الأحد، 20 نوفمبر 2022

 

 

أنا وأيام الغزو والتحرير .. مذكرات مؤجلة

كتب : حمد الحمد

مذكرا مؤجلة

   كتاب جديد يُضاف إلى المكتبة الكويتية جاء بعنوان : "أنا وأيام الغزو والتحرير " لمؤلفه الدكتور جمال العقيلي والصادر عن منشورات دار ذات السلاسل ب 139 صفحة من القطع المتوسط يقول المؤلف : " جاءت فكرة توثيق مذكراتي الشخصية لجعلها متوفرة للأجيال القادمة لمعرفة حكاية إنسان كويتي مر بتجربة صعبة أثناء الغزو العراقي على دولة الكويت "

    والكتاب مُقدم إلى الذين قدموا ارواحهم فداء للكويت وإلى الكويتيين الصامدين الذين تمسكوا بارض الكويت ، وهناك شكر لكل الدول والشعوب التي ساهمت بتحرير الكويت .

   جمال العقيلي كان احد الطلبة المُبتعثين في الولايات المتحدة ، وما أن سمع أن هناك دعوة من الجيش الأمريكي لقبول متطوعين لتحرير بلاده،  لبى النداء وترك دراسته واسره والتحق بقوات التحالف .

   الكتاب من سبعة فصول أولها "صيف حافل" ويليه فصول "إلى واشنطن"  و"هنا الدمام " و"إلى رفحة " و"جاءت البشرى" والفصل السادس "العودة إلى أمريكا والفصل الأخير عنوانه "ذاكرة الصور" .

    الكتاب مُتقن الصياغة يحكي أيام المحنة ، وكيف تصرف طالب مُبتعث عند سماع خبر احتلال وطنه بالكامل ، وانت تقرأ ، لا تقرأ رواية من نسج الخيال ،إنما احداث حقيقية على لسان شاب ، احداث بدون إضافات انما حقائق .

 

 

ماذا حدث لبلدكم الكويت ؟

   في  فصل " صيف حافل "يذكر المؤلف " كان صيف 1990 حافلاً بالكثير من الاحداث أولها حفل التخرج بعد حصولي على شهادة الماجستير بعلوم المكتبات ، وكنت في طريقي لإكمال مقررات الدكتوراة ، الا إن كل المشاريع تجمدت "

   وفي فصل " ماذا حدث للكويت " يذكر المؤلف : " كنت في مكة المكرمة في يوم 2 أغسطس 1990 في احد الفنادق مع زوجتي حيث فاجأني مدير الاستقبال بسؤاله : " ماذا حدث في بلدكم الكويت ، وهل  صحيح وقوع انقلاب عسكري ؟ " ، " لم أتمكن من الرد لأنني لا اعلم شئياً عن الامر ،  صعدت إلى غرفتي واتصلت على والدي رحمه الله مستفسراً عما حدث فأجابني بصوت يحمل كل الألم : " ما دام انتم في اقدس مكان فعليكم بالدعاء على الظالمين الذين أحتلوا الكويت .. عليكم بالدعاء "

  وفي فصل " إلي واشنطن  عدت،  وتلقينا دعوة من سفارة الكويت ، وخلال اجتماع طالبنا بفتح باب التطوع ، وبعد حين قررت التطوع وبلغت زوجتي بقراري ، وتوجهت لمركز التطوع ، وعندما وصلنا الدمام كانت الروح المعنوية لدى المتطوعين وعددهم 300 متطوع كويتي عالية جداً .

كتاب يُمثل روح الشباب الكويت

   في الحقيقة استمتعت بمادة الكتاب ، وبأسلوب الكاتب وسرده المبسط لأحداث طواها التاريخ ، إلا أنها كانت أيام مؤلمة ، تفاصيل دقيقة بين ثنايا الكتاب ورحلة تطوع تضاف إلى أدبيات مرحلة صعبة من تاريخ بلدنا ، مذكرات الدكتور جمال العقيلي الذي تفرغ بعد التقاعد ليلملم أفكاره وهناك العديد من الصور التي تمثل " أيام الغزو والتحرير .

   كتاب يستحق أن يطلع عليه كل اجيالنا الحالية ، لمعرفة تلك الأيام التي كانت مرحلة مفصلية في تاريخ بلدنا .

الاثنين، 5 سبتمبر 2022

ادارة الانتخابات والتخلف عن الركب !!

 

أدارة الانتخابات والتخلف عن الركب !!

كتب : حمد عبدالمحسن الحمد

(هذا المقال لم يُنشر بالصحف لهذا الرجاء من يصله بالواتس اب يحوله لقروبات أخرى لتصل الرسالة)

_______________________

   هنا نتحدث عن عملية إدارة الانتخابات في الكويت ، هل هي تتوافق مع العصر والتقدم التكنولوجي ؟.. طبعا لا ، فما زال الاسلوب هو نفسه منذ فترة السبعينيات ، وكما نعلم مسئولية إدارة الانتخابات والتصويت وفرز النتائج من مُهام ثلاث جهات حكومية ، وزارة الداخلية وزارة العدل ووزارة الإعلام ، ولكن هذه الوزارات مُكبلة بالبيروقراطية وبقوانين تحتاج تعديل، فنجد أن لا تطور في العملية رغم جهود واجتهادات عديدة يشكرون عليها ، وهنا نعرض لنقاط مُهمة ومقترحات قد تحتاج دراسة وتقييم منها :

  أولاً : عند فتح باب الترشح يتقدم المواطن رسمياً للجنة الانتخابات ، ويوقع على الطلب، ويعقد مؤتمر صحفي ويُنشر اسمه رسميا كمرشح ويظهر اسمه وصورته بالصحف ، لكن بعد حين يصدر لمرشح ما قرار رسمي أنه غير مؤهل للترشح ويسقط اسمه ، هذا اجراء مُحرج لمن تقدم  وكذلك مُكلف بعد أن بدأ يستعد لحملته الانتخابية ، لهذ يفترض أن يُعاد النظر بهذا الاجراء وأن يُلزم كل راغب بالترشح بالبداية أن يرسل اسمه للجنة الانتخابات عبر موقع ما ،  فأما تجيز ترشحه  وهنا يبدا الترشح رسمياً أو ترفضه لأسباب ، وهنا عليه ان يقدم اعتراضه للمحاكم أن كان له رغبة.

   ثانياً : من شروط الترشح دفع خمسين دينار كتأمين ،وقد خلق هذا الشرط لنا ما يُسمى بالترشح العبثي ، والذي له أثر سلبي مُعطل ومكلف ، واستغله البعض بالترشح ودفع المبلغ الضئيل واخذ إجازة من عمله والسفر ، بينما هو قد كلف الدولة أكثر من هذا المبلغ بكثير لكثرة بث صوره في اجهره الإعلام و في لافتات أمام الجمعيات ، وبالنهاية عند إعلان النتائج ، نجد أنه لم يحصل إلا على صوت واحد ، و حتى لم يُشارك بالتصويت، وهذا قد حدث ، لهذا يفترض أن يتم رفع قيمة المبلغ ، أو اتباع أسلوب التزكية كما هو معمول به في بعض الدول ، مثلا أن يُزكي المرشح 100 ناخب من دائرته بكتاب، حيث ثبت أن البعض من البسطاء حتى افراد عائلته لا يدعمون ترشحه ، وترشحه فقط لحب الظهور، ولهذا للأسف يخرج علينا بين فترة وأخرى عدد من المُهرجين الذين يشوهون العملية الانتخابية ويشغلون المجتمع ، بل اثناء المؤتمرات الصحفية وبلا وعي يتلفظون بتصريحات وبمفردات غير مقبولة اجتماعياً .

   ثالثاً : من شروط الترشح "أن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها " كون أعمال المجلس باللغة العربية، والبعض يستهين بهذا الشرط ويطالب باستبعاده رغم أنه مُهم ، فهناك من يحمل الجنسية لأب كويتي، لكن يعيش في بلد أجنبي من الولادة  ولا يجيد اللغة العربية ، وكذلك لدينا أجيال جديدة من المُتخرجين من المدارس الأجنبية ، قد لا يجيدون الكتابة بالعربية أجادة تامة أو حتى القراءة ، وهذه أمْية جديدة للأسف !.

   رابعا : عملية الفرز وإعلان النتائج أكل عليها الدهر وشرب، رغم أن تاريخنا بالديمقراطية قد تجاوز نصف قرن ، فما زال عدْ الأصوات بأسلوب "حساب  الحمْاره بالشخط على الحائط " حيث نرى مشهد استخدام الشخط على سبورة وهكذا ، وهذا قد يكون مُناسب في الخمسة أصوات ، لكن في الصوت الواحد يفترض استخدام الطاولة كما يحدث في كل الدول ، حيث توضع كل الأوراق على طاولة ، وبعد ذلك تفرز أوراق كل مرشح في جهة تحت رقابة المندوبين ، وهذا اسرع من الفرز ورقة ورقة ، الأسلوب الحالي قد يكون مناسباً مثلاً في الصومال أو السودان حيث لا إمكانيات مالية ، أما عندنا فلا ،  لهذا يفترض ان تتعاون إدارة الانتخابات مع القطاع الخاص المُتطور تكنولوجياً ، فالبنوك الكويتية حيث تدير أموال الناس بالملايين قد سهلت على المواطن تعامله مع المال عبر تطبيقات وهو في منزله يحول أموال ويستلم ويرسل بثقة متناهية ولا أخطاء ، هنا لماذا لا نطور العملية بالانتخابات وجعل التصويت بأجهزة الكترونية موثوقة في مراكز التصويت ، يصاحبها تصويت ورقي لمن لا يستطيع التعامل مع تلك الأجهزة ، وعالميا نتابع الانتخابات ففي أمريكا فعدد سكانها اكثر من 300 مليون وفرنسا 65 مليون ومع هذا تُعلن النتائج خلال ساعة او ساعتين ، بينما نحن نقترب من أكثر من 700 الف ناخب ، وما زلنا مُقيدين بالعد والجمع اليدوي حيث يمر 24 ساعة وهناك تعثر في اعلان النتائج في بعض الدوائر ، لهذا منظر مسئولين مع احترامنا لهم وهم يجمعون ويعدون بالقلم والورق على شاشة التلفزيون ، هذا يفترض مشهد قد تجاوزه الزمن ، لهذا اذا كنا نثق بأجهزة الكمبيوتر تدير اموالنا ، فلماذا نتردد ولا نثق أن تدير اصواتنا ، لهذا التُخوف مبالغ به . 

