الثلاثاء، 9 أبريل 2024

لي رأي .. اعدام مسلسل واعدام ممثلين !!

 

لي رأي .. اعدام مسلسل و اعدام ممثلين

كتب : حمد الحمد

في عام 1977 عرض تلفزيون الكويت حلقات مسلسل يُدعى «درب الزلق»، وفي حينها قامت مجلة فنية كويتية بشن حملة شعواء على المسلسل كونه يُخالف الأخلاق والتقاليد الكويتية، وطالبت بوقف عرضه، فلا يجوز أن يضرب حسينوه خاله قحطه، ولا يجوز لكويتي بيع لحم كلاب لأن الكويتي لا يغش في التجارة، تلك عادات ليست من شيم الكويتيين، وزارة الاعلام في حينها لم تأخذ برأي المجلة، ولم توقف عرض المسلسل، أو مُعاقبة الكاتب عبدالأمير التركي، واستمر عرض المسلسل بحلقاته الـ13، وأصبح جزءاً من تاريخ الدراما الكويتية والخليجية والعربية، تصوّر لو وزارة الإعلام في حينها منعت العمل، ومنعت الفنانين من الظهور؟.

وأنا شخصياً لي تجربة في الدراما ففي عام 2002، صدرت لي رواية «الارجوحة»، وتفاجأت بأن تتصل بي الأستاذة أسمهان توفيق، وتطلب أن تحوّلها إلى عمل درامي ووافقت، وبعد الاطلاع على السيناريو قدمت اعتراضي على بعض المشاهد، لكن العمل تم إنجازه بـ30 حلقة وعُرض في عام 2004 في كل قنوات الخليج، لكن مَنْ قرأ الرواية يجد اختلافاً في الأحداث، وهذا طبيعي فليس كل سطر على الورق أن يتحوّل إلى صورة لأسباب عديدة، عموماً نجح العمل ومازال يُعرض بين سنة وأخرى ليومنا هذا رغم مرور أكثر من 20 سنة.

شخصياً من سنوات طويلة لا أتابع الدراما الخليجية ليس تقليلاً من دور الفن، ولكن لا أجد وقت فراغ للجلوس يومياً للمشاهدة، لكن في شهر رمضان هذا العام هناك انتقادات لعمل درامي عنوانه «زوجة واحدة لا تكفي» مُنتجه غير كويتي والقناة التي تعرضه غير كويتية، وتصلنا أخبار عبر وسائل التواصل أن كثيراً من المشاهد غير مقبولة، وفعلاً إذا كانت هكذا فهي ليست مقبولة لي ولغيري.

لكن أعتقد أن وزارة الإعلام تسرّعت واتخذت قراراً أعتقد أنه مُتسرع بإعدام جميع مَنْ عمل فيه من ممثلين وغيرهم في الظهور في أي أعمال مقبلة، والتسرّع في هكذا قرارات غير محمود أن تكون القاضي والمُنفّذ المعاقب، وكان الأجدر والأسلم أن يحوّل العمل للقضاء، وتنتظر الحكم وتُخلي الوزارة مسؤوليتها، ولا تعتمد على أقوال في وسائل التواصل قد يكون أكثر مَنْ كتب لم يُشاهد المسلسل، وكان سبب المنع هو الحفاظ على قيم وتقاليد المجتمع الكويتي وتمسكه بالقيم والأخلاق.

من تجربتي أن الكاتب يكتب، ولكن أثناء الإنتاج تحدث تغييرات كثيرة، قد لا يكون له يد فيها، وكذلك حوارات تُضاف لم يعتمدها، وأمر آخر المُمثل عندما يقرأ سيناريو العمل هو لا يقرأ إلا دوره، ولا يقرأ باقي العمل، وحتى بعض الحلقات تصوّر، وهو لا يتطلب وجوده بها، لهذا هو ليس مسؤولاً عن العمل بكامله.

أنا أقف مع المسؤولين بالتحويل للنيابة، لكن أن يكون القرار نافذ حال إصداره، حتماً لم يكن موفقاً لأن شركة مثل شركة زين، تدعم الدراما الكويتية من سنوات من أجل تطويرها وتنتج أعمالاً من مسرح الطفل، ومنها مسرحية عنوانها «زين الزمان»، وكانت ستُعرض في العيد، وكثير من الأسر حجزت مقاعد لأطفالها، ولكن تم إلغاء العرض بناء على المنع كون الكاتبة هي كاتبة المسلسل نفسها، بهذا كأننا نبعد القطاع الخاص من دعم الأعمال الفنية وتطويرها.

عموماً نقف بقوة مع إخواننا في وزارة الإعلام لاتخاذ قرارات بشأن أعمال شركات غير كويتية تعمل بالخارج وتشوّه صورة الكويت، لكن نتأمل أن تكون القرارات بناء على أحكام القضاء المشهود له بالنزاهة.

https://www.alraimedia.com/article/1683335/مقالات/لي-رأي-إعدام-مسلسل-وإعدام-ممثلين

الخميس، 4 أبريل 2024

الديموقراطية المنقوصة افضل من لاديمقراطية !!

 الديموقراطية المنقوصة  افضل من لا ديمقراطية !!

كتب : حمد الحمد

نشرة أو مجلة أجنبية تسمى «جورنال في ديموكراسي»، تم تداول مانشيتها في الكويت عبر مواقع التواصل، وكان المانشيت وبخط عريض «هل سيكون برلمان الكويت القادم هو الأخير؟»، وفي الكويت البعض وللأسف استقبلوا العنوان وروّجوا له بل وفرحوا، مع تمنيات بأن يكون المجلس القادم لمجلس الأمة هو المجلس الأخير، بمعنى دعوة واضحة للتخلص من الشكل الديموقراطي وتعليق العمل بالدستور إلى أجل غير مسمى، وللأسف من يساند تلك الدعوات البعض من الراشدين المُتعلمين.

تلك الدعوات والتمنيات بحل غير دستوري تحمل مخاطر كبرى، ومن يدعو لذلك حتماً جاهل وغير واعٍ، ولا يتذكر التجربة الكويتية قبل عام 1990م، حيث لم يكن هناك مجلس أمة، وكان هناك رقابة على الصحف، وكان هناك مجلس وطني غير شرعي، وفي غياب الصوت الشعبي دخل علينا العدو في ليلة ظلماء، لهذا، المُشاركة في إدارة البلد تحتاج تحالفاً بين أسرة الحكم وممثلين للشعب.

وحتما من يدعو إلى التخلي عن المكسب الشعبي الذي حدده الدستور، إنما ينسى أو يتجاهل أن المشاركة الشعبية، أو لنقول الديموقراطية المنقوصة ليست جديدة على الكويت، ففي عام 1938م، أنتخب أول مجلس تشريعي، وهذا قبل تدفق موارد النفط على البلد، لهذا، المُشاركة الشعبية متجذرة، وما زالت مفعّلة في كل المجالات، فهناك انتخابات من اتحاد طلبة إلى جمعيات نفع عام أو جمعيات تعاونية إلى شركات وهكذا.

وفي عام 1962م، صدر الدستور الذي بيّن مسؤوليات أسرة الصباح الأسرة الحاكمة ودور الشعب الممثل بمجلس الأمة، والتوقيع على الدستور من قبل الشيخ عبدالله السالم، إنما كان توثيقاً رسمياً يفترض ألا يلغى أو يعدل إلا بموافقة الموقعين عليه، وهذا يضمن سلامة البلاد والعباد وحتى حماية لمكانة أسرة الحكم.

أمر آخر مهم هو تأكيد هذا الشأن في مؤتمر جدة أثناء الغزو، عندما تم التوافق على العودة بالعمل بالدستور، ولهذا دعمت الدول الصديقة والشقيقة هذا الاتفاق حتى تم تحرير الكويت والحمدلله.

البعض يقول الديموقراطية مُزعجة أفضل أن نتخلص منها، وهذا قول فيه الكثير من السذاجة ويحمل الكثير من المخاطر، فوجود مجلس داخل قاعة عبدالله السالم، ونقاشات واستجوابات لأشخاص نعرفهم وفق ضوابط ولوائح، أفضل من ألا يكون هناك مجلس، ويصبح في كل مكان وفي ساحة الارادة مجالس من أشخاص لا نعرف غالبيتهم ولا نعرف من يمثلون، وهنا نتذكر تجربة تجمعات دواوين الاثنين وانتقالها من منطقة إلى منطقة وصدام وأزمة هدّدت الأمن.

وعن ما نقول ديموقراطيتنا المنقوصة، نقول إنها شكل ديموقراطي للمشاركة، ولا يرقى للنظم الديموقراطية حيث ينقصها نظام الأحزاب، وإذا كان هناك تراجع في البلد فيجب ألا يُلام مجلس الأمة فهو مجلس تشريعي، وليس تنفيذياً فليس من مهمته اصلاح الشوارع أو إدارة الوزارات إنما هذا عمل السلطة التنفيذية اليومي.

لهذا، نتمنى ألا يصدق تنبؤ مانشيت تلك المجلة، لأن مخاطر إن حدث وإن كنا لا نتوقع ذلك، المخاطر بالتأكيد جسيمة وتداعياتها السياسية لا يتوقعها أحد.

https://www.alraimedia.com/article/1682580/مقالات/الديموقراطيةالمنقوصة-أفضل-من-لا-ديموقراطية

الاثنين، 1 أبريل 2024

ومما رزقناهم ينفقون

 

ومما رزقناهم ينفقون

كتب : حمد الحمد

قبل فترة كنتُ أستمع لسيدة تقول بما معناه، «لماذا يذهب البعض إلى كافيه ويشتري كوب قهوة ويدفع ما يُعادل ديناراً أو دينارين»؟، وتعني بأن هذا التصرّف لا معنى له، حيث بإمكان الإنسان شراء علبة مسحوق قهوة بدينارين وعمل قهوته بالبيت والعلبة تكفي شهراً أو أكثر، بمعنى لماذا نبذّر أموالنا؟.

كلام تلك السيدة ظاهرياً عقلاني، لكن دينياً واجتماعياً واقتصادياً غير عقلاني، لأن في القرآن الكريم في جزء من سورة البقرة تقول: «وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ»، بمعنى المسلم يتوجّب عليه الإنفاق، ولكن ما هو مفهوم لدى شيوخ الدين أن الانفاق فقط بدفع الزكاة والصدقة أو التبرّع للجمعيات الخيرية أو الأسر المتعفّفة أو المحتاجين وهذا صحيح، والشيخ عثمان الخميس، في حديث له حدّد الإنفاق كما جاء في الآية فقط في الزكاة والصدقات، وهنا يكون جوابه قد جانبه الصواب، -من وجهة نظري-لأن مفهوم الإنفاق أكبر من ذلك بكثير.

والحقيقة في ديننا الإنفاق أوسع من ذلك المفهوم الضيق، لأنك عندما تذهب لقهوة أو مطعم أو سوق تجاري أو بقالة وتشتري، هذا نوع من الإنفاق لأن ما ستدفعه من مال خرج من حسابك بالبنك إلى حساب صاحب عمل، وصاحب عمل سيدفع ما يصله إلى العاملين الذين يعيلون أسرهم، وهنا نحن نتحدث عن الميسورين والمقتدرين وليس محدودي الدخل فقط، ولكن لو التزمنا بقول تلك السيدة التي ترى أن صرف الأموال على قهوة ليس له معنى، لكن هذا أمر لو اتبعه الكل لأغلقت كل المصالح وفقد الناس أعمالهم وأرزاقهم.

وفي الكويت هناك عادة يفهمها البعض على أنها إسراف وتبذير، حيث قبل رمضان سنوياً تشتري العائلات الموسرة وغير الموسرة أطقم طعام جديدة، وهنا الأموال تنتقل من حساباتهم بالبنوك إلى أصحاب أعمال وإلى العاملين في تلك المصالح كرواتب وهذا نوع من الإنفاق.

وقرأتُ ذات مرة أن النبلاء الإنكليز عندما كانت إنكلترا امبراطورية لا تغيب عنها الشمس، كان لديهم عادة أنهم كل سنة يستبدلون أثاث قصورهم، وقد يُفهم هذا بأنه تبذير وإسراف لكن الهدف هو عندما يتم بيع الأثاث الذي مضى عليه سنة يشتريه مَنْ هم أقل درجة اجتماعية، وبالتالي النبلاء يشترون أثاثهم الجديد من المصانع وهنا يحدث دوران للمال، والإنفاق يصل لدرجات أقل وتشتغل المصانع، والدول الغربية تشجّع على الإنفاق لان هذا نشاط اقتصادي وفرص عمل جديدة ويقل عدد العاطلين عن العمل.

وشخصياً أرى أن الغرب طبّق مفهوم الآية التي تحدثنا، حيث راح يخلق مناسبات تشجع الناس على الإنفاق والصرف، ومنها استحداث يوم للأم ويوم للحب ويوم للجدة وللجد، وهناك بلاك فرايدي وغيرها، وتلك مُسماها أيام، ولكن للأسف شيوخ الدين عندنا يترجمون كلمة يوم day إلى عيد الأم وعيد الحب لتحريم هكذا أيام، بينما هي أيام تجارية يتسابق فيها الناس على الإنفاق، حيت تنتقل أموال من الحسابات بالبنوك لأصحاب المصالح ويتحرك السوق وتفتح فرص عمل جديدة وتستفيد الدولة بأن تنقل لها مبالغ كضريبة.

لكن قد يفهم البعض أنني أشجع على أن تذهب كإنسان لكافيه أو مطعم يومياً، وهذا ليس ما أعنيه إنما القصد أن يخرج الإنسان من البيت، لأن كلمة «بيت» تعني المبيت وهو مكان للنوم، والجلوس في المنزل طوال اليوم لا معنى له، والخروج ترفيه عن النفس وتغيير للمزاج وأن تعيش مع الناس، وهذا هو الإنسان الطبيعي، ويُمقت أن يوصف إنسان بانه «بيتوتي»، وهنا أفسرها بأن هناك حالة نفسية يعيشها.

أتمنى وصول القصد مما أعني، لأن الإنفاق في الأسواق يعني فتح فرص عمل وبيوت يصلها الخير، وليس فقط عبر الزكوات والصدقات لجمعيات خيرية، وخاصة أننا في أيام انتخابات، وهناك كلام أن بعض تلك الأموال يتسرّب من بعض الجمعيات للأسف لدعم حملات انتخابية!.

نشر المقال بالراي في 1 ابريل 2024

https://www.alraimedia.com/article/1682120/مقالات/ومما-رزقناهم-ينفقون