الاثنين، 19 فبراير 2024

الصفعات .. وعمرنا المتأرجح

 

الصفعات .. وعمرنا المتأرجح

كتب : حمد الحمد

قبل كم سنة، كنت راجعاً من مدينة الخفجي للكويت، وفي مركز الحدود السعودي قدمت للعسكري الشاب بطاقتي المدنية، إلا نظر لي وابتسم وقال «ممكن اسألك سؤال؟» قلت «تفضل»، قال «المُسافر الكويتي الذي قبلك قلت له أهلاً عمي، واستغربت أنه استاء وغضب، هل أنا أخطأت بقول (عمي)»؟، قلت له «لا اعتقد ذلك، لكن هو اعتبر أنك كبّرته بالعمر واحتمال أنه يعتقد نفسه ما زال شاباً».

وتلك الحادثة ترجع بنا إلى موروثنا الاجتماعي حيث نعتبر أن مناداة الآخرين بكلمات مثل عمي، أخوي، اختي، أمي، خالتي، حجي، بل في مجتمعات خليجية ينادون الرجل الكبير السن بـ«الشايب» أو «الوالد» والمرأة بـ«الوالدة»، وهي كلمات حميمية وتصرف طيب، إلا أنها في الحقيقة لدى البعض ممن يعيشون في العمر المتأرجح بين الشباب والكهولة، كالصفعة، رغم أن تلك المُسميات كثيراً ما تُقال، لكن البعض لا يتقبلها خصوصاً من يعتبر نفسه شاباً أو شابة في العمر ويسمع فجأة من يناديه بتلك المسميات.

أذكر حكاية طريفة، عملت مع سيدة كويتية فاضلة وكانت مديرتي بالعمل، وكانت تحمل شهادة الماجستير، سمعت أنها كانت تراجع فرع بنك بعد التحرير، وكانت تلتف بعباءتها، إلا وسمعت الموظفة الشابة تقول لها «حجية توقعين وإلا تبصمين؟» ردت عليها باستغراب «لا... أعرف أوقع!».

ولنا صديق دائماً نتندر على حكايته مع موظفة شابة في بنك، يقول استقبلتني الموظفة الشابة بالترحاب قائلة «هلا جدي!»، ويقول «مرة وحدة جدي لو قالت عمي لكان أحسن»، وما زلنا نتندر على صاحبنا لأنه ما زال متأثراً نفسياً بما سمع، وقبل أيام في احدى القنوات العراقية، قال مُراهق لمذيعة شابة وعمرها في بداية العشرين «يا خالتي»، المذيعة لم تتقبل وقالت لا تقول «خالتي».

وانا عملت في البنوك، وما زلت اذكر حكاية طريفة، موظفة في فرع بنك تقول لزميلتها الشابة العزباء «يا فلانة ما اعتقد أنك بتتزوجين»، ردت عليها «ليش ما فيني شي». قالت «الله يهديك كل ما دخل شاب الفرع رحتي تنادينه بكلمة أخوي... ليش كل الشباب اخوانك، احتمال في نيته بيخطب!».

الكاتب المصري أحمد خالد توفيق، رحمه الله، والمشهور بكتب الرعب، عاش فترة العمر المُتأرجح المُرعبة حيث كتب ذات مرة «بدأت اشعر بالذعر عندