الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023

كويت مُختلفة .. دستور عبدالله السالم أم دستور محمد هايف !!

 

كويت مُختلفة .. دستور عبدالله السالم أم دستور محمد هايف !!

كتب : حمد الحمد

يتردد سؤال... أين كويت الستينات والسبعينات؟، الكويت ليست الكويت التي نعرفها؟ سؤال يُطرح من قِبل كثير من إخواننا الخليجيين والعرب، ما الذي حدث حتى يجعل مواطناً كويتياً يُسافر للرياض لمشاهدة فيلم مُنع في الكويت أو حفلة ما؟

الجواب هو أن الرؤية، كويت الستينات وما قبلها، هي كويت رؤية الشيخ عبدالله السالم الحاكم المُتنور، حاكم الكويت التقدمي كان لديه رؤية لبلد ينهض، لهذا ترك زمام الأمور لنخبة من الليبراليين الكويتيين، وأوكل لهم قيادة المسيرة، منهم عبدالعزيز حسين وأحمد العدواني وحمد الرجيب وآخرون كُثر.

في عهد عبدالله السالم أقر الدستور، وافتتح أول مجلس مُنتخب في الخليج، وشُيد في كل ضاحية ومدرسة مسرح ومكتبة عامة، وكان عصر التنوير بصدور مجلة العربي وسلسلة عالم المعرفة وعالم الفكر، وانشئت معاهد للمسرح وللموسيقى، وكان الرأي الحر له وجود عبر صحافة حرة، وفي فترة الستينات وجزء من السبعينات كان هناك حكومة ليبرالية ومجلس أمة أغلبه ليبرالي، وكان التوافق واضحاً، وكان النظام يقود الشارع، لكن في ما بعد أصبح الشارع يقود النظام بدخول تيارات أصولية وقبلية مُحافظة، ليس في قاموسها دعم الفنون والآداب والتنوير.

وبينما دول عربية كانت تخلق جدران صد لهكذا تيارات تخوفاً منها، النظام استقبل بعضها بالترحاب بل منحها مقرات، والمقرات فرّخت فروعاً في كل ناحية وزاوية، على هيئة أعمال خيرية لخلق جيل مستقبلي للوصول للبرلمان، بينما النظام أغلق نادي الاستقلال النادي الليبرالي الوحيد، ومن هنا بدأت مرحلة الانتشار، والآن انتقلنا لمرحلة التمكين.

لكن الوضع الآن مُقلق ومحير، حيث ذُكر أن هناك 151 منصباً شاغراً في الدولة أغلبها مناصب عليا من وكيل وزارة إلى وكيل مساعد إلى عمداء جامعات، ومنهم 70 منصباً لقطاع التعليم في وزارة التربية والجامعات والمعاهد. السؤال، كيف تعمل دولة وكل هذا المناصب شاغرة، وما حظ التيارات وغيرها لاحتلال هكذا مناصب، لتبدأ مرحلة التمكين الحقيقي؟!

وما حدث أخيراً له دلالة... وزير تربية جديد، وقبل أن يُقسم أمام البرلمان يجتمع مع لجنة صغيرة بالمجلس برئاسة النائب الفاضل محمد هايف، والنائب يأمر الوزير بإلغاء الشعب المختلطة بالجامعة، والوزير يخرج وينفذ الأمر فوراً ومن دون دراسة ومراجعة، رغم أن الموضوع محسوم وفق تفسير لحكم المحكمة الدستورية، ويتحرك المجتمع المدني معترضاً، اعتصام طلاب وندوات وبيانات وصحافة وقنوات ومنصات إعلامية تثير الموضوع داخلياً وخارجياً، والحكومة كأن الموضوع لا يعنيها!

سؤال يطرح نفسه... هل انتقلت الكويت من مرحلة دستور عبدالله السالم إلى دستور محمد هايف... هذا احتمال، مع احترامنا لنائبنا الفاضل الذي نتمنى أن يتصدى للقضايا الكبرى، ويبتعد عن هكذا قضايا هامشية لا تهم البلاد ولا العباد.

https://www.alraimedia.com/article/1658337/مقالات/كويت-مختلفة-دستور-عبدالله-السالم-أم-دستور-محمد-هايف

الأحد، 17 سبتمبر 2023

.زيارتي للبصرة .. استكشاف ايجابي

 

زيارتي للبصرة .. استكشاف إيجابي  

كتب : حمد الحمد 

الراي عدد 17 سيتمبر 2023

   بعد أن كانت سفراتي لسنوات طويلة لأوروبا وكندا وأميركا وحتى الشرق الآسيوي، إلّا أنني في الفترة الأخيرة لي رغبة بالتوجه لبعض الدول، وقد زرتُ من قبل مصر، سورية، لبنان، تونس، المغرب والخليج، لكن لي رغبة في زيارة إيران أو اليمن أو ليبيا أو الجزائر أو السودان، وكذلك العراق خاصة، لكن الغزو الآثم أوقف تلك الرغبة.

   وسبب الرغبة في زيارة العراق وخاصة البصرة والزبير أن والدي - رحمه الله- في رحلاته التجارية يمر على الزبير والبصرة، بل إن لي أخاً اسمه محمد – رحمه الله- توفي في بداية الخمسينيات وهو فتى بحادث، وقد درس في الزبير، لهذا أردت تنفيذ تلك الرغبة مع إلحاح من دعوة صديق وأديب عراقي مُقيم بالبصرة، وهو الأستاذ محمد سهيل، وقد كان يعمل قبل الغزو في الكويت.

  سألت ابن عم لي كان قد قدم من العراق أخيراً عن الوضع هناك، أفاد أن لا وجود لأيّ مخاطر، والأمور كلها سالكة وآمنة، وأنه قد عاد من رحلة قنص للتو من العراق، هنا توكلت على الله، وقرّرتُ السفر مع صديق خليجي.

   الحروب لها آثار بعيدة المدى، ليس على الجماد إنما على العباد، وفي ذاكرتي ما انتبهت له في عام 1978م، عندما التحقت بمدرسة في إنكلترا لتعلم اللغة الإنكليزية، وسكنت في منزل عائلة راقية تؤجر غرفاً للطلبة، وكان معي على ما اذكر طالب ياباني والبقية أوروبيون احدهم إسباني وطالب ألماني، وكنت ألاحظ أن كل الطلبة لا يتحدثون مع الطالب الألماني ويعيش في عزلة، ولم أكن أعرف السبب، وسألت أحدهم «لماذا لا تتحدثون مع زميلنا الألماني؟» قالوا«إنه من جماعة هتلر !» وعرفت أن جروح الحرب العالمية الثانية لم تندمل، رغم أنه قد مضى عليها أكثر من ثلاثة عقود، لكن حالياً بعد أن مضى عليها أكثر من سبعة عقود تغير الحال واصبح هناك تعاون في كل المجالات بين ألمانيا المعتدية وبقية الشعوب الأوروبية.

   نعود لزياراتي للبصرة دخلت بسيارتي الخاصة يوم الأربعاء 14 يونيو 2023 م. وكانت الحدود سلسة، وهناك تطوير لها، ودخلنا وتجولنا بالبصرة ووجدناها مدينة عامرة مزدهرة كبقية مدن الخليج، ولا عسكرة بالشوارع، ولا تعامل بالتومان كما يُشاع بل بالدينار العراقي، وكان لنا استقبال طيب في كل مكان نتواجد به، ولم نرَ من أهلها إلا كل خير وترحاب، ومنظر شط العرب منظر يُبهج الروح، ومعظم مَنْ التقينا معهم يذكرون أقارب لهم من الكويتيين في الكويت، وأخذنا صوراً أمام تمثال الشاعر بدر شاكر السياب، ولنا وجبة مع المسكوف في أحد المطاعم الراقية.

 

  شكرنا مُضيفنا الأستاذ محمد سهيل، وأسرته على كرم الضيافة، واكتشفنا ان كثيراً من المُعلومات التي تُشاع عن المدينة غير صحيحة، وسمعنا أن كثيراً من دول الخليج توقع الكثير من المشاريع في العراق، وأن محافظ البصرة السيد أسعد العيداني، سعى لجلب استثمارات لمدينته من المحافظات الأخرى مما ساعد في ازدهارها.

   ما نود قولة إن استقرار العراق هو استقرار للكويت وكل الخليج، وأن الأصوات التي تخرج أحياناً بحسابات وهمية وتخلق فجوة بين الشعبين ولا تخدم الأوضاع، وما سمعنا أخيراً من أن محكمة ما بالعراق ألغت التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة بين البلدين أمر مُقلق، وهكذا أخبار لا تخدم التقارب بين الشعوب، والعراق جزء من الجسد الخليجي يجب أن تتناغم معه ليعم الرخاء على المنطقة، عموماً زيارة ليوم واحد مفيدة، لكنه استكشاف إيجابي.

https://www.alraimedia.com/article/1657053/مقالات/زيارتي-للبصرة-استكشاف-إيجابي

الأحد، 10 سبتمبر 2023

الله يخليك دكتور .. حاول مرة أخرى !!

 

الله يخليك دكتور .. حاول مرة أخرى

كتب : حمد الحمد 

جريدة الرأي 10 /9/2023

 تألمت من جُملة ذكرها الطبيب الكويتي د. محمد جمال، عندما ذكر: «كان تحت يده فتاة تُنازع في روحها الأخيرة إثر حادث سيارة وتقوله له: (لا تقول لأمي!!)، وعندما خرج وأبلغ شقيقها عن وفاة اخته، ضغط الشاب على يد الطبيب بقوة قائلاً: (الله يخليك دكتور حاول مرة ثانية!!). قول الطبيب الموجع جداً قرأته في الانستغرام».

 وفي سفرتي الأخيرة لغلاسكو كنت أتابع بالتلفزيون مُحاكمة لشاب اسكتلندي من أصل آسيوي، هذا الشاب راح يقود سيارته بسرعة 180 كيلو بالساعة في طريق سريع، وكان يمسك بيده اليمنى دفة القيادة وباليسرى هاتفه النقال يصور سرعته حتى ينشرها في وسائل التواصل كتحد، انحرفت سيارته وضربت سيارة أخرى بها سيدة حامل التي توفت في الحال مع الجنين، وحكم على الشاب بـ12 سنة سجناً، ولكن أسرة السيدة المتوفية تُطالب بأكثر من ذلك، هذا الخبر بُث في نشرة الأخبار الرسمية.

 ومحلياً سمعت عن مواطن كان يجلس مع ابنه يشاهدان التلفزيون، إلا ويتلقى الابن مُكالمة من صديق يطلب منه القدوم للمساعدة لتعطل سيارته، ذهب الابن وماهي إلا نصف ساعة إلا ويتلقى الأب مُكالمة أن ابنه توفي إثر اصطدام سيارة مسرعة به هو وصديقه.

 

 وسمعت عن حكاية فتاة كويتية كانت في قمة النشاط والمرح في عملها، لكن في يوم ما تحولت إلى فتاة بائسة مُحطمة نفسياً، بعد أن توفت والدتها وأختها في حادث سيارة وهما عائدتان من عرس، قضى عليهما شاب طائش بعد تجاوزه إشارة المرور، ويُقال قد ارتكب هذا الحدث من قبل وخرج بكفالة.

  وأذكر فني ديكور باكستاني، كنت قد تعاملت معه قد استقدم ابنه للعمل وأخذ مكانه بعد أن كبر بالسن، وقدم الابن وما هي إلا سنة وراح الاثنان في حادث مرور وانتهى حلم أسرة.

 البعض هذه الأيام يُطالب برفع غرامات مُخالفات المرور للتقليل من الحوادث، وهذا حل غير مقبول، الحل هو أن تُطبق الجهات المعنية قانون المرور بحذافيره، فالقانون لم يُسن إلا لحماية الناس، لهذا استغرب عندما أقود سيارتي إلى جنوب الكويت بالطريق السريع، وأنا مُلتزم بالسرعة، وتمر عليّ سيارات تسير بسرعة طائرات، ولا أحد يوقفها، ويقال سنوياً يُقتل ما يُقدر 400 شخص بسبب حوادث السيارات في الكويت، مُضاف لهم طوابير من المعاقين والجرحى يتحمل علاجهم المال العام، وتتحطم أسر بأكملها بسبب سائقي سيارات متهورين.

  اقترح على تلفزيون الكويت قبل بث برنامج «ليالي الكويت»، وهو برنامج ترفيهي غنائي جميل، أن يُقدم يومياً حلقة تلفزيونية بعنوان «ليالي الطرقات في الكويت»، حيث نقرن برامج الترفيه مع برامج التوجيه، وأن توعية الناس عن حوادث الطرق أمر مهم، وأن يكون البرنامج بأسلوب حديث بالانيميشن أو غيره، حيث يُعرض كيف وقع الحادث والسبب ومن دون ذكر الشخوص ليكون عبرة، حلقة لو ربع ساعة مثلاً عن حوادث الطرق أو قضايا أخرى كعمليات النصب أو المُخدرات، فان هذه البرامج لها فائدة أكثر من برامج ترفيهية، فالحكومة ليس لها مُبرر للصرف من المال العالم للترفيه عن الشعب، بقدر توعية الشعب في هكذا مواضيع تهدد حياته يومياً.

https://www.alraimedia.com/article/1656079/مقالات/الله-يخليك-دكتور-حاول-مرة-ثانية

______________________

الثلاثاء، 5 سبتمبر 2023

 

ماذا استفاد الغرب من الديموقراطية ؟

كتب: حمد الحمد

      ماذا استفاد الغرب من الديموقراطية؟ هذا السؤال طرحه شخص ما في أحد المجالس، وكان ردي عليه بالحال: إن الديموقراطية الحقيقية أساسها حرية الفكر والنهج الليبرالي وتداول السلطة، وقلت لمن طرح السؤال، أنت أتيت لهذا المجلس وأنت تقود سيارة من مُخترعات الغرب الديموقراطي، وحتى هاتفك وحتى النظارة وحتى جهاز الكمبيوتر وحتى الطائرة التي قربت المسافات، وحتى تلك الأدوية والأجهزة الطبية التي لا غنى عنها في كل مستشفى و و و، بمعنى ان كل نواحي حياتنا مُخترعات ومنتجات من دول الغرب الديموقراطي الذي نطلق عليهم في أحاديثنا «الدول المُتقدمة» وكأننا نعترف بأن دولنا غير ذلك.

    إذاً، الغرب استفاد من الديموقراطية التي منحت للإنسان صوتاً وقوة واستقراراً سياسياً، وحتى في هذا العقد الأخير، مواقع التواصل من التويتر والفيس بوك وغيره، وهي مُنتجات غربية أعطت للإنسان العادي قوة هائلة لم يكن يملكها من قبل، بالسابق إذا أردت عرض رأي لا تجد منفذاً إلا عبر صحيفة أو إعلام مُحتكر من صحف أو إذاعة أو تلفزيون، الآن بإمكانك خلق قناتك وصحيفتك الخاصة في النت.

   لكن مع هذا لا يمكن أن نضع دولنا الخليجية في خانة الدول بغير المُتقدمة، أو نقول المُتخلفة، لأن دولنا لو قارنت وضعها قبل سبعة عقود، لأمكن أن نجزم بأنها من الدولة المُتقدمة حضارياً في مجالات عدة في التعليم والصحة وحقوق الإنسان وغيره، لكن مع هذا علينا أن نجزم بأن التقدم مقرون بحرية الفكر والقول، وهذا حتى الآن غير مُتوافر، فإذا أردت ان تصدر كتاباً فلابد أن تعرضه على جهاز حكومي ليسمح بتداوله، وإذا أردت قولاً ما، كذلك قد يطالك قانون صُمم ليكبت حريتك، ونذكر حادثة الدكتور أحمد البغدادي -رحمه الله، رُفعت عليه قضية بسبب رأي ما، وبسبب تلك الجُملة الذي قالها سُجن، وهو الأستاذ الجامعي والمُفكر الذي له مكانة في مجتمعه (الحادثة عام 1999م).

    لهذا، التقدم لا يُقرن بكثرة المال أو بحجم الموارد إنما بحرية الفكر، والغرب لم يغيره المال أو موارده الطبيعية، إنما غيره الفلاسفة وأصحاب الفكر، ومنهم الفيلسوف ديكارت (1596- 1650م)، وهو من فلاسفة القرن السابع عشر الذي أعاد للعقل مجده، ونجم عن ذلك التقدم العلمي الهائل، حيث جعل كل الأفكار السابقة والموروثة تحت المجهر والنقد، ضمن مقولته الشهيرة: (أنا أفكر، إذاً أنا موجود)، حتى أن الكنيسة صنفت كُتبه من الأعمال المحظورة.

   الكاتب في عالمنا، وهو يبدأ بالكتابة تحوم حول رأسه رقابات عدة، رقابة الأسرة والقبيلة والدين والتقاليد الموروثة والتيارات المؤدلجة ورقابة الحكومة وحتى رقابة المجتمع بأكمله، وبالتالي تلك الرقابات تحجب كل الأفكار التي في رأسه وتمنعها أن تخرج للوجود، لهذا أرى أن التقدم لا أن نكون بدولة تعيش بأمان ورفاهية فقط، إنما ما تقدمه هذه الدولة للعالم من مُخترعات وإنجازات تفيد الإنسانية

https://www.alraimedia.com/article/1655207/مقالات/ماذا-استفاد-الغرب-من-الديموقراطية-

جريدة الراي  4 سبتمبر 2023