن يصمد من الكتاب يُكتب له الثراء والنجومية ، ونتذكر مؤلفة روايات "سلسلة هاري بوتر" الأديبة الانجليزية ج. ك. رولينج ، التي قدمت أول مخطوط لروايتها " هاري بوتر " لعشرة دور نشر ، تسع دور رفضت نشر العمل كونه غير صالح للنشر ، ودار واحدة قبلت نشر تلك المخطوطة،  وألان المؤلفة أغنى كاتبة في العالم بعد نشر تلك الرواية ، وثروة الكاتبة تعادل حاليا ثروة الملكة اليازابيث ، بينما كانت المؤلفة قبل ذلك فقيرة الحال لا يتوفر لديها المال لدفع فاتورة تدفئة شقتها الصغيرة لهذا كانت تكتب روايتها في قهوة تحت شقتها الصغيرة لتعيل طفلتها بعد طلاق تركها في حالة صعبة وبلا مورد ، وهنا ندحض القول العربي الشائع " أن الأدب لا يوكل خبز " .
   اعرف كتاب وكتابات من الشباب أعمالهم مُتميزة خرجت للنور في السنوات الأخيرة ، لكن للكم الهائل من الأعمال التي تخرجها دور النشر ضاع هؤلاء،  وبعضهم أحبط ولم نرى لهم أي وجود بعد ذلك .
    ما العمل .. اعتقد دول متقدمة تغلبت على ذلك حيث قامت مؤسسات وصحف بإصدار مؤشر يومي أو شهري لأفضل الكتب مبيعاً ، وبذلك تصل رسالة للجميع عن الأفضل بين الكتب ، وتصل رسائل معنوية للكتاب عندما تصبح إصداراتهم ضمن المؤشر أ و القائمة .
      لهذا لا يوجد مخرج بتجاوز ما نتحدث عنه،  إلا أن تقوم مؤسسات رسمية أو أهلية بهذه المهمة ، نتمنى ذلك لو أنني لا اعتقد ..!!
_________________
( مقال نُشر لي بمجلة الكويت عدد ديسمبر 2018 الصفحة الأخيرة )