   خامسا : النقل التلفزيوني مُبالغ فيه ومكلف رغم أنه جيد ،لكن لا معنى له ، حيث مناديب في كل مركز انتخابي وتصوير مسئولين حكوميين وهم يعدون الأوراق ويجمعون بالقلم بالورقة وحولهم مجموعة من الأشخاص لا نعرف ما هو دورهم ، كل هذا مُبالغ فيه ، والناخب يريد النتائج ، ولا يهمه النقل التلفزيوني المُكلف طوال اليوم ، فنقل تلفزيوني مُبسط غير مُكلف ومدروس يساهم بتوجه الناخبين لمراكز الاقتراع  مطلوب وضروري .

  سادسا ً: تمكين المرأة ضرورة ‘ فثبت ان المرأة الكويتية لظروف اجتماعية وصعوبة تواصلها من الناخبين الرجال قد لا يتاح لها بسهولة الفوز ودخول المجلس والمشاركة ، وهذا ثبت في الانتخابات الأخيرة حيث المجلس السابق يخلو من العنصر النسائي ، هنا لا يعقل أن مجلس شعب لا ممثل فيه  لمكون مُهم وهو المرأة ، التي هي نصف المجتمع ، لهذا علي المجلس القادم بدعم من الحكومة خلق "كوتا" للنساء في المجلس ، وأن لم يكن فبقانون ضرورة لاحقاً ، حيث في كل دول العالم المرأة لها مقاعد إلا الكويت للأسف ، وهذا مُحرج لبلد تدعي الديمقراطية وعريقة بها .

   سابعا : الحكومة الحالية تحت أوامر صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي عهده حفظهما الله ، اثلجت صدور الشعب وانقذت العرس الديمقراطي بالقضاء على نقل الأصوات وباعتماد البطاقة المدنية ، وكذلك بالسعي الجاد لمحاربة الانتخابات الفرعية وشراء الاصوات عبر مُلاحقة من يسعى لمخالفة القوانين وتحويله للنيابة  .

       أخيرا تلك أفكار طرأت على البال ، نتمنى ان تصل كرسالة وتعلق جرس، بأن أدارة الانتخابات تحتاج تطوير بين فترة وأخرى ، وأن إدارة مستقلة للانتخابات ضرورة عاجلة وليست آجلة .

______________

*المقال يتوفر كذلك في مدونتي اكتب في بحث جوجل ( مدونة الكاتب حمد الحمد ) للدخول عليها.

الكويت في 5 سبتمبر 2022 .

 

الاثنين، 29 أغسطس 2022

عبدالرحمن الغنيم .. فقدت الكويت مواطنا نادراً

 

 

عبدالرحمن الغنيم .. فقدت الكويت مواطناً نادراً

كتب : حمد عبدالمحسن الحمد

في رثاء المواطن الصالح

   يوم 17 أغسطس 2022 م، صباحا وصلتني رسالة من صديق تفيد بوفاة شخصية لها مكانتها في المجتمع الكويتي وهو الأستاذ عبدالرحمن الغنيم الوزير وعضو مجلس الامة الأسبق رحمه الله واسكنه فسيح جناته ، تأسفت على سماع الخبر ، ورغم أن معرفتي به محدودة ، إلا أن له مكانة في قلبي ، حيث كنا نلتقي أسبوعياً كل مساء يوم جمعة في ديوان البَحر في الشويخ لعدة سنوات ، ولكن بعدما اجتاحت جائحة كورونا العالم ، تباعد الناس بسبب الحظر الكلي ، ولم نعد نلتقي .

   و في عام  2021  م ، كنت قد بدأت بأعداد  مادة كتاب بعنوان " الكويت في زمن الاربعينيات والخمسينيات .. شهادات وشهود " حيث قابلت 51 شخصية كويتية عاشت المرحلة الانتقالية من الاعتماد على الغوص وتجارة اللؤلؤ حتى الانتقال الى عصر ثروة الموارد النفطية، حيث حدثت تغيرات اجتماعية واقتصادية في مجتمعنا ، وكانت تلك الشخصيات شهود عيان على زمن التحول، ومن الشخصيات التي أجريت معها لقاء السيد عبدالرحمن الغنيم ، وقد صدر الكتاب لاحقا في يناير عام 2022 م بطبعته الأولى عن دار الفراشة بالتعاون مع مكتبة راكان " العجيري سابقا".

   فعند اتصالي الأول بأبو هيثم في يوم الثلاثاء الموافق 29 يونيو 2021 م  تردد بسبب كورونا ، وأفاد أنه لا يخرج من المنزل لظروفه الصحية  ، فعرضت علية ان يكون اللقاء عبر حوار صوتي مُباشر عبر الواتس اب و رحب ووافق في الحال ،.

  عبدالرحمن الغنيم أبو هيثم ، من الشخصيات التي رسمت نجاحات في حياتها المهنية وفي الحياة السياسية ، وعمل بصمت حيث تبوء منصب وكيل وبعد ذلك وزير لوزارة المواصلات ، ودخل الحياة البرلمانية كنائب ، حيث سار على خطى والده خالد الغنيم الذي اصبح رئيسا لمجس الامة في فترة السبعينيات ، وهو يتمتع بتلك السمعة الطيبة حيث طوال حياته كان بعيداً عن اية تجاذبات سياسية ، أو تشابك مع أية اطرف أخرى ، لهذا صفحته بيضاء ناصعة ، وفي الديوان حيث كنا نلتقي معه كان قليل الكلام، وإن تحدث لا يغتاب أحد ، وان قدم الرأي كان مختصراً وبالصميم وبدون استرسال .

   ولكن قد يكون هناك من هو اكثر مني  معرفة  بابو هيثم وقرباً،  حيث كتب الأستاذ عبدالله بشارة في رثاءه في مقاله بالقبس عدد  21 أغسطس 2022 م، كتب : " فقدت الكويت مواطناً نادراً في نزعته الإنسانية ، متجاوزاً الاجتهادات في المواقف ، متعالياً على الصغائر،  باحثاً عما يجمع ، مترفعاً عما يسيء ، ناقلاً جودة الاخلاق مؤمناً برسالة الكويت وتضامن أبنائها ، لا ينسى أحد  مساهمته في مؤتمر جدة ، لقد ترك سجلاً أخلاقياً عطراً ، يروي سيرته في العيش بالقيم العالية ".

    وفي مقال للدكتور عادل العبدالمغني وهو يرثي أبو هيثم  كتب : " والأهم والذي لا يختلف عليه اثنان لا تجد لدى أبوهيثم اية خصومات كانت مع أحد ، وحتى وقت عضويته في مجلس الامة ، فكانت علاقاته وديه مع الجميع رحمه الله ".

   وكتب الدكتور عبد المحسن حمادة مقال في القبس عدد 24 أغسطس يرثي ابوهيثم كتب " عبدالرحمن الغنيم أحد رجال هذا البلد الطيب ورمز من رموز الخير ، أحب بلده واخلص في كل عمل قام بأدائه ، واثبت في حياته العملية نجاحا في اتقان عمله وحسن تعامله مع الناس ، وقد ينطبق عليه قول زهير " تراه إذا ما جئته متهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله " رحمه الله .

   وكتب الأستاذ عبدالمحسن الحسيني في جريدة الانباء عدد 19 أغسطس 2022 ،  " كان عبدالرحمن الغنيم رحمه الله سباق في كل عمل وطني ، كان يتفانى في خدمة ومصلحة الكويت والكويتيين ، لقد كان أمينا عاما للمؤتمر الشعبي للشعب الكويتي الذي عقد في المملكة العربية السعودية أثناء الغزو، لقد حرص على ان يكون أحد القادة الذين تولوا مسؤولية الدفاع عن الشرعية الكويتية " .

      وفي مقالي هذا انقل ما جاء على لسان شخصيتنا عن اللقاء الذي تم معه ، ونشر في كتابي آنف الذكر ، وهو يتحدث عن بداياته بفترة الثلاثينيات والاربعينيات والخمسينيات الفترة التي اطلقنا عليه فترات التحول ، وما سيأتي نقل من كتابي وجاء هكذا على لسانه رحمه الله ، وهو يُعرف بنفسه والكلام بين اقواس :

عشت في فريج غنيم

  ( عبدالرحمن خالد صالح غنيم سليمان الغنيم ، من مواليد أواخر عام  1937م ، والمولد  في فريج غنيم بحي جبلة في بيت العائلة الأول، ومقابل نقعة غنيم ، ، وكان معنا جدي صالح الغنيم بالبيت ، وكانت تجارته بالبحر وكانت وفاته في الستينيات ، وكان من جيراننا المباركي وبيننا وبينهم "فرجة" ، ، وبعد ذلك الوالد اشترى لنا بيتاً في فريج السبت ، وكان بيتاً كبيراً ، مكثنا فقط سنة في ذلك البيت وحدثت سنة الهدامة ، واذكر ملا سليمان الخنيني وعبدالله ، وكان عندهم مدرسة كتاتيب ، مدرسة ملا سليمان الخنيني ، وكنت مع أخي سليمان كنا ندرس عند سليمان الخنيني حيث أغلب دراستنا بالكتاتيب ، لأن جدتي لم تكن ترضى أن ندرس في مدارس نظامية ، ولكن والدي أخذ قراراً ونقلنا إلى مدرسة حكومية نظامية )

سُميت على عمي الذي توفى بالبحر

   ( وسمعت من الأهل أن عمي عبدالرحمن كان في رحلة سفر بالبحر ، وفي أثناء عودتهم حدث طوفان في الليل  والبحر أمواجه عالية ، وطلب النوخذة من أحد البحارة أن يصعد ، وراح عمي عبدالرحمن يربط الحبال بالدقل ، لكن قوة العاصفة رمته داخل البحر وتوفي ، وبعد وفاته تم إطلاق اسمه علي،  لهذا حملت اسمه "عبدالرحمن"،  وعمي عبدالرحمن تزوج  ولكن لم يكن له ذرية ، لهذا بعد وفاة عمي عبدالرحمن بالبحر جدتي حرْمت ان يدخل والدي البحر بعد ذلك ، لكن والدي دخل البحر ) ..

والدي اشترى وايرات الكهرباء لتصل بيتنا ، فوصلت لكل الجيران

   ( حكاية دخول الكهرباء لبيتنا كان لها قصة ، وكان ذلك عام 1948 م، وكانت شركة الكهرباء أهلية مملوكة لعبدالله الملا ، وكنا نسكن في فريج السبت وماكينة الشركة في الدهلة قرب ساحة الصفاة ، وراح والدي وطلب إيصال الكهرباء لبيتنا بالدهلة ، وكان رد الشركة أنه لن يتم التوصيل إلا بتزويد الشركة بوايرات نحاس ووافق والدي ، واشترى ربطات النحاس بعد أن طلبها و وصلت من لندن ، وتم التمديد من الدهلة من قبل الشركة ، ومرت التوصيلات والوايرات واعمدة الشبات من الصفاة مركز الماكينة ، ومرت على سوق الدهلة و سوق واجف وبمحاذاة المقبرة القديمة حاليا حديقة البلدية حتى وصلت الكهرباء لبيتنا ، لكن الذي حدث أن تم توصيل للبيوت التي بالطريق ، وهنا قل وضعف التيار في بيتنا ، وراح والدي اشتكى للكهرباء وقال : " انا ألحين أشتري الوايرات وتمدون لكل الشارع وتالي تضعف الكهرباء عندنا ما استفدنا شي " وتم حل الإشكال واستفاد الجميع وكان ما عمله خير وبركة للجميع ، وكان عند الوالد راديو كبير على البطارية ، وكان يضعه في غرفه خاصة ، ويغطيه بقماش حتى لا تعثر عليه والدته هيا الوقيان لأنها ما كانت ترضى بالراديو لأنها  تعتبره سحراً ) .

والدتي لم تكن تقتنع بالتعليم النظامي وأدخلتني الكتاتيب

  ( أما بالنسبة للتعليم كان تعليمنا لفترة أنا وأخي سليمان عند  المطاوعة الكتاتيب ملا سليمان الخنيني حتى بلغ عمري ست سنوات ، لأن والدتي لم تكن تقتنع بالتعليم النظامي،  وترفض أن نتعلم في المدارس النظامية ، لأنها تعتبره تعليم كفار لا يدرسون الدين ، هذا كان اعتقادهم في ذلك الزمان ، لكن تغيرت الظروف و الوالد قرر أن ينقلنا إلى مدرسة الروضة المستقلة ، كان ناظرها عقاب الخطيب ، احتمال التحقنا عام 1946م أو 1947 م، وعندما التحقنا وضعونا في الصف الثاني ،لأننا متقدمون وحافظين قرآن وباللغة متميزون ، وكان الأستاذ عقاب الخطيب هو الناظر ، وكنت جداً قريباً منه كابنه ، وكان يأخذني معه بالتمثيل ومثلت معه على المسرح ، وفي تلك الفترة إذا تميزت بالدراسة ينقلونك للفصل التالي ، وبعدها انتقلنا مؤقتاً للمدرسة الأحمدية لأن مدرستنا كان بها إصلاحات ،وكان بالأحمدية الأستاذ عبدالملك الصالح ، ومدرستنا الروضة المستقلة  كانت بيت ملك للسيد خلف النقيب وكانت ملاصقة للمدرسة القبلية للبنات ، وبعد ذلك عام 1948/1949  انتقلنا إلى  مدرسة المباركية مرحلة ابتدائية سنة أولى ابتدائي ، وانتقلنا للمدرسة القبلية للبنين في الصالحية وأكملت ثانية وثالثة ورابعة ، وكان من المدرسين معجب الدوسري وكان مُدرس الرسم ، وكان موقع المدرسة خلف المقبرة ، وحالياً مكانها محل السرحان وخلف مبنى المعارف سابقاً ، وحصلت على الشهادة الابتدائية ، وكنت أساهم بنشاط بمجلة الحائط وكان معي أحمد النفيسي وكنت في نشاط الرياضة بالفريق الخاص والكشافة ، وكنت متفوقاً ومن الأوائل في فصلي، ورجعنا الى المدرسة المباركية أولى ثانوي 1951/1952 م، وبعدها انتقلت إلى ثانوية الشويخ عام  1952 / 1953 م وكانت في بداية افتتاحها ، ، لكن للأسف كنت في آخر سنة يفترض أن أكون الأول على الثانوية ، لكن حصلت على درجة منخفضة بالدين ، لهذا لم أحقق المركز الأول ، رغم أنني في كل المواد حققت نتائج عالية ، وكنت متخصصاً بالعلمي ومُتميز بجميع المواد ، وكان مدرّسي زهير العلمي ،وكنت متفوقاً بالرياضيات ودرجاتي كانت عالية ، لهذا تخرجت عام 1956/ 1957 م، وابتعثت إلى أمريكا عام 1957/ 1958 م ،وكنا اول بعثة لكاليفورنيا ، وأمضيت هناك أربع سنوات تخصص هندسة كهربائية )

  ( بعد التخرج عُدت للكويت وعملت في وزارة البريد والبرق والهاتف ،وتركت الوزارة بعد أن أديت واجبي وتطورت الاتصالات في عهدي كوكيل وزارة ، وقررت دخول الانتخابات ، وفزت في مقعد في مجلس الامة بدائرة الضاحية عام 1985 م، وبعد حل المجلس بعد سنتين ،  تم اختياري كوزير دولة للشؤون البلدية )

كان مجتمعنا بالسابق مجتمعاً تعاونياً والبيوت مفتوحة على بعض

  ( المجتمع الكويتي  بالسابق كان مجتمعاً تعاونياً تكافلياً  مُحباً للمعرفة ، وكان بيتنا على بيت العدواني على بيت الزمامي كانت بيوت مفتوحة،  يقول لي المباركي كان بيتنا وبيتكم بيننا "فريه" ، كنا صغاراً ندخل على بيوت الجيران كأننا أهل ، وكانت المرأة لها دور كبير في المجتمع من خدمة البيت إلى التربية ، حيث تقوم بكل الأدوار ، وكانت بالليل الجدة تحازينا حزاوي عن الطنطل ، وحمارة القايلة من أجل التسلية ليس إلا ) 

  تلك مقاطع من الحوار الذي تم بين كاتب هذا المقال وبين شخصية نادرة ، خدم بلده بصمت وغادرنا عبدالرحمن الغنيم تاركا أرث يفتخر به بلده وشعبه رحمه الله .

_________________________________

الأحد، 3 يوليو 2022

قيادة وشعب .. خطاب تاريخي لسمو ولي العهد

 

قيادة وشعب.. خطاب تاريخي لسمو ولي العهد

كتب *: حمد الحمد

   في يوم الأربعاء الموافق 22 يونيو 2022 م ، كنت في الشاليه مع أصدقاء ، وعلمنا أن هناك خطاب لصاحب السمو الشيخ نواف الأحمد أمير البلاد يلقيه سمو الشيخ مشعل الأحمد ولي العهد حفظهما الله، واستمعت للخطاب فكان المضمون تاريخي وبعيد عن صياغة الجُمل التقليدية .

  جملة مُهمة في الخطاب هي :( لقد قررنا مضطرين ونزولاً على رغبة الشعب واحتراماً لإرادته الاحتكام للدستور ) ، وهذه الجملة تعني أننا جزء من الشعب وعقدنا معه الدستور ، وأننا في سفينة واحدة وقريبين من شعبنا ، واستمعنا له .  

    والخطاب التاريخي رسخ وأوصل قواعد هامة وهي " لا تنقيح أو تعطيل أو تعليق أو مساس بالدستور "، وهذه الكلمات إنما رسائل مُهمة مُرسلة لمن يلعب في الماء العكر ، ويروج أن الاسرة عقدت عزمها على  تعليق العمل بالدستور ، وكذلك رسالة لمن يروج أنه اصبح فوق الأسرة !! .

    الديمقراطية الكويتية هي شكل من اشكال المُشاركة بالحكم وليست كالديمقراطيات الغربية، ولها سلبيات كما لها إيجابيات ، ولكن بدون مُشاركة السلبيات والمخاطر أكثر بكثير .

   نعم خطاب تاريخي يعود به الحكم للأمة لاختيار برلمان جديد يمثلها ، واختيار رئيس جديد يمثلها دون تدخل من أحد ، شكراً للقيادة على هذا الخطاب التاريخي الذي طمأن النفوس، ولجم بقوة بعض من يسعون لزرع الفتن ، حيث هناك وبدون وعي أو جهل من يُطالب بتعليق المشاركة ، والبعد عن النهج الديمقراطي كما في دول أخرى ، ولكن لا يعرف أن النهج الديمقراطي متجذر في حياتنا تاريخياً ، ليس فقط في انتخابات مجلس الامة إنما في انتخابات المجلس البلدي وانتخابات جمعيات النفع العام والجمعيات التعاونية والشركات والبنوك وحتى انتخابات أتحاد الطلبة وغيرها.

  والمشاركة عهد ، و يؤكد أن أسرة الحكم آل الصباح أسرة مُختلفة ، وأنها وإن حكمت الكويت ل 400 سنة ، وهذا ليس بالحظ أو القوة ،إنما لأنها الأقرب للشعب ، لهذا استمر حكمها لأربعة قرون ، وهذه حالة نادرة في التاريخ العربي والإسلامي ، فالدولة الأموية التي هي اقرب لدولة الخلافة الأولى ولسمعتها في التاريخ العربي ، فهي لم تستمر لأكثر من 93 سنة ، والسبب أنها كلما قامت فُرق تُعارضها كأسرة ودولة ، حاربتها بالسيف حتى تكالب عليها أبناء العمومة ومن يُعارضها ، وانتهت للأسف رغم ما قدمته للعرب من فتوحات وتوسع وتاريخ يُفتخر به .

   وفي هذا السياق تذكرت هذه الحكاية البسيطة التي تحمل معنى ، حيث كان لي مُصادفة قبل عدة سنوات لقاء مع شخص من دولة خليجية الذي راح يروي لي حكاية ، يقول : أثناء احتلال الكويت حدث إن تعرف على شخص من أفراد أسرة الصباح ، وبمعرفته البسيطة معه قال له ذلك الشيخ : "اذا تحررت الكويت وعدنا أتمنى أن تزورنا في بلدنا" ، يقول صاحب الرواية  ، بعد التحرير بعدة سنوات تذكرت دعوته ، وسافرت للكويت واتصلت به ، وعندما جاء يأخذني بسيارته كنت في وضع استغراب ، فكان شخص عادي وسيارته عادية، ولم يأتي في موكب ، ولم اشعر أنه من الأسرة الحاكمة ، إنما مواطن كويتي عادي كبقية المواطنين جاء بمفرده ،وقام بواجب الضيافة على أكمل وجه .

وحفظ الله الكويت قيادة وشعب .

________________________

*مقال من مدونة حمد عبدالمحسن الحمد عضو رابطة الأدباء كُتب بتاريخ 3 يوليو 2022 م .

السبت، 21 مايو 2022

 

إلى النظام .. الطلاق أفضل !!

كتب : حمد الحمد

( مقالاتي لا تنشر بالصحف ، لهذا أتمنى من تصله أن يرسلها لقروبات أخرى لتصل الرسالة )

  أذكر قبل الانتخابات الأخيرة كانت وزارة الإعلام وهي جهاز يتبع الحكومة تروج عبر قنوات التلفزيون والإذاعة للمواطن أن صوتك أمانة ، لهذا هرعنا نحن كناخبين وساهمنا بالتصويت ، وكانت هناك مُخرجات لمجلس أمة جديد له تصور وطموح .

  وبدأت حياة مجلس جديد ، إلا أنه من البداية اتضح عدم توافق أغلبية المجلس مع الحكومة ، وحدث تصادم مما أدى لاستقالة الحكومة للمرة الثالثة وإعادة تكليف نفس الرئيس وكذلك للمرة الرابعة  ، رغم انه  يفترض منذ البداية أن يجلس الرئيس المُكلف مع اغلبية المجلس ومحاولة إيجاد صيغة تفاهم وتعاون ، لكن هذا في الواقع لم يحدث .

  وحدث ما حدث من تصادم وشد وجذب وخصام بدون إيجاد البديل،  وتعطلت حياة البلد ، وشلت مصالح الناس، رغم أن البديل متوفر وفق الاطار الدستوري ، فالديمقراطيات عندما يكون هناك تصادم بين مجلس مُنتخب وحكومة ، يكون الحل أما باختيار حكومة ورئيس مجلس وزراء جديد ، أو حل المجلس المُنتخب ودعوة الناخبين لاختيار مجلس جديد ، وهذا أيضا لم يحدث.

   هنا اروي لكم هذه الحكاية التي سمعتها من موثق زواج ، يقول وثقت زواج لشاب وشابة ودُفع المهر وتم إقامة حفل الزواج ، ولكن بعد فترة قصيرة ثبت للفتاة أنه لا يوجد أي تفاهم مع الشاب وهم في عش الزوجية رغم معرفتها المُسبق به ، يقول الموثق فهمت أن البنت تريد الطلاق وحدث شقاق وأزمة بين العوائل .

  يقول الموثق استدعيت أحد الطرفين واقنعته بأن الطلاق هو الحل ، بعدما عرفت أن هناك أسباب جوهرية لم تكن تعرف مسبقاُ، وهذا ما شرعه الدين ، وفعلا تمت الموافقة ، وتم حل المشكلة بالطلاق وانتهى الشقاق .

   لهذا من مصلحة وسمعة البلد هو  أما اختيار رئيس وزراء جديد يستطيع الجلوس مع الأغلبية وإيجاد صيغة تفاهم للمرحلة القادمة ، والحل الآخر هو الطلاق بمعنى حل المجلس وانتخابات جديدة وحكومة جديدة بعد ذلك ، لكن أن يستمر الشقاق .. هنا لا مكسب لا للدولة  ولا لسمعة الكويت ولا للشعب .

_______________  

*حمد الحمد عضو رابطة الأدباء في الكويت  / الكويت في يوم السبت  21 مايو 2022 م

الاثنين، 16 مايو 2022

 

مُقترح لمشاركة المرأة الكويتية في المجلس النيابي  

كتب : حمد الحمد

كتب وأرسل لعضوة مجلس إدارة في احدى الجمعيات النسائية بتاريخ 9 فبراير 2022 .

____________________

مقدمة

    رغم أن القانون في العقد الأخير قد أجاز مشاركة المرأة الكويتية في الحياة السياسية ترشحاً وتصويتاً ،إلا أن هناك غياب تام لمشاركتها ، وإخفاقها في الحصول على مقعد في البرلمان وخاصة في الانتخابات الأخيرة ، لهذا نرى أن تواجدها بالمجلس مهم كونها نصف المجتمع ومكون أساسي في المشاركة في الحياة المدنية في المجتمع ،وغيابها يعتبر معيب لنظامنا الديموقراطي  ولسمعة الكويت كبلد حضاري ، كون مجلس الأمة هو للأمة كلها لها لا يجوز أن تغيب عنه ،

الأسباب

 نرى أن عدم مُشاركة المرأة  يعود للأسباب التالية :

 أولا : ظروف المجتمع الاجتماعية وتقاليده الموروثة وصعوبة تحركها داخل المجتمع.

ثانيا : تعمد رسمي وشعبي  بأبعادها عن الحياة السياسية  لعدة عقود رغم أن الدستور لا يمنع مُشاركتها .

ثالثا : تيارات سياسية مؤدلجة وكذلك تيارات قبلية لا تؤمن بمشاركة المرأة وما زالت .

رابعا : لا توجد أحزاب منظمة بالأماكن أن تترشح المرأة من خلالها وتصل للمجلس كما يحدث في الدول الديمقراطية التي تترشح وفق قوائم أو أحزاب .

خامسا : نظام الانتخاب غير عادل وغير شفاف مما ساهم بإبعادها في ظل عدم وجود كوتا ، أو مقاعد مخصصة لها في المجلس  كما في دولة أخرى ومنها دول عربية وإسلامية .

المقترح

    و لهذه الظروف يصعب أن تحوز المرأة على مقاعد في اية انتخابات تعادل دورها الفعال في المجتمع في كافة الميادين ، وهنا نقترح تعديل قانون الانتخاب ويُخصص لها مقاعد بقانون ويفترض بدعم حكومي ، لهذا نقترح التالي :

     لنفترض أن الانتخابات تجرى على خمسة دوائر ويفوز عن كل دائرة عشرة مرشحين .لهذا نقترح أن يقر قانون و يخصص في كل دائرة مقعدين للنساء بصورة اجبارية ، ولنقدم مثال لو تم فرز النتائج فإن آخر مُقعدين تخصص لأكثر مرشحتين حصلتا على أكثر أصوات في الدائرة ، إذا لم تحقق الفوز  ولا أمرأه ضمن العشرة الفائزين ، لكن لو حصل أن فازت مرشحتين أو أكثر هنا تحقق الهدف .

   وهنا نضمن 10 سيدات في المجلس ، أو قد يكون أكثر من ذلك بمعدل نائبتين عن كل دائرة . ولكن لن يتحقق ذلك إلا بأن تسعى الحكومة بثقلها وتجد المسوق والقانون المناسب ليتحقق الهدف .

________________

مقترح من مواطن وقابل للمناقشة ،هذا المقترح ارسل لعضوة مجلس إدارة لأحدى الجمعيات النسائية بتاريخ 9 فبراير 2022 م .

الجمعة، 8 أبريل 2022

 

لماذا .. بوتشا وجه اخر للحرب ؟

   في فكر فلاسفة اليونان القدماء هناك مقولة وهي " عندما يفشل أي نظام ما بالداخل فلا مخرج له سوى ان يشعل الحرب خارج حدوده " وهذا ما حدث في منتصف فبراير الماضي ، عندما قرر بوتين ونظامه غزو أوكرانيا جارته المسالمة الديمقراطية الامنة ، واطلق عليها عملية محدودة كما اعلن ، ولكن هي في الحقيقة حرب شعواء مُدمرة ، وما زالت مشتعلة الى يومنا هذا .

   تتوالى الصور عن الدمار الرهيب الذي أصاب ميروبيل وبوتشا وضواحي كييف وغيرها من مدن ، فواجع إنسانية اصابت البشر قبل الحجر ، قد تنتهي الحرب في يوم ما ، لكن ما حدث لن يُمحي من الصدور .

   عبر احدى القنوات اذكر قول من سيدة اوكرانية حيث يشتعل الغضب في صدرها ضد الروس وقادتهم ، وفي قناة ال سي ان ان ، في احد المستشفيات كان هناك حوار مع جندي اوكراني مُصاب ، سأله المذيع هل لك أقارب يعلمون بما حدث لك قال : " لي اخت تعيش في روسيا وعندما اخبرتها بما عمل الروس،  قالت الروس لا يعتدون الاوكرانيون هم من اعتدى " وانا استمع لذلك المشهد تأكد لي انه بالإمكان إعادة بناء ما دمر،  لكن لا يمكن إزالة ما كمن بالصدور من غضب .

    وهنا اذكر في عام 1978 م كنت في إنجلترا احضر دورة لدراسة اللغة الإنجليزية ، وكان معي طلبة من اسبانيا وألمانيا وإيطاليا واليابان ، ولاحظت ان الطلبة الاوربيون لا يتحدثون مع الطالب الألماني ولا يخالطونه ، لهذا وجهت لهم السؤال لماذا ؟ فكانت اجابتهم " انه من جماعة هتلر " ، وهنا رغم مرور عدة عقود على انتهاء الحرب العالمية الثانية ، الا ان الغضب ما زال يكمن في صدور أجيال واجيال.

   نأمل ان تنتهي الحرب وتكون درس للعالم اجمع لخطورة الأنظمة الدكتاتورية التي لا تنتهج الديمقراطيات ، حيث يستبد بها حكام يشعلون حروب عبثية يغيرون بها وجه العالم بغمضة عين .

_____________________

من مدونة الكاتب حمد الحمد / الكويت في 8 ابريل 2022

الجمعة، 25 مارس 2022

 

لماذا نقف مع أوكرانيا ؟

كتب : حمد الحمد

   قد أكون من الذين لهم سياحة في كل البلدان الاوربية من إيطاليا بالجنوب حتى فنلندا والنرويج في الشمال ، وكذلك كندا وامريكا وآسيا ، ولكن لم تقع أوكرانيا في  مُخططي السياحي  من قبل ،ولم يكن هناك سبب .

   ولكن في منتصف مارس من عام 2020 كان للسفارة الأوكرانية تواصل معي ومع زملاء برابطة الادباء ، وكان هناك مشروع لترجمة بعض القصص الكويتية القصيرة الى اللغة الأوكرانية وقد رحبنا وتم التعاون .

   وقبل أسبوعين تذكرت ذلك الحدث،  وتواصلت مع الزملاء في السفارة الأوكرانية مع اطمئنان على أوضاعهم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وما حدث من فضائع يفترض ان لا تحدث في زمننا هذا .

  وقد أوضحت لهم انني شخصيا اتعاطف مع الشعب الأوكراني وضد هذا الغزو الهمجي العبثي  الذي هز العالم امنياً واقتصادياً ، ولابد ان اتعاطف مع شعب امن ديمقراطي ، حيث ان التعدي على دولة معترف بها بالأمم المتحدة إنما جريمة كبرى لا بد ان يقف ضد هذا العمل كل الشعوب الحرة والا عاش العالم في فوضى . الكويت عاشت تجربة مريرة مشابهة عندما غزا النظام العراقي الكويت عام 1990 واحتل كامل البلد ، ولكن بتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة عادت الكويت حرة . والان يمر شهر والشعب الأوكراني المقاوم  يعيش نفس التجربة مع جيش بوتين الذي يواصل قصف المدن والبشر غير آبه بقوانين دولية تحكم هذا العالم ، الشعب الأوكراني يعيش وسط قصف وحصار يوميا لكن لم يستسلم رغم تشرد ملايين للدول المجاورة ، وهنا لا بد للحق ان ينتصر لان روسيا الاتحادية ترفض ان يكون بجوارها دولة ديمقراطية بها تداول سلطة ودستور .

   اقف معك يا شعب ونأمل أن تنتهي الحرب قريبا بهزيمة المعتدي أو تراجعه ، ويعود كل مواطن مشرد الى بلده ويبتهج برايات الحرية بأذن الله .

كُتب في الكويت في 25 مارس 2022/ مدونة الكاتب حمد الحمد عضو رابطة الادباء في الكويت .

الجمعة، 4 فبراير 2022

 

حمد عبدالمحسن الحمد 

 

    الكويت في زمن الأربعينيات والخمسينيات

شهود وشهادات

 

إحدى وخمسون شخصية كويتية تقدم شهاداتها عن الحياة الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية  للفترة منذ عام 1940 وحتى 1959 م الموافق الفترة من ذي القعدة 1358 إلى رجب 1379 هـ

 

سيرة مجتمعية 

الطبعة الثاني

____________________________________

يباع الكتاب لدى مكتبة راكان ( العجيري سابقا ) في حولي وكذلك جميع إصدارات الكاتب وممكن التواصل مع المكتبة وفق الآتي :

ت 22618415 /22613749 /22626057

وللطلب ( واتس أب ) / 96696052

_____________________________________

محتويات الكتاب

ضوء.....

الفصل الأول

هنا جبلة وهنا شرق

1 شهادة أ. عبدالله بشارة   ..................................................

2 شهادة أ. محمد السنعوسي ............................................

3 شهادة أ. محمد أبوالحسن

4 شهادة أ. عبدالرحمن الغنيم

5 شهادة د. رشيد الحمد

6 شهادة أ. وليد النصف

7 شهادة د. خليفة الوقيان

8 شهادة د. سليمان الشطي

9 شهادة أ. عابدين الصايغ

10 شهادة أ. عبدالعزيز المفرج " شادي الخليج "

11 شهادة أ. على بن صالح الرومي

12 شهادة أ.عبدالرحمن النجار

13 شهادة أ. عبدالله خلف

14 شهادة د. عادل العبدالمغني

15 شهادة أ. خالد الحمد

16 شهادة د. مرزوق الغنيم

17 شهادة د. بدر العيسى

18 شهادة د. بدر العمر

19 شهادة أ. أحمد المناور

20 شهادة د. ياسين الياسين الابراهيم

21 شهادة أ. سعاد الرفاعي

22 شهادة أ. سامي محمد الصالح

23 شهادة د. يعقوب الحِجي

24 شهادة أ. فرحان الفرحان

25 شهادة أ. خالد بورسلي

26 شهادة أ. بدر الجويهل

27 شهادة أ. عبدالمحسن مظفر

28 شهادة أ. عبدالوهاب بوقريص

29 شهادة أ. فيصل الغيص

30 شهادة أ. يوسف الرفاعي

31 شهادة أ. بدر النجار

32 شهادة أ. بدر الجوعان

33 شهادة  أ. محمد البكر

34 شهادة أ. صادق يلي بهبهاني

35 شهادة أ. صقر الغربة

36 شهادة أ. خالد المخيزيم

37 شهادة أ. سليمان الصالح " رحمه الله"

38 شهادة أ. عبدالوهاب المنيس

الفصل الثاني

هنا المرقاب وهنا بر الشامية

1 شهادة أ. ليلى العثمان

2 شهادة أ.غنام الديكان

3 شهادة أ.عائشة اليحيى

4 شهادة أ. عزيزة البسام

5 شهادة أ. حمد اليحيى

6 شهادة أ. سعد الشلاحي

7 شهادة أ. عمش الصويحة

8 شهادة أ. عبداللطيف المنصور

 9إفادة وسيرة  حمد الحمد

 

الفصل الثالث

هنا الفنطاس والأحمدي وجنوب الكويت

1 شهادة أ. رجا الحجيلان المطيري

2 شهادة د. جاسم الحمدان

3 شهادة أ. أسد تقي

الفصل الرابع

هنا الجهراء

1 شهادة أ. عبدالله المصيريع

الفصل الخامس

هنا جزيرة فيلكا

1 شهادة أ.محمد طه الفيلكاوي

________________________________________  

المقدمة

ضوء

بسم الله الرحمن الرحيم

    من دون أيّ مُقدمات وأثناء حصار جائحة كورونا ، قررت أن أقوم بإعداد كتاب توثيقي يتضمن شهادات لشخصيات كويتية عاشت في فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين الماضي ، تلك الفترة كانت فترة تاريخية حاسمة ومُهمة عاشها المجتمع الكويتي والخليجي ، حيث كان عصر الاعتماد على الغوص والسفر التجاري قد شارف على الانتهاء ، فقد تم اكتشاف اللؤلؤ الاصطناعي الذي هدّد رزق أهل الخليج ، وحدث استقلال الهند عام 1947 م عن بريطانيا ، مما حدّ بشكل كبير من تجارة أهل الكويت مع الهند التي فرضت حكومتها بعد الاستقلال ضرائب عالية على أصحاب السفن والمكاتب التجارية الكويتية ، وهذا كله كان له أثر كبير وسلبي على وضع الكويت الاقتصادي.

      لكن بحمد الله ما إن توقفت الحرب العالمية الثانية حتى بدأ تصدير النفط ، وانتعشت الكويت وغيرها من دول خليجية ، وحدث ازدهار اقتصادي وتغيّر اجتماعي وثقافي كبير ، لهذا فإن مواليد تلك الفترة وقبلها هم شهود على مُجتمع مُتغيّر ، وهم ينقلون لنا بمصداقية عبر شهاداتهم أحوال مجتمعهم من الفريج والبيت القديم ، والكتاتيب وبداية التعليم النظامي ،وتقاليد اجتماعية اختفت وأسواق شعبية والفرضة ومظاهر شهر رمضان والأعياد وهكذا .

   ولا أود أن أفصح عن ما اتضح لي من تلك الشهادات وكنت فعلياً أجهله ، لكن أصحاب الشهادات ، قدموه لي في مقابلات صوتية أجريتها معهم ، فأكثر من خمسين بالمائة منهم ، وهم 51 شخصية ، معروفون إعلامياً ، والبقية هم شخصيات لها مكانتها بالمجتمع ، ولهم عطاء كبير في مراكزهم الوظيفية ، لقد حرصت على أن يكون أصحاب الشهادات من كافة المناطق وفئات المجتمع .

     لقد اتبعت منهجي الخاص في إعداد الكتاب ، فكل مقابلة أجريها مع شخصية ما،  أعمد إلى تسجيلها صوتياً بما لا يتعدى  60 دقيقة ، حتى لا أُثقل على صاحب الشهادة ، وكذلك حتى لا أُثقل على نفسي بتفريغ محتوى الشريط على اللاب توب ، والذي غالباً ما يأخذ مني ما يُقارب خمسة أيام على فترات .

     كانت الأحاديث عفوية وباللهجة المحلية ، لهذا في مضمون الشهادات نجد مادة طبيعية ، حيث تعمّدت أن لا أضيف كلمات مُعجمية حتى لا أخرج عن اقوال المُتكلم ، وأن يكون هناك أمانة بالنقل من قبلي من دون تغيير ، لهذا نجد مضمون الشهادات خليطاً بين الفصحى والعامية ، هذا مع التأكيد أن الشهادات لا تقتصر في الحديث على فترة الأربعينيات والخمسينيات ، إنما تشمل  ملامح وروايات عن فترات ما قبلها وما بعدها .

    إعداد مادة الكتاب بدأت في شهر مارس من عام 2021 م حتى خروج الكتاب من المطبعة  بما يقارب عشرة شهور، وفي مقدمتي هذه لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لكل أصحاب الشهادات الذين رحبوا بي ، وفتحوا صدورهم مع حسن الاستقبال والترحاب ، رغم أن لا معرفة شخصية سابقة لي بالعديد منهم ، وكان لدعمهم ومساندتهم الدافع لي للاستمرار في إنجاز مادة هذا الكتاب  .

    كذلك أود التنويه أنه ضمن محتوى تلك الشهادات أسماء كثيرة انتقلوا إلى رحمة الله من أمد طويل وغادروا دنيانا ، ولهم حق علينا أن نترحم عليهم في بداية كتابنا رحمهم الله جميعا واسكنهم فسيح جناته.

   مادة كتابي هذا تعتبر مُنجزاً توثيقياً بجهد تطوعي واجتهاد فردي ، يقدم لأجيال جديدة منذ مواليد الستينيات وما فوق واقع مجتمعهم في تلك الفترات الزمنية من عمر الوطن ، ونتمنى أن يلقىَ عملنا هذا القَبول والرضا ، وأن يُعتبر وثيقة تاريخية ، وشهادات حيّة ترسم ملامح الفترة التي نتحدث عنها .

 

حمد عبدالمحسن الحمد

الكويت في نوفمبر 2021 م

 

 

الفصل الأول ( هنا جبلة وهنا شرق )

 

( 1)

شهادة

أ .عبدالله بشارة

ولنا لقاء مع الأستاذ عبدالله بشارة في مكتبه في الكويت العاصمة ، وذلك يوم الخميس الموافق17 يونيو 2021 م، والأستاذ عبدالله بشارة غني عن التعريف، وهو دبلوماسي سابق مثَّل الكويت في المحافل الدولية ، وصدر له عدة إصدارات * وكانت شهادته كالتالي :

مولدي في فريج الشيوخ ببهيته

    "  عبدالله بن يعقوب بن معيوف بن حسين بشارة ، ومولدي عام 1936 م ، في فريج الشيوخ في منطقة بهيته ، وأهلنا عائلة بحرية والآباء والأجداد كلهم نواخذة ، لكن انتقلنا عام 1940 م ، إلى حي شرق حتى نكون مقابل البحر ، لأننا أهل بحر ،وكان بيتنا الجديد عند بيت ديكسون وديوان العسعوسي  ، وفي فريج الشيوخ أذكر جيراننا بيت شيخان الفارسي وبيت الجوعان وبيت بن ناصر والدخان والقطان وبيت بن قعود وبيت الدّلّال وبيت أولاد جوهر وهم يعملون مع الشيوخ ، وبيت الإبراهيم والغانم ، وبيت والد الشيخ جابر المبارك ، وليس بعيد عن بيتنا بيت الشيخ حمود الجراح  ، وكان معنا من الأولاد أحمد الجوعان وأحمد الناصر، وفي بيتنا كان فيه ديوانية لكن جدي تركها ، باعها بعد أن احتاج فلوس ، وكان جارنا  حسن القعود والد راشد مبارك القعود ، وحسن القعود قَدِمَ من نجد وانضم للشيخ سالم المبارك ، وحسن القعود رجل خير ، وكان يتصدّق على أهل الفريج من خير الشيخ سالم المبارك ، وأذكر بيت علي بوعلوة وعيال بودي وهناك براحة بودي ، وبيتنا موقعه على حد مسجد الدولة الكبير الحالي ، وبيتنا في فريج الشيوخ قديم جداً  وكان فيه الوالد والجد ، وجدي معيوف مُعَمّرْ وتوفي عام 1947 م ، وكان عمره فوق التسعين ، ووالدي يعقوب كان نوخذة توفي عام 1965م ، وجميع الأهل نواخذة وأصحاب سفن ، وَفق البصمة الوراثية أجدادنا قدموا من المنطقة الشرقية من منطقة الدمام وهم من تميم ، وأستقرارهم في الكويت قديم جداً ، ولصق بنا لقب "بشارة" من زمن طويل جداً "

 

في ديوانيتنا يتجمع البحرية

   " تركنا فريج الشيوخ وعمري أربع سنوات ، وانتقلنا لحي شرق ، وموقعه لصيق بديوان العسعوسي ، وأنا تربيت بديوان العسعوسي حيث تواجدي دائماً في ديوانهم  مع أولادهم ، هذا البيت بشرق كان أكبر وفيه حوش ، وفيه ديوان ، لأن الديوان ضروري للنواخذة ، حيث إذا قدم الصيف يتم تخزين أشرعة السفن في الديوان ،والشرع مجموعة وبأنواع مختلفة ،  شراع عود ، وشراع صغير ، وسفديرة وبومية وقلمي ، كذلك للديوان فائدة مهمة ثانية ، وهي تجمع البحارة لمناسبتين كبيرتين ، المناسبة الأولى إذا أراد النوخذة ضم البحرية  للرحلة القادمة،  فيقال " فلان رَكَب " "ركب" يعني انضم للبوم ، وفلان "حَدّر "وتعني ترك البوم ، فيتفق معهم النوخذة ، وأذكر بعض الأسماء من المجدمية والسكوني ، أولاد الطويل وأولاد بن سلامة وغيرهم ، وأذكر ضم البحرية لفتح الخير ،وقبل كان مع محمد ثنيان الغانم ، لهذا الديوانية تخدم النوخذة طوال فترة الصيف لأن عنده ناس ، لان البوم بالشتاء مسافر للهند ويرجع آخر يونيو ، وأخي النوخذة عيسى بشارة عودته في هذا الشهر،  وتبدأ الرحلة التالية في آخر سبتمبر ، وفي فترة الصيف يلتقي مع أصحابه في الكويت ، وكذلك أخي عيسى يعرف أهل السواحل التي يمر بها ، فأذكر أهل "صور" من عُمان يأتون للكويت في سفنهم الأغلب بغلة وهم في طريقهم للبصرة ، لهذا أهل صور إذا قدموا للكويت سكنهم في سفنهم ، لكن استضافتهم وتواجدهم ليلاً، وفي النهار في ديوانية بشارة ،حيث لهم علاقة وثيقة مع أخي عيسى بشارة (1) ،حيث يُسَهٌل لهم تعاملهم مع تجار الكويت ومن يملكون النخيل والتمور في البصرة ، ومنهم الصقر والمرزوق وآل الإبراهيم والشيوخ ، ومن يملكون النخيل هناك ، لكن في الديوانية أهم شي هو لقاء النوخذة مع "الجزوة " ، وهم عمالة السفينة البحارة، وبعد رجوعه من رحلة السفر ، وكنت أنا أشاهد أخي يسلمّ البحارة كل واحد حقه بكل أمانة وفق الحسابات ، وأشاهده وأنا مُستغرب ، أن يعطي هذا الطباخ حقه ، وهذا نهام وغيره ، كل واحد يستلم ولا أعتراض من أحد ، وكانت الأمانة والثقة وحُسن التعامل هو السائد ، وكان يسلم كل بحار قبل السفر أو عامل بالسفينة "سلفة " ، يسلمها لأهله للصرف عليهم  أثناء غيابه الطويل ، وكان أخي عيسى يسمح للبحار بشراء أغراض لبيعها في الكويت عند العودة ، وكذلك والدي يعقوب نوخذة "

 

البحر جهاد .. وأخي عيسى بشارة قال عافني البحر ما عفته!!

