الجمعة، 27 أكتوبر 2023

الأحداث والحكومة والشارع

 

الأحداث والحكومة والشارع

كتب : حمد الحمد

أحداث مُؤلمة تجري في غزة، حيث تكالب عليها الأعداء من إسرائيل والغرب بأكمله وأميركا مُتعاطفين وداعمين، وتحرك الشارع العربي والعالمي بمظاهرات مؤلفة في المدن والشوارع، لكن القصف ما زال يُدمّر البشر والحجر والشهداء يتساقطون إلى يومنا هذا.

والشارع في الكويت بطبيعته ما زال يقف بقوة مع الحق الفلسطيني، ونشهد ذلك في تجمعات ساحة الإرادة، ومقاطعة منتجات غربية، وهذا أمر طبيعي أن يتعاطف الشارع مع إخوانه في غزة، وهو يشاهد المجازر والحصار الذي يلحق بالمدنيين حيث يهجرون من دورهم حيث لم تتبق دور.

لكن من المُلاحظ أن الإعلام الحكومي الكويتي الرسمي من تلفزيون وإذاعة انزلق بعض الشيء وأصبح جزءاً من الشارع، من دون أن يأخذ بالاعتبار أن الكويت دولة صغيرة ومرتبطة بمعاهدات مع دول كبرى لحمايتها عند أي خطر، لهذا يفترض من الإعلام الحكومي أن يعي موقع البلد ومصالحه، وألا نُشاهد وزيراً من الحكومة في ساحة الإرادة، ولا يُعرف من يُمثل هل يمثل نفسه أم ماذا؟، والوزير يسمع الصيحات التي تطلق حوله ومن دون وعي من الشباب ضد دول حليفة وصديقة، ولا تأخذ مصالح البلد، خصوصاً أننا عانينا ما عانينا عام تسعين.

وفي هذا السياق، أذكر ما نُشر في كتابي «الكويت في زمن الأربعينيات والخمسينيات» حيث قابلت 51 شخصية يعون تلك الفترة من الزمن، حيث قال الدكتور عادل العبدالمغني التالي:

«يذكر والدي أنه خلال الحرب العالمية الثانية، أهل الكويت ضد الإنكليز ويميلون لألمانيا وهتلر وضد معسكر الإنكليز، ويعتبرون الإنكليز استعماريين ومحتلين لبلدان عربية، بينما موقف حكومة الكويت آنذاك في عهد الشيخ أحمد الجابر، صريح مع الإنكليز، وكان الوالد وزميله في العمل يسألان الشيخ عبدالله السالم، حيث كان يتردّد عليهما، عن موقف الحكومة المُتضامن مع الإنكليز ولماذا؟، فيرد الشيخ عبدالله السالم، قائلاً:«لا حنا عندنا اتفاقية مع الإنكليز شنسوي ومربوطين معاهم ما نقدر نفتك عنهم، وهم اللي يحموننا، والحين بدوا يكتشفون النفط، بس هذا هتلر ثوري ومتوسع».

ما نعنيه أن يتضامن إعلامنا الحكومي مع إخوانه وهذا واجب بلا شك، لكن ألا ينزلق أكثر حتى يصبح هو صوت الشارع من دون أن يأخذ مصالح البلد وأمنه ومستقبله، لهذا الحذر واجب.

 

https://www.alraimedia.com/article/1662344/مقالات/الأحداث-والحكومة-والشارع

المقاطعات الرسمية والمقاطعات العاطفية العشوائية

 

المقاطعات الرسمية والمقاطعات العاطفية العشوائية

كتب: حمد الحمد / الرأي 26 أكتوبر 23

كتبت قبل أيام جُملة أعجبت البعض وهي «لا تعطِ طفلاً مسدساً ولا تعطِ سفيهاً ميكرفوناً»، بمعنى أن خطورة المسدس بيد طفل تُعادل الميكرفون عندما يمسكه سفيه أو شخص غير ذي صفة، ويتخذ قرارات ويُطالب الناس أن تفعل كذا وكذا.

تاريخ الدعوة للمقاطعة، ليس أمراً جديداً علينا، ونعرفها رسمية تصدر من الدولة بعد دراسة مجريات الأحداث وتُقر من المجلس النيابي وتأخذ مفعولها على أرض الواقع كمقاطعة الكيان الصهيوني.

لكن هناك مُقاطعات عاطفية عشوائية تصدر من أشخاص أو جهات لا صفة لهم، ولا يحق لهم إصدارها، ولو أن بعضها له أسباب جوهرية، إلا أنها تصدر من غير ذي صفة ومن دون دراسة، ونذكر هنا مُقاطعة المنتجات الدنماركية أو السويدية أو غيرها، التي صدرت من قبل من جهات مثل اتحاد الجمعيات التعاونية وليس من الدولة، لكن مفعولها وقتي ولا أثر لها في ما بعد، جمعية ما تُعلن أنها ترفع مُنتجات الدولة الفلانية من رفوفها، ويتجاوب معها الناس في حينه، لكن كونها غير مدروسة فإن المُتضرر من قرار المُقاطعة هو التاجر المحلي الذي يملك البضاعة، لكونه قد دفع ثمنها مسبقاً، ولا يتضرر في حينه تاجر بلد المنشأ، لكن لو كان القرار عملياً ومدروساً لكان من جهة رسمية، ويكون بدء مفعوله مثلاً بعد فترة من الزمن وليس في لحظة الحدث، لكن ما يحدث مُقاطعة لأسبوع وتُضرر المورد المحلي، وبعد أسبوعين كأن لم يحدث شيء، وتعود المُنتجات للرفوف وبقوة.

ضرر هذه المقاطعة العاطفية العشوائية مزدوج، حيث لا يتضرر الطرف الأجنبي إنما الضرر الأكبر على الجهات المحلية التي تمت مُقاطعتها، ونحن نتحدث عن ما يحدث هذه الأيام في أحداث غزة المؤلمة، شخص ما يُمسك الميكرفون أو السناب ويأخذ قراراً بمقاطعة كذ وكذا بالاسم لأنه أجنبي، ويُطالب الناس بالفعل نفسه، هنا لا صفة له عندما ذكر مسمى كافيه أو مطعماً مُحدداً، ولم يذكر كافيهات أو مطاعم أخرى، ويتجاوب معه الناس وخاصة الشباب، بل الأخطر من ذلك أن عدداً من المراهقين يقومون بجولات بوليسية لمعرفة من لا يُنفذ القرار، بل والقيام بتخريب واجهات المرافق الخاصة، ووفق مصدر أن الكافيه الواحد فقط لو أغلق أبوابه لو طالت المقاطعة، لخسر 14 ألف شخص عربي أسباب رزقهم عند الاستغناء عنهم.

المُلاحظ من هذه المقاطعات العشوائية أنها تثبت أننا شعب «أكول» في المقام الأول، فمقاطعتنا فقط في الأكل والمطاعم والكافيهات والمنتجات الغذائية، رغم أن الدول الذي سنقاطعها تنتج كل المُنتجات في حياتنا من سيارات وأجهزة كهربائية وأدوية وتلفونات وقنوات وغيرها، ولكن عندما نقاطع، نُقاطع كل ما يؤكل، وهذا فعلا أمر غريب ويحتاج دراسة.

سؤال لماذا المقاطعة عشوائية انتقائية رغم أن كل الدول الغربية والآسيوية وقفت بجانب إسرائيل بقوة، الأخطر من ذلك أن تنتشر في الكويت لوحات إعلانية في الشوارع من جهة مجهولة وبموافقة الدولة ممثلة بالبلدية تُطالب بالمقاطعة، لكن لم تُحدد أي الدول نُقاطع، مُغرد ذكر أن الهند هي أكثر دولة ساندت إسرائيل، لماذا لم يكن هناك دعوات لمقاطعة مطاعم البرياني والاستغناء عن الخدم والسواق من منازلنا أو العمالة في شركاتنا؟!

الذي مسك الميكرفون أو بموقعه في «السناب» أو «الانستغرام» وغيره، وطالب بمقاطعة منتج مُحدد بالاسم، ألا يعي أنه بعد انتهاء الحرب أو الأزمة، أن بإمكان صاحب العمل أو الشركة المتضررة أن ترفع عليه شكوى وتقاضيه قانونياً، طبعاً يحق لها ويفترض عمل ذلك، حتى يجب ألا تمر هكذا دعوات من غير ذي صفة بالمقاطعة، وأن تمر مرور الكرام وتسبّب خسائر وسمعة.

أخطر ما في الأمر مع سكوت الدولة التام أن معظم المُنادين بالمقاطعة والمنجرفين نحوها بقوة هم من الشباب والمراهقين والصغار والعديد من الكبار ونواب منتخبين كنا نغبطهم بعقل!، وكأنهم لا يعون أن أمن الوطن مُعتمد على الله ثم على معاهدات مع الدول الذين ينادي الكثيرون بمقاطعتها بينما معسكراتها على أراضينا... لهذا أين العقول النيرة؟، وكأننا لم نمر بتجربة قاسية من قبل.

لهذا، بالختام علينا أن ننظر لمصالحنا قبل الانجراف نحو عواطفنا والله الحافظ.

 

https://www.alraimedia.com/article/1662888/مقالات/المقاطعة-الرسمية-والمقاطعة-العاطفية-العشوائية

 

الجمعة، 20 أكتوبر 2023

جمعياتنا التعاونية .. تغذية البطون قبل العقول

 

جمعياتنا التعاونية .. تغذية البطون قبل العقول !!

كتب : حمد الحمد  

الجمعيات التعاونية في الكويت مشروع ناجح، لكن في جانب آخر فاشل بامتياز، فهُناك ما يُقارب 70 جمعية تعاونية، أراضيها أملاك دولة، إلا أنها لا تخدم أهداف الدولة، ومن أهمها دعم الثقافة والفكر.

ادخل جمعيتك تجد في الملحمة لحماً، وفي المسمكة سمكاً، وفي المخبز خبزاً، وفي المطعم طعاماً، وفي الكافيه قهوة ومحل نخي وباجيلا وغيره، وكل تلك تغذي البطون، لكن ادخل المكتبة لا تجد كتباً، إنما فقط أوراق وأقلام وقرطاسية، أصحاب المكتبات يقولون إن ترخيصنا قرطاسية فقط، وبمعنى أصح «الكتب لا توكل خبز».

الدولة مُمثلة بوزارة الإعلام تصدر المجلات والكتب القيّمة، منها مجلة العربي والكويت وعالم المعرفة وعالم الفكر وغيرها، ومركز البحوث والدراسات الكويتية يُصدر شهرياً كتباً تاريخية عدة عن الكويت، وجامعة الكويت تصدر مجلات مُحكمة، ورابطة الأدباء أعضاؤها بالمئات يصدرون عشرات الكتب، لكن مصيرها إما المخازن أو البيوت، ولا تجد رفاً في جمعياتنا، ولا تصل إلى المواطن الكويتي الذي سكنه في الضواحي حيث الجمعيات، لهذا اتحاد الجمعيات التعاونية يبدو أن ليس في أهدافه ولا خططه، إلا دعم البطون أما تغذية العقول فلا وألف لا.

الكويت تحتل المركز الأول في السمنة، لهذا جمعياتنا هدفها الأول هو تكبير الكروش، وليس ترويج ما يُكتب في الطروس، وكلمة الطروس مفردها طرس، والطرس هو الورق، وهي كلمة فصيحة من لهجتنا القديمة، لهذا يقول الشاعر زيد الحرب: «أو شاعرٍ بيطار في نظم الاشعار قصايده بالطرس كلٍ سطرها»، وكذلك يقول الشاعر عبدالله الدويش: «دن لي يا صاح حبر في دوات والقلم جره على طرسٍ جديد».

في هذا السياق كان لي تجربة مؤلمة وطريفة، فعدما صدر لي أول مجموعة قصصية عام 1988م، أخذت مولودي الجديد فرحاً لجمعية ما، وقدمت نسخة لمدير المبيعات، نظر لي باستغراب، وكأنه للمرة الأولى يعرف أن هناك شيئاً اسمه كتاب، وقال «نريد ثلاث حبات!»، ولا ألومه كونه مُعتاداً على التعامل مع صناديق الطماطم والبصل والثوم وليس الكُتب، وموزع كتابي في حينها أخبرني أن مُدير مبيعات في جمعية ما، من أول نظرة رفض الكتاب، بحجة أن في الغلاف صورة فتاة «مطلعة» شعرها بمعنى غير مُحجبة. لهذا مطلبنا نحن الكُتّاب للجهات الحكومية أن تسمح أو تُلزم الجمعيات بنشاط محل بيع كتب أو مخزن كتب أو بوك شوب، من أجل إتاحة الفرصة للمواطنين في ضواحيهم وجمعياتهم الحصول على الكتب التي تصدر... نتمنى ذلك.

https://www.alraimedia.com/article/1661853/مقالات/جمعياتنا-التعاونية-تغذية-البطون-لا-العقول

الخميس، 12 أكتوبر 2023

صديقي الأمريكي .. والحرب

 

صديقي الأمريكي ..والحرب

كتب : حمد الحمد / الراي 11 أكتوبر 23  

قبل الغزو العراقي كنت في باريس، وبعد ما حدث انتقلت مع عائلتي للرياض، وكنت أشعر بالألم وأنا أشاهد المظاهرات لشعوب عربية وإسلامية تساند المُعتدي، وقبل الضربة الجوية كنت في عيادة أسنان خاصة في الرياض، والطبيب الذي كان يُعالج ابنتي طبيب أميركي شاب، قلت له: «هل تتوقع أن الجيش الأميركي جاد في تحرير الكويت»، استنكر سؤالي وقال «وهل تتوقع أن جيش صدام المُهترئ سينتصر على الجيش الأميركي»، وأضاف قائلاً «الكويت ستتحرر وستكون بعد شهر في بلدك» فرحت للرد: وقلت له هذا وعد: «أنا أعاهدك إذا تحررت الكويت سأرسل لك فيزا لزيارتها».

وخرجت من العيادة، وماهي إلا أيام قليلة حتى بدأت الضربة الجوية، وتم تحرير الكويت بعد حين، وعدت في مارس 1991م للكويت المُحررة، ولم أنسَ وعدي لصديقنا الأميركي، وأرسلت له فيزا وجاء بالحال بسيارته، وكانت ضيافته على حسابي لأربعة أيام، وأخذت معه جولة من جنوب الكويت إلى المطلاع ليأخذ صوراً وبعدها عاد للرياض.

عموماً الحروب دمار وليست لعبة، ولها أصول واستعداد، لكن لا يُعقل أن يدخل تيار أو حزب أو ميليشيا في حرب مع دولة مُعترف بها، ولها حلفاء وينتصر آخر الأمر، أن تدخل حرباً من دون حسابات دقيقة و من دون أن يقف معك حلفاء، النتيجة معلومة في آخر الأمر.

فإمبراطور اليابان لو يعلم أن ضرب جيشه لبيرهاربر الأميركي عام 1941م سيقود لضرب مدنه بالقنابل الذرية واحتلال دولة اليابان بأكملها من قبل الجيش الأميركي لما فعلها، ولو يعلم من ضرب أبراج أميركا في 11 سبتمبر بالطائرات أن نتيجة هذا الفعل سيتم احتلال دولتي أفغانستان والعراق لما فعلها، ولو يعلم صدام أنه باحتلال الكويت سينتهي حكمة وسيتم احتلال العراق بأكمله لما فعلها، وبوتين لو يعلم أن دخوله لأوكرانيا سيستمر لأكثر من سنة لما دخلها.

عموماً العواطف لا تحرر أوطاناً، والجيوش النظامية لها عقيدة وأسس مع التعامل مع غير المقاتلين من البلد المهزوم، الإسلام انتشر بفعل عقيدة مُهمة وهي التعامل بالحسنى مع المدنيين من أطفال ونساء وكبار سن وكذلك عدم قطع شجرة.

ما يحدث الآن في غزة نتيجته أتت على لسان سيدة فلسطينية تقول «أنا تحت ذمتي 15 شخصاً كيف أطعمهم، نحن نتمنى أن يكون هناك حل سلمي (احنا ما نريد ان نكون في حروب... في حروب)»، تقول هذا الكلام الذي يمثل المدنيين الأبرياء الذي من أول ضربة للعدو تشرد منهم 23 ألف فلسطيني.

لهذا نتمنى من القيادات الفلسطينية أن تعود لإخوانهم في الصف العربي، وتسمع نصائح وحلولاً من قيادات عربية من المملكة العربية السعودية والأردن والمغرب والخليج لإيجاد حل سلمي، بدلاً من وضع يدها بقيادات تمثل الخط المُتشدد من تيار العسكر في إيران، حيث من أكثر من أربعين سنة وهم يعدون بتحرير فلسطين، ومع هذا لم يطلقوا ولا طلقة واحدة على العدو.

غير ذلك فتشرد وتشتت للشعب الفلسطيني المسكين الذي عاش الويلات من حروب عبثية نتائجها مُدمرة، ولا يعلم مآسي التشرد إلا الكويتي الذي عاصر أيام الاحتلال وأنا أحدهم.

https://www.alraimedia.com/article/1660632/مقالات/صديقي-الأميركي-والحرب

الثلاثاء، 10 أكتوبر 2023

في بيتنا مذهبان !!

 في بيتنا مذهبان !!

كتب : حمد الحمد

في «بيتنا مذهبان» هذا الكلام أو العنوان جاء على لسان الأستاذة صبيحة عابدين، وهي صيدلانية وإعلامية كويتية بثت رسالة طيبة المعنى لمَنْ يتابعها في الانستغرام، وجاء على لسانها التالي:

(سأقول لكم، أنا ووالدتي من مذهبين مُختلفين في البيت الواحد، إذا كان هناك مناسبات دينية مثل صلاة العيد، أقول لوالدتي هل أذهب معك أو تذهبين معي؟ لماذا؟ لأن في الحالتين والمكانين كُلنا سنشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهذا ما جُبل عليه أهل الكويت أصلاً، لهذا لديّ رسائل، الرسالة الأهم أن ديننا علّمنا أن نحترم باقي الأديان، فما بالك في باقي المذاهب في الدين الواحد، لنفترض أن أحد الأشخاص من مذهب مُعيّن أساء لمذهب آخر، هذا لا يعني أن كل أتباع ذلك المذهب هم مسيئون، وليس دورنا في الحياة أن نقنع بعضنا البعض، لأن الإنسان إلى أن يموت هو باحث، رسالتي إلى الجميع علينا أن نُعلّم أولادنا المحبة وتوحيد الصفوف، لأن الدين لله، والأرض للجميع).

نخرج من هذا الحديث الطيب والموزون للأستاذة، إلى أن التعصب هو أمر بغيض، وأن التصالح والمحبة مع الآخر هي طبيعة البشر الأسوياء، والمُفكر الدكتور فؤاد زكريا، رحمه الله، في كتابه «التفكير العلمي» الصادر عن عالم المعرفة، أفرد جانباً مُهماً للتعصب، حيث يقول:

«إن التعصب هو اعتقاد باطل أن المرء يحتكر لنفسه الحقيقة أو الفضيلة، وأن غيره يفتقرون إليها، ومن ثم فهُم دائماً مخطئون أو خاطئون، فحين أكون متعصّباً، لا أكتفي بان أنطوي على ذاتي وأنسب اليها كل الفضائل، بل ينبغي أيضاً أن أستبعد فضائل الآخرين وأنكرها وأهاجمها، والتعصّب عقبة في وجه التفكير العلمي».

شخصياً اعتقد ان التعصّب يبدأ من الأسرة، عندما يزرع أفراد الأسرة داخل المنزل التعصّب لمذهب أو مكون عائلي أو قبلي، وتشويه كل ما هو مُخالف، لهذا يثير بعض الآباء والأمهات قضايا سنة وشيعة، وبدو وحضر، وكويتي وغير كويتي، وأسرتنا وأسرتهم، واصلنا وفصلنا، هنا تكبر نبتة التعصّب لدى الأبناء، وهذا أمر بغيض، ويخلق شخصيات مُتعصّبة.

لكن أخطر من ذلك أن تقوم أنظمة دول بدعم إعلامي أو تعليمي عبر أجهزتها لروح التعصّب، وبهذا تَخلق فتناً تقود إلى دمار بلدان وأجيال.

https://www.alraimedia.com/article/1660279/مقالات/في-بيتنا-مذهبان

الأربعاء، 4 أكتوبر 2023

كويتنا .. هل اصبحت جنة للنصابين ؟

 

كويتنا .. هل أصبحت جنة للنصابين ؟

كتب : حمد الحمد    / الراي 4 أكتوبر 2023

هناك قول شعبي قديم، ولكن مازال يتداوله الناس وهو «سود الله وجهك»، والقول دعوة غير حميدة، والكثيرون لا يعرفون معناه، وهو يعود لأزمان قديمة، حيث في السابق إذا ارتكب شخص ما جرماً وحَكم عليه القضاء بالحبس، قبل الحبس يتم تسويد وجهه بلون الفحم، وبعد ذلك يوضع على حمار، أكرمكم الله، ويُطاف به بالسوق ويُعلن للعامة أن هذا فلان بن فلان ارتكب الجُرم المشين، والفعل هذا لأجل إعلام الناس بفعلته، وكذلك ليكون عبرة للآخرين.

لكن هذه الأيام في الكويت يصدر القضاء أحكاماً على الكثير من المواطنين والمُقيمين، ولكن لا أحد يعرف عنها، لهذا يستمر الجُناة بما يرتكبون من جرائم، وخاصة النصب على الأبرياء.

لهذا أصبحت الكويت جنة للنصابين، حيث النصاب يمشي في البلد ورأسه مرفوع، وخاصة بعد الغاء الضبط والإحضار، وصحفنا هذه الأيام تزخر بأخبار النصب، وتلك الأخبار موثوقة ومن جهات رسمية.

من الأخبار غير الجميلة أخيراً في صحفنا، القبض على نصاب هندي مطلوب مليون دينار، وعليه أحكام بـ38 قضية، وكلها نصب وسرقات واحتيال وخيانة أمانة، وإقامته منتهية منذ 9 سنوات، وصادر بحقه 16 حكماً جنائياً بالحبس واجب التنفيذ، ومؤكد الأخ غير المحترم حول المليون وغير المليون إلى بلده ودخل السجن، وحالياً «شارب اكل على حساب المال العام».

وسالفة أخرى قبل يومين صدر حكم بالحبس على مُقيم عربي سبع سنوات لقيامه ببيع عقارات وهمية، حيث جَمع ما يُقدر بـ25 مليون دينار، ومرفوع ضده 100 قضية بالمحاكم الكويتية، والأخ حالياً هارب خارج الكويت.

هذا غيض من فيض ناهيك عن قضايا النصب العقاري التي ضحاياها بالآلاف من المواطنين، لهذا أنا شخصياً بصفتي مواطن في عام 2017 م، راسلت وزارة الداخلية مرتين، وطالبت بعمل موقع أو شبكة في النت للمطلوبين يطلع عليها العموم، ونشر أسماء من عليهم أحكام نهائية من القضاء لإعلام المواطنين بخطرهم، لكن للأسف لا مُجيب.

لهذا كويتنا أصبحت جنة للنصابين، وضحاياهم يأكلون الحصرم، والحصرم هو العنب غير الناضج الحامض، ويأتي القول من الإنجيل كما ذكر أحدهم، بمعنى النصاب يأكل العنب الناضج، والضحية يأكل غير الناضج.

والله يعين الأبرياء على أكل الحصرم، لكن هل يستجيب الشيخ طلال الخالد، وزير الداخلية النشط لمقترحنا، وينفذ شبكة المطلوبين ويحمي الناس؟ أتمنى ذلك.

https://www.alraimedia.com/article/1659404/مقالات/كويتنا-هل-أصبحت-جنة-للنصابين

____________________________