الأحد، 8 يوليو 2012

اٍعادة التفكير 6- ربا البنوك غير المُحرم

إعادة التفكير 6 – قراءة في فكرنا الديني والاجتماعي


سادسا - ربا البنوك غير المُحرم

بقلم حمد الحمد

__________________

0 الجميع يتعامل مع البنوك التقليدية أفرادا وحكومات لسنوات طويلة ,حتى أثيرت الشبهات عندما ظهرت على الوجود البنوك الإسلامية مما أثار شكوك في عمل البنوك التقليدية وانه حرام وفق فتاوى العلماء .

لكن كاتب هذه المقال عمل في البنوك التقليدية لفترة 18 عاما, يعرف عالمها عن قرب , رغم انه لم يعمل في الجانب المصرفي, ولكن كان عمله في نطاق المجال الإداري , لكن مازال يُطرح على بساط البحث حرمة التعامل مع البنوك التقليدية كونها تتعامل بالربا وهو محرم شرعا , وهذا يحتاج إلى إيضاح.

يفترض هنا أن نعرف الربا , وهو كما قيل هو الزيادة على الشيء , لكن هل كل زيادة حرام , هنا يكون السؤال الذي يفترض الإجابة عليه حتى نتمكن من معرفة الحرام من الحلال .

رغم أننا نعرف إن الحرام هو ما يضر بالإنسان والمجتمع , ولكن إذا لم يكن هناك ضرر ظاهر هل هو حرام أو أن يكون هناك منفعة , وحتى ندلل على ذلك نعرض إلى مثال نموذجي وهو مثال (السكين ) فهي آلة مفيدة للإنسان في أن يقص بها تفاحة ويأكلها ,وهنا حلال بين , ولكن حرام إن استعملها إنسان في إيذاء إنسان أخر بأي شكل , وهنا يجرم هذا الفعل شرعا وقانونا , وهكذا هي البنوك .

وفي القرآن عدة آيات تشير إلى الربا قال تعالى ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم ) .

وفي الحديث النبوي قول الرسول ص (إن ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا عمي العباس ).

ولكن عندما نربط كلمة (الربا ) بالعموم بعمل البنوك فاعتقد إن ذلك غير منصف , كون هذه البنوك هي مؤسسات وطنية كبرى تحتم ظروف ظهور الدول المدنية الحديثة تشكلها لضبط والرقابة على سوق الاقتراض المالي والتمويل وفق قوانين ونظم محلية وعالمية وتحت أجهزة رقابية من قبل بنوك مركزية تحدد تعاملها مع جميع الإطراف ولا تترك لها العمل وفق رغباتها , وتقوم البنوك بدور تنموي كبير للمجتمع ولا يقتصر دورها فقط على جمع المال كما يتصور البعض , أو كما يجزم البعض أنها تربح دائما ولا تخسر وهذا قول يجافي الحقيقة.

التمويل و الإقراض سابقا

والسؤال وماذا لو لم يكن هناك بنوك , لهذا سنتحدث بأسلوب مبسط عن ماهية عمل البنوك , وهو الأغلب التعامل بالمال كوسيط وخدمات مالية وتجارية أخرى , ولو نعود للماضي كان مجتمعاتنا البسيطة في الخليج والجزيرة بالسابق اغلب أفرادها من محدودي الدخل أو حتى فقراء , لهذا لا مال كثير يتوجب حفظه , ولكن كان البعض من الأغنياء أو ميسوري الحال فكانت تحفظ أموالهم النقدية أو حتى الوثائق الهامة في بيوتهم, أو في صناديق حديدية مما يعرضها لمخاطر خشية السرقة , بينما البعض يحفظ أمواله لدى التجار كأمانات , لهذا تجد التاجر يسجل في دفاتره أمانات لعدد من الأشخاص.

ولكن بعض الناس في ذلك الزمان بحاجة لاقتراض المال ( السلف ) من آخرين لحاجات ضرورية لهذا يقعون ضحية استغلال البعض , و وفق روايات أحد كبار السن في الكويت فقد كان بالسابق هناك من يتعاملون بالربا وهم قلة لا تُعد, ومن ضعاف النفوس وحالات شاذة والشاذ لا يقاس عليه , حيث مشهور الاقتراض في الماضي على قول ( 10 ب 12 ) وهي نسبة مرتفعة وتعادل 20% إذا كانت لمدة سنة , وهي بمعنى أقرضك مثلا 10 روبيات وتعيدها لي بعد حين 12 روبية , وكذلك طرق أخرى للتحايل على حرمة الربا .

وفي كتاب الحياة الاجتماعية في الدولة السعودية الثانية في نجد - تأليف ا, حصة الزهراني تذكر طرق التعامل المالي في نجد في تلك الفترة فتذكر ( يكون نظام الإقراض إلى اجل بدون فائدة لدى بعض الناس بتعاون التجار فيما بينهم وقد يكون بفائدة لدى بعضهم الأخر ولكن بطرق مختلفة ) .

وبلا شك إن أساليب الإقراض كان موجود بالسابق في مجتمعاتنا , ولكن كان تعامل شخصي بين الأفراد وليس تحت رقابة وإشراف أطراف رقابية أخرى , وهناك من فسر تحريم الربا بأنه هو ربا الاستهلاك بمعنى أن تقرض شخص ليأكل أو يلبس وليس ليستثمر بالتجارة وهذا قول رفضه العلماء , وبلا شك أن التعامل بالإقراض وفق شبهة الربا بين أشخاص وبدون وسيط كان له مضار منها أن التعامل كان شخصي مما يوقع الضعيف تحت رحمة القوي إن تخلف بالسداد ويورث خلافات بين الأفراد .

وحتى نبسط عمل البنوك الحديث فأنني اطرح حكاية ( زيد وعبيد ) وقد عرضت لها في مقال قديم .

حكاية زيد وعبيد

حتى نقدم صورة مبسطة لعمل البنوك الحديثة فأنني أقدم حكاية زيد وعبيد , حيث نفترض إن زيد يملك مبلغ من المال, ولكن ليس لدية الخبرة أو المقدرة في استغلاله أو استثماره لهذا أودع هذا المبلغ نقدا في بنك ولنفترض المبلغ مائة ألف دينار .

أما عبيد فلديه ارض فضاء وينوي تشيد عمارة استثمارية عليه ولكن المبلغ الذي لدية لا يكفي للبناء وهو بحاجة لمبلغ أضافي بحدود 100 ألف دينار .

زيد لا يعرف عبيد , وعبيد لا يعرف زيد , وأموال زيد مودعة بالبنك والبنك لا يضع هذا المال في خزائن ويغلق عليها أنما يستثمرها لصالح زيد بنسبة ربح محددة من البنك المركزي وهي الفائدة , أما عبيد فمشروعه متوقف لأنه بحاجة للمال , هنا البنك يقوم بدور الوسيط , فأخذ من مال زيد وقام بتمويل عبيد بمبلغ محدد , بمعنى الأول مشارك بالمشروع العقاري بماله وليس بجهده , حيث تمكن عبيد من أكمال البناء وعمر الأرض وحقق ربح , هنا نحن أمام عملية تمويل واضحة المعالم الوسيط فيها هو البنك وتحقق منفعة لأطراف عدة منها المجتمع والفرد وتم أحياء ارض فضاء.

وهنا تتضح الصورة حيث مول مشروع عبيد من مال زيد , فأصبح لديه عقار يدر دخلا , وهنا مشاركة لعمل تكافلي حلال , وأما زيد فقد حصل على ربح محدد وهو فائدة على ماله الذي أودعه وساهم في تمويل أخر , والبنك له نسبة معلومة من الطرفين كونه هو الوسيط الرسمي , وهذه النسبة هي عمولة أدارة التمويل و ربح للمساهمين ,وأجرة رواتب الموظفين وتأجير مباني , وغيرها من خدمات قدمت .

دوران المال

نأتي هنا إلى أن البنك قام بدور مهم هو عملية دوران المال وعدم تجميده أو كنزه في خزائن , وكنز الأموال محرم بالإسلام, وهنا ماذا لو جمد كل صاحب ماله في منزله, لا استفاد هو , ولا استفاد المجتمع , وهنا العمل نوع من التعاون المجتمعي , وقد استفادت أطراف عدة من دوران المال الذي قام به البنك وفق القوانين والنظم , كل حسب مصلحته .

السؤال هل هناك حرمة في ذلك طالما ما جرى هو وفق قوانين تحفظ حقوق كل الإطراف , وحرك أموال مجمدة , وساهم بتعمير ارض وانجاز مشاريع للأفراد ومشاريع كبرى للدولة والمجتمع منها مستشفيات ومصانع وطرق, وهذا من مقاصد الإسلام والذي يحرم صراحة أي عمل مضر وليس عمل يعمر الأرض .

مفهوم مغلوط

هناك فهم مغلوط لدى العامة إن البنوك طالما تأخذ فوائد من الطرفين أو كافة الأطراف وتحدد الربح وهو الفائدة مسبقا , فهي دائما في موقع الرابح دائما أو كما يطلق عليها العامة (المنشار ), وهذا فهم مغلوط حيث أن البنوك لديها ألاف العملاء سواء أفراد أو مؤسسات أو حتى حكومات وهؤلاء جميعا بذمتهم أموال مقترضة , ولكن هل الجميع سيقوم برد المبالغ المقترضة التي بذمته للبنك , هذا غير مؤكد فهناك مشاريع تتوقف وشركات تتعثر وقد تفلس وبهذا الديون تكون معدومة وتشطب , وهناك أفراد يفقدون وظائفهم ولا يمكنهم تسديد مبالغ مقترضة كديون , وآخرون قد يتعثرون لأسباب مختلفة أو حتى هناك عمليات تحايل يتبعها البعض من داخل البنوك وخارجها , أو قد يترك البعض البلاد وبهذا ديونهم معدومة , وهذه خسارة للبنوك تسجل في دفاترها .

اعتقاد خاطئ

كذلك لدى البعض اعتقاد راسخ أن إيداع أموالك في بنك هو ضمان لحفظها , وهذا غير صحيح ففي كافة أنحاء العالم هذا الضمان غير قائم , حيث في أوروبا أو أمريكا وكل العالم فلا ضمان للودائع , فهناك مئات البنوك وقد تودع في أموالك ولكن في يوم أخر تكتشف إن البنك قد أعلن إفلاسه وهنا لا تحصل لا على رأس مالك ولا أي تعويض إلا ما تقرره المحاكم .

الوضع في الكويت والخليج مختلف فالحكومات بعضها يضمن الودائع وهذا مسلك نادر في العالم وليس له شبيه وذلك لقوة دول الخليج ماليا نتيجة موارد النفط رغم انه غير واقعي أو منطقي, ولو حدث لا سمح الله أن تعرض احد البنوك لخسارة ما فالحكومات ملزمة أن تحمي البنك من الانهيار بدعمه من المال العام حتى يصحح أوضاعه حماية للمودعين وحماية للمجتمع من أزمة مالية واجتماعية .

بنوك وأعمال خيرية ودور وطني .

قد يخفى على الكثيرين المساهمات الخيرية والوطنية التي تقوم بها البنوك التقليدية والتي توصف بالربوية في الكويت كنموذج , فمنذ عام 1992 والبنوك الكويتية تدفع أكثر من 14 مليون سنويا كمساهمات خيرية و وطنية للمجتمع , إضافة إلى ما تدفعه من مبالغ لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي وصندوق دعم العمالة سنويا هذا وفق معلومات ذكرتها مجلة المصارف وهي تصدر عن لجنة المصارف الكويتية , والبنوك التقليدية الكويتية هي اكبر موظف للعمالة الوطنية حيث يشغل اغلب المناصب في البنوك مواطنين واغلبهم من الشباب الكويتي .

وبهذا تقوم البنوك بدور وطني يشهد لها وينم عن المساهمة في خفض معدل البطالة بين الشباب وتحفيز القطاع الخاص على استخدام الموارد البشرية الوطنية .

البنوك والمخاطر

هل هذا يعني أن البنوك التقليدية معفاة من شبهات الفساد , لا هذا غير صحيح فهي مؤسسات تخضع لإدارات بشرية ومتى ما كان هناك سوء إدارة وفساد وتلاعب , وعدم مهنية وخروج على قرارات ونظم العمل المصرفي التي تقررها الدول فهي بهذا معرضة كغيرها للخسارة وتدهور أصولها وبحاجة لإنقاذ , أو حتى إلى وضع صعب يهدد أموال المساهم والمودع , حيث الكل يتحمل الخسائر ومنها الأجهزة الرقابية وكذلك الجمعيات العمومية وهم أغلبية ملاك الأسهم هم من أوكل لهم اختيار إدارات مجالس هذه المصارف .

بنوك أسلامية

هنا لن نخوض في ماهية البنوك الإسلامية كونها أيضا تقوم بدور تنموي و وطني , إلا إنها قد تكتسب الطابع الديني في تعاملاتها وتستند على لجان إفتاء , إلا أننا لو نقارن عملها مع البنوك التقليدية نرى أنها تقوم بنفس الدور كوسيط نشط لإدارة الأموال ولكن قد تختلف الأدوات والمسميات , ونشاطها أوسع حيث يتضمن تملك مشاريع وعقارات , ولكن ما يعيبها أنها فئوية بمعنى تقصر التوظيف على فئات محددة من أفراد المجتمع مما يتعارض مع نظم الدولة المدنية الحديثة التي تساوي بين جميع فئات و طوائف المجتمع وفق الدساتير وقوانين حقوق الإنسان .

و أيضا نرى إن من الخطأ أن يقرن اسم دين بنظام مالي وتجاري فمثلا غير مقبول أن نقول - بنوك أسلامية أو مسيحية أو يهودية - كون هذه الأنظمة المصرفية أو المؤسسات أنما تدار من قبل بشر لهم اجتهاداتهم الفكرية فأن تدهورت أحوالها وخسرت أنما تعود الخسارة على من يدير ولا علاقة بالدين بذلك , كذلك الدين الإسلامي لم يحدد نظام سياسي أو نظام اقتصادي محدد أنما بين مبادئ لأنظمة الحكم السياسية وللتعامل المالي والاقتصادي والأخلاقي , وترك للبشر وفق تغيرات الزمن والظروف الحياتية تحديد الشكل الأفضل و المناسب لكل نظام , على أن لا تلحق أية أنظمة مستحدثة ضررا بالناس أو ظلما ظاهر .

ما ذكر مجرد قراءة وتفسير لوضع نتعايش معه في حياتنا ورأي شخصي قابل للنقاش .

_____________________

من مدونة حمد الحمد

الأحد 8 يوليو 2012 س 6 ود 53 ص

هناك 3 تعليقات:

  1. صباح الخير
    هل تبحث عن قرض على وجه السرعة؟ أما بعد:
    إعادة تشغيل الأنشطة المالية الخاصة بك؟
    لتجديد الداخلية من شقتك. منزل. المبنى؟
    تأجير؟
    شراء سيارة؟
    الائتمان لحفل الزفاف؟
    تسوية الديون؟
    لتحقيق المشروع؟
    أو لأسباب أخرى الخ ...
    وضع العرض القروض بين particuliersJe تحت تصرفكم على قرض من 1000-8600000 يورو مع بعبارات بسيطة جدا بمعدل 2٪.
    وأود أيضا أن الاستثمارات والقروض بين خصوصا بجميع أنواعها. أقدم قروض قصيرة، متوسطة وطويلة المدى.
    لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بي مباشرة إلى عنوان بريدي الإلكتروني: grabfinance98@gmail.com
    ملاحظة: أنا إقراض فقط لالشرفاء، ومن المرجح أن يدفع لي المال

    ردحذف
  2. صباح الخير
    هل تبحث عن قرض على وجه السرعة؟ أما بعد:
    إعادة تشغيل الأنشطة المالية الخاصة بك؟
    لتجديد الداخلية من شقتك. منزل. المبنى؟
    تأجير؟
    شراء سيارة؟
    الائتمان لحفل الزفاف؟
    تسوية الديون؟
    لتحقيق المشروع؟
    أو لأسباب أخرى الخ ...
    تقديم قروض بين الأفراد أضع لك على قرض من 1000-8600000 يورو مع بعبارات بسيطة جدا بمعدل 2٪.
    وأود أيضا أن الاستثمارات والقروض بين خصوصا بجميع أنواعها. أقدم قروض قصيرة، متوسطة وطويلة المدى.
    لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بي مباشرة إلى عنوان بريدي الإلكتروني: grabfinance98@gmail.com
    ملاحظة: أنا إقراض فقط لالشرفاء، ومن المرجح أن يدفع لي المال

    ردحذف
  3. اسمي Joy Mongan أنا سعيد جدًا اليوم لأنني حصلت على قرض بقيمة 7000 يورو من sabinhelps لإدارة الثروات ، يمكنك الاتصال بالوكيل Karin Sabine sabinhelps@gmail.com أو whatsapp + 79267494861. لمزيد من المعلومات حول كيفية الحصول على قرضك ، لا تفعل نسيت أن أقول لها إنني أقدم لك.

    ردحذف