    "واذكر والدي يعقوب آخر أيامه مع الكبر أصبح نظره ضعيف، لهذا توقف عن رحلات السفر عام 1952 م، وأخي عيسى كان رجل ثقة ، وكان شاطر ذكي يجيد التجارة ، واستمر برحلات السفر حتى عام 1957 م وتوقف وقال : " عافني البحر أنا ما عفت البحر !!" ، وتأثر عندما صادر الهنود سفينته ، وكان فيها ذهب وتم حجزه في الهند سنة كاملة ، وعاد للكويت عام  1958 م ، وبعد عودته مدير الميناء طلب من أخي  أن يعمل بالميناء ، وعمل سنة ونصف ، لكن لم يُعجبه الوضع ، وتركه كون العمل ليس مجاله ، و أنا لم أعمل مع أخي والوالد ؟ ،والسبب هو أن وضع العائلة المالي جيد ، وأنا كنت الرجل الوحيد في البيت مع عشر سيدات خمس أخوات و والدتي وزوجة جدي معيوف وزوجة أخي وبناته اثنتين وابنه أحمد صغير،  وهو الدكتور احمد بشارة ،وكانت والدتي هي التي تُدير البيت ، لهذا أنا كنت مسئول عن البيت اثناء غياب الوالد والاخ بالسفر لهذا لم أدخل البحر ، في ذلك الوقت كانت الناس أهل بحر والحياة جهاد وكفاح وعمل ، ولم يكن عندهم وقت فراغ ، وإذا عاد أخي في آخر يونيو يبيع بضاعته من  الخشب "الندل" ، وبعد ذلك يرجع للبوم وينظفونه و"يشطنونه " ويعرشونه ، ويبقى البوم "معرش" شهرين يوليو واغسطس وخلال الشهرين يدور له "جزوة "عمالة للرحلة القادمة ، وينهي حساب رحلته مع العمالة السابقة ، والشهرين كلها نهاية رحلة وبداية رحلة  ، وفي الفريج بشرق أذكر بيت مساعد الصالح وأولاده ، والزواوي "مأجرين" بيت والنصف وعيال العصفور وعيال العميري أصحاب فرقة العميري "

المرأة الكويتية في غياب الزوج كانت تدير مملكتها

   " بالنسبة لدور المرأة الكويتية قديما كانت تدير في غياب الزوج مملكتها ،وكانت تحرص على التوافق بين المصاريف وبين القُدرة ، وبين ما نشتهي وبين ما نقدر ، حيث في بيتنا كنا تحت ضغط عشرة أشخاص سيدات وصغار وكبار ، ويحتاج الأمر الى كابتن قائد صلب ، وحتماً ليس بيتنا فقط ، إنما كل بيوت الكويتيين ، وحتى في بعض البيوت الذي وضعهم متواضع مالياً تشاهد النساء يذهبن الى البحر لغسيل الملابس والطبخ ويقمن بكل مهام المنزل ، ولدى المرأة الكويتية إيثار عجيب حيث تعرف أن هذه الحياة صعبة والموجود محدود ، فتنظم الحياة على هذا الأساس  ، ويعجبني الانضباط العجيب حيث تجد السيدة الكبيرة تدير المنزل باقتدار، ولا أحد يشاركها بالرأي ، ولا تجد جدلاً،  وهذا مثل سير الحياة في البوم في عرض البحر ، وكنت أرى والدتي كنوخذة تدير سفينة المنزل ، كما يدير النوخذة البحارة على ظهر السفينة ، وهذا الانضباط هو في الحقيقة الذي حافظ على السكينة في الكويت وكذلك كيان المجتمع ، السكينة بمعنى استمرارية الحياة مع قسوتها ، وهذا الرضا،  وهذا القبول بالموجود والقناعة ، ولا تجد أحداً يتطاول على أحد ، وأذكر عندما كنت العب مع الأولاد في الشارع تحرص والدتي أن أرجع في وقت مُبكر للبيت كوني أمانة تركها والدي لديها ، ولم يكن فيه تسيّب ،وكذلك كانت والدتي ترعى جدي معيوف الذي كان كبيراً بالسن وعاجزاً ، وفي ذلك الزمن ما كان لدى الناس شهوة بالحياة والتجمل والبروز والزينة ، وكان الإحترام موجود بين الجيران وعلاقتهم طيبة ، وكان والدي يرسل أغراضاً مثل النارجيل ويوزعها على الجيران ، وكان والدي يحرص على الزكاة ويوزعها في وقتها " .

رغم عدم وجود رفاهية ، كانت الحياة فيها رضا

    " دخلت الكهرباء بيتنا في أوائل الخمسينيات ، وكانت الوالدة تحرص على أن لا يزيد الاستهلاك والشارع نور ، وكان النوم في السطوح في الصيف والجو حار والسطوح موزعة ، لكن بينها سواتر حيث كان هناك أشخاص متعددين ، وكانت الحياة فيها رضا ولكن لم يكن فيها أُبهة، وفيها قناعة ولم يكن هناك نظر للكماليات ، وكنت أنا أحب القراءة ،وكنت أتردد على مكتبة تابعة للمعارف بجانب مسجد العدساني فيها واحد من بيت التركيت ، وهي مكتبة عامة ، وكنت أقرأ وأستعير كُتباً منها ، ومرة استعرت كتاباً عن الخليفة عمر بن الخطاب وأعدته ، وكنت أسير في سوق التجار قادماً من المباركية  وبيدي الكتاب  ، وشاهدني رجل أعتقد من الجناعات صاحب دكان ، وناداني وقال : " شنهو هذا ؟" قلت " هذا كتاب عن الخليفة عمر بن الخطاب " قال " تقراه " قلت "إيه  " قال شنهو فيه ؟" قلت : "عن الخليفة عمر وعن عدالته وحزمه  وسيرته " ، لإن أذا كنت تحمل كتاب في ذلك الوقت وتسير ، يعتبر شيئاً غير عادي ، لأن الناس في ذلك الوقت مشغولون،  ويُعتبر الكتاب إضافات وليس ضرورة ، وظروف الكويتيين كانت صعبة ، وفي ديواننا لا يوجد كتب "

 

 

مجتمعنا لم يفهم فهد بورسلي

    "وأذكر شخصية مهمة هو الشاعر فهد بورسلي ، وكنت أراه يجلس على السيف على جال البحر ، ويلبس غترة بدون عقال وغير "مهندم" في الملبس ، وكان يتردد على ديوان النصف ، ونصف اليوسف كان أديباً وكان يحبه ويحب شعره ، والمجتمع ما فهم بورسلي ، وفهد بورسلي من الشعراء الذين سبقوا عصرهم ، فكان سابق عصره ، وعصره ما فهمه  وراح بالشعر ، وتصوروا أنه هذا رجل مختل لصراحته ، كان يهجو،  وكان يتغزل ،وكان شاعراً مُبدعاً ، و يسوّق للمنتجات عبر قصائده مالياً .

ديوانية العسعوسي مركز تجمعنا

    " ومن الديوانيات التي أتردد عليها ديوانية العسعوسي في فريجنا ، وكنا نتجمع فيها نحن أهل الفريج خاصة في فترة الصيف كباراً وشباباً ، وأحاديثنا جميعها عن البحر، وفي الشتاء كان قليل ما نتجمع بالديوان لأن النواخذة من آل العسعوسي عبدالوهاب وراشد  يدخلون البحر ، وكنا نتكلم عن البحر وعن الربيان وعن الزبيدي والسمك ، وهذا البوم حدر ، وهذا النهام ما ركب ، وهذا البوم تعور ، وكان من رموز الديوان عبدالله عبدالرحمن العسعوسي وهو مدير الأوقاف ، وكان رجلاً مُحترماً ورجلاً مُبجلاً ، وكان يعطيني رعاية أنا بالذات لعلاقته مع أهلي ، وكان رجلاً مؤدباً ويحكي بأدب وكان يُربي،  وكان إنساناً فاضلاً ، وكان عبدالله العسعوسي يحكي لنا عن مجالس الشيخ عبدالله الجابر،  ومجلس الشيخ صباح السالم والشيوخ ، ويتكلم لنا عن تنظيمات الكويت المستقبلية وتطورها، وكان في ذلك الوقت مجالس مُنتخبة ،وكان عبدالله العسعوسي رجلاً عفيفاُ لا يغيب عن ذاكرتي ، وكان هناك شاعر آخر يتردد على ديوان العسعوسي،  وهو الشاعر عبدالمحسن الرفاعي وهو شاعر شعبي مُقتدر وبحار، وكان يتردد على الديوان العديد من "النهامة "، ديوان  العسعوسي  كان ديوان بحر ، أما ديوان النصف ، فكان ديوان سياسة ، نصف اليوسف وأخوه محمد النصف رجال سياسة ، وهم ناس أصحاب رأي ومُقربون ، ولهم مكانة وجسور مع الاسرة الحاكمة " .

 

 

أخي عيسى بشارة أرسل رسالة يقول " وزعوا عيش "!!

   " أخي عيسى بن يعقوب بن بشارة  نوخذة له شهرته، وهو تاريخ وعبر المحيط 26 مرة من الهند الى أفريقيا ، وأتقن عدة لغات منها السواحيلي والهندي والفارسي ، وأثناء الحرب العالمية الثانية السفن الإنجليزية انشغلت بالحرب ، وأخي عيسى  استغل الوضع ، وراح ينقل الخيول للهند ، وأتذكر حكايات عن أخي النوخذة عيسى بشارة ، ففي عام 1943 م وهو في السفينة بعرض البحر ضربتهم عاصفة في الليل،  وراح يريد أن يساعد البحارة ، وأختل توازنه وسقط في البحر وكان في المحيط ، وراح يسبح ثماني ساعات ، واكتشف البحارة أن النوخذة غير موجود ، وكان في السفينة دائما "ماشوه" وهي قارب صغير، وكذلك "الكيك" وهو قارب صغير ، لهذا راح البحارة ومنهم المجدمي محمد المسباح الذي قاد الماشوه مرة ثانية يبحثون عن النوخذة ، وعثروا على عيسى حياً بعد ثماني ساعات يسبح في البحر الهائج ، وكانت معجزة الهيّة، لأن السفينة لا تستطيع الإبحار إلا بوجود النوخذة، وكان البحارة يبكون عند الحدث وعند  فقدهم  له  ، و والدي يعقوب لم يكن في الكويت في حينها ، ولم يعلم عن غرق أخي ، وعندما وصل عيسى لبُمبي ، أرسل لنا رسالة  أنا قرأتها لأمي تقول :" أنا وقعت من السفينة و وزعوا عيش "، وبعدما رجع شرح للناس تفاصيل الحادثة ، وكذلك حكى محمد المسباح تفاصيل ما حدث عند عودتهم ، والحادثة الثانية حكى لي أخي عيسى قال : "في البوم ، بوم فتح الخير وكان محمل من بومبى إلى أفريقيا ، وبدون مُقدمات وقف البوم وضرب صخر ، الآن إذا ما صار مد وحمل البوم،  فهذا يعني البوم أنتهى ، وكان يحكي لي السالفة ، ويشعر بألم لأن اذا لم يتحرك يعني انتهى البوم ، وكذلك أخي عيسى كان حريص فإذا وصل زنجبار،  يدخل بسفينته بنفسه في النهر لجلب "الندل" بينما نواخذة آخرون يرسلون المُساعد يَدخل بالسفينة داخل النهر "  

أول تعليمي بالمدرسة المباركية

  " أول التحاقي بالتعليم كان في المدرسة المباركية ، أعتقد من أعوام 1943م/1944م حتى 1955 م، وكان المدرسون مصريين ، وفي ذلك الوقت أنا كنت الولد الوحيد في البيت ، والوالدة تدير البيت ، وما كان أحد يسأل درست أو ما درست ، الوالد والجد كانوا مشغولين وجهاد في الحياة ، وفي عام 1955 م التحقت بثانوية الشويخ سنة واحدة وأكملت الثانوية ، وكان عدد الطلبة بالمباركية محدوداً جداً ، عيال بهبهباني وعيال الغانم وعيال العدواني والسديراوي وعيال الشلفان وعيال الطحيح ، وأذكر دخلت الكتاتيب سنة واحدة عند الشيخ حمادة ، وفي مدرسة المباركية الحكومة بدأت تهتم بالتعليم ، وكان هناك طابور ، ونجلس على مقاعد ، وكانت المناهج بسيطة نحفظ سيرة عمر بن الخطاب والشعر العربي وتاريخ ، لكن للأسف ما كان هناك ذكر لتاريخ الكويت ، ولا نسمع عن حكام الكويت ،وكانت  مناهج مصرية ، تاريخ مصر وعن النيل ، وأذكر كنا ندرس كم مدرسة بالقاهرة !!، ولم نسمع بالشيخ مبارك الصباح ، وأذكر من المُدرسين ملا راشد السيف وملا عبدالمجيد  ، وأكملت سنة بثانوية الشويخ ، وابتعثت إلى القاهرة ، جامعة القاهرة كلية الآداب ، وأنا أحب الأدب والشعر والخيال والكتابة والقراءة ، وأكملت اربع سنوات وكنت أميل للتدريس "

وعدت للكويت لألتحق بسلك التدريس

"ورجعت للكويت والتحقت بثانوية الشويخ عام 1960 م كمُدرس لغة انجليزية  لسنة واحدة فقط ، ورغم أنني حديث في التدريس ، لكن لم أكن أملك فنون التدريس ،ومن دون مُقدمات تم تعييني وكيلاً ،حيث كانت الثانوية بحاجة لكويتي للأشراف على الطلبة وانضباطهم ، وأنا كان لي مقدرة على التعامل مع الطلبة ،وأنا مواطن وأعرف الطلبة"

وزارة الخارجية جذبتني

    "وبعد سنة من العمل بثانوية الشويخ قدمت للعمل بوزارة الخارجية عام 1961م ، حيث كانت الوزارة بحاجة لدبلوماسيين مع استقلال الكويت ، وأرسلونا إلى اكسفورد لدراسة القانون الدولي ، وكان معي في البعثة نوري عبدالسلام وأحمد النقيب ويوسف الخرافي ووقيان الوقيان وعبدالحميد البعيجان ومحمد الحربش المطيري وجاسم بورسلي وسعيد شماس والبعض اصبحوا سفراء فيما بعد ، الدورة كانت سنة ونصف ، وأرسلت لسفارتنا في تونس ،لأني كنت أميل لتعلم اللغة الفرنسية ، لكن أعتذرت حيث أصبت بحساسية بالجلد هناك ، وأُرسلت إلى إنجلترا وبعدها رجعت للكويت ، وفي عام 1963 عُين الشيخ صباح الأحمد وزيراً للخارجية ، وأصبحت مساعداً لمدير مكتب الشيخ صباح بعد أن تم نقل مدير مكتبه عادل جراح للخارج للندن ، وأصبحت مدير مكتب الشيخ صباح منذ 1964م ، وبعدها في سبتمبر 1971م ، تم التعيين ممثل الكويت الدائم في الأمم المتحدة ، وكان هذا المكان الذي كنت أبحث عنه ، وعشت هناك عشر سنين ، والحقيقة أنا الذي طلبت من الشيخ صباح الأحمد الذهاب لذلك المركز في الأمم المتحدة فقال لي : " أنت متأكد بتروح ..روح إذا مليت إرجع  " وعملي هناك كان مدرسة لي ، وتمكنت من إدخال الكويت مجلس الامن ".

انضمامي لمجلس التعاون الخليجي كان لها حكاية

    " أما دخولي مجلس التعاون الخليجي  فكان حكاية أخرى ، ففي عام 1979م  حدثت حالتان أثرت على الكويت وعلى المنطقة ، الأولى الثورة الإيرانية والثانية كامب ديفيد ،وكامب ديفيد رافقه تطرف راديكالية النظام العراقي ، وعقدت قمة في بغداد ، وكانت قمة ؛ الحقيقة فيها توبيخ وتهديد على الدول التي تتردد في تبني الموافقة على القرارات الراديكالية الذي فيها عقوبة لمصر وطرد مصر من الجامعة العربية ، فكانت الأجواء غير مريحة لرؤساء الدول ، وهذا خلق جو أزمة ، وفي عام 1979 م كانت هناك قمة عربية تنموية بالأردن وجلس الشيخ جابر الأحمد مع حكام الخليج وقال ما هو رأيكم  ننظم حياتنا فمصالحنا واحدة وأنظمتنا واحدة ، وعندنا شرعية تاريخية لنحافظ عليها ، كان رد الخليج الموافقة وطلبوا من الكويت أخذ المُبادرة ، وعمل مقترح ، وأنا ما زلت بأمريكا ، وفي عام 1980م  تمت مباحثات على النظام الأساسي لمجلس التعاون والأفكار ، وتم الاتفاق أن يكون هناك شيء بسيط ، ولا نريد دستوراً مُعقداً ،إنما تجمّع أساسه تعاون وتكامل وتنسيق وتلاقي و الوصول إلى تنظيم وحدتنا ، وقدمت الكويت ورقة بهذا الخصوص ، وفي فبرير عام 1981 م في الرياض تمت الموافقة على الورقة ، وهنا استدعاني الشيخ صباح الأحمد من أمريكا ، ولم أكن أعرف السبب ،  وعدت في مارس ،وفي أول إبريل أبلغني الشيخ صباح بأننا سنذهب إلى موسكو أنا و معنا عدد محدود من الفنيين ، وكان الهدف من زيارة موسكو هو إبلاغ الدول الكبرى ، وكان الشيخ لديه منظور أن نبلغ تلك الدول الكبرى ونقول لهم إن لدينا مشروعاً كبيراً سيُعلن عنه وهو مجلس التعاون الخليجي ، ونريد دعماً من  الدول الكبرى ، والدول العربية قام الشيخ صباح بإبلاغها مسبقاً لم يستوعبوا الفكرة ، لكن لم يمانعوا ، وعند وصول الوفد لموسكو كان اللقاء مع وزير الخارجية جروميكو ، وشرح الشيخ صباح بتفصيل أن مجلس التعاون سيقوم واهدافه كذا وكذا ، جروميكو رد على الشيخ وأنا أجلس بجانبه : " إذا مجلس التعاون يسلك السلوك الكويتي سندعمه واذا سلك سلوك آخر لن ندعمه" ورد الشيخ صباح وقال : "أطمنكم " ، وبعد عودة الوفد طلب مني الشيخ صباح أن أسافر إلى الخليج  و أبلغ المسؤولين عن ما جرى في موسكو ، وهنا ظهر اسمي على الساحة ، وكان أول لقاء في الرياض مع الأمير سعود الفيصل ، وسعود الفيصل دبلوماسي مكتمل بامتياز،  وأمير بامتياز،  وإنسان بامتياز ، وشرحت له ما حدث في موسكو ، ورحب بالفكرة والزيارة،  وبعدها توجهت للبحرين وقابلت الشيخ محمد مبارك وزير الخارجية ، وبعدها إلى قطر فقابلت أحمد بن سيف بن ثاني وقابلت في الامارات راشد بن عبدالله وفي عُمان قابلت قيس الزواوي وكان وزير خارجية ،وكان الترحيب من الجميع، ولكن اتضح لي أن اسمي كان مطروحاً كأمين عام مجلس التعاون الخليجي ، وكان الشيخ صباح الأحمد قد تحدث مع حسني مبارك الذي رحب وكان صديق الخليج ، وكذلك بلغَ الولايات المتحدة  والكل رحب ، لكن في ذلك الوقت قد سقطت الثورية والشعارات في كل البلدان العربية ما عدا بالعراق وسوريا وليبيا ، وفي 24 مايو 1981 م كان أول افتتاح لمجلس التعاون وأقروا الوثيقة البسيطة ،و تعييني كأمين عام لمجلس التعاون ،وطلبوا مني قراءة البيان الختامي ، وبقيت كأمين عام لمجلس التعاون لمدة 12 سنة ، والمقر كان في الرياض وأنا حبّيت الرياض وأهلها " .

_____________

   *صدر للأستاذ عبدالله بشارة إصدارات منها كتاب (مشاهدات عبدالله بشارة بين الخارجية والأمم المتحدة )وكتاب ( الغزو في الزمن العابس ) و( عامان في مجلس الامن ) وكتاب " بين الملوك والشيوخ والسلاطين

 (1)عيسى يعقوب بشارة (1919-2020 ) نوخذة كويتي له تاريخ طويل مع البحر .