الثلاثاء، 20 مارس 2018

أغاني وطنية .. جرعات زائدة بلا معنى !!


أغاني وطنية .. جرعات زائدة بلا معنى !!
كتب : حمد الحمد
_________
تضج قنواتنا المحلية الإذاعية والتلفزيونية بعشرات الأغاني الوطنية ويزداد الزخم في شهر فبراير ومارس من كل عام ، لكن لا اعرف بلد أخر لديه هذا الكم الهائل من الأغاني ، فكثرتها قد لا تدل على حب الوطن ، وكثرتها أضاعت هيبة الأغنية الوطنية حيث ضاع العمل المُتقن بين أغنية " وسط القلوب يا كويتنا وسط القلوب " و أغنية " يا دارنا يادار " و " وطن النهار " وبين عشرات الأغاني ذات المستوى العادي والأقل من ذلك .
جرعات زائدة بلا معنى ، حيث أعطت مفعول عكسي وقد أوحت لأجيال جديدة من الصغار والشباب بأن حب الوطن لا يأتي إلا بمزيد من الأغاني ، وعندما نأتي لكلمات تلك الأغاني نجد اغلبها غير مقبول أو منطقي مثلا أغنية تقول "هذا هو الكويتي"   وتُعدد مناقب الكويتي ، وأغنية أخرى  تقول " ما يتغير الكويتي إن تغير الزمن " ، هنا كلمات توحي بالنرجسية حيث منحنا أنفسنا صفة المثالية ،وكأن الكويتي مُختلف عن بقية شعوب الأرض، وهذا غير صحيح فهو إنسان مثل بقية البشر ، يكدح وينجح ويفشل ، والكلمات تتعارض مع ما نتداوله يوميا  بصحفنا و وسائل التواصل الاجتماعي وفي مجلس أمتنا وحتى عند الحكومة عن فساد الكويتي و (الفساد وطلابة الفساد!!) !!. ، أغاني وطنية في حب الوطن في عيده ، ومع هذا في يوم عيدنا الوطني تخلو الشوارع حيث يهجر الكويتي بلده ويزدحم المطار ليسافر إلى اقرب أو أبعد وبلد ويكون عرسنا الوطني بلا معازيم .
كان لي تجربة معايشة مناسبة اليوم الوطني في كندا ، فلم أسمع أغاني وطنية أنما كان الفعاليات غير مكلفة ، فكل قرية أو مدينة تنظم فعالياتها بنفسها حيث يكون التجمع من الصباح حتى المساء في ساحة المدينة، ويخرج الناس من منازلهم صغار وكبار وعائلات يحملون الأعلام ويلتقون في مكان التجمع وتنظم تكون فعاليات بسيطة حيث تناول الطعام وبعض الفعاليات الغنائية البسيطة وبلا تدخل حكومي ، نحن في الكويت لا نعرف إلا شارع الخليج وتكون مناسبة لإزعاج رجال الأمن ليس إلا وهدر المياه وازدحام مروري  ورغوة بلا تنظيم .
أنا شخصيا اقترحت لجهات رسمية منذ سنوات كتابياً أن تُنظم كل ضاحية بأشراف إدارة الجمعية التعاونية احتفالها المُبسط  كما يحدث في كندا ،ولكن لم يلتفت أحد لاقتراحي ، وكتبت مرة ، ماذا نستفيد من اليوم الوطني إذا لم نعرف ما أنجزه الوطن خلال سنة ماضية ، فاقترحت مثلا أن تقدم الحكومة بيان رسمي عن انجازاتها للجمهور لعام مضى وإخفاقاتها وتطلعاتها لفترة قادمة،  وان يقم مجلس أمتنا كذلك بيان رسمي عن انجازاته .. وذهب اقتراحي هذا كذلك أدراج الرياح .
في عيد الوطن نريد أن نحتفل، وكذلك نريد أن نعرف ماذا أنجزنا، لكن أن تقدم الحكومة  وكذلك المؤسسات التجارية لنا بأجهزتها جرعات زائدة من الأغاني من جيبها ومن المال العام  .. لا اعتقد هذا يفيد بشيء ولا يرفع من مكانتنا لا بالداخل ولا في الخارج ، حيث دخلت الشركات والبنوك كذلك اللعبة وقدمت لنا أغاني بكلمات لا ترقى للمستوى وبنهج تجاري   .  
وسلامتكم.. وجرعات زائدة في عيدنا القادم ، جرعات لا تغني ولا تسمن في حب الوطن .
_____________
من مدونة حمد الحمد  20 مارس 2018 س 8 و د 52 ص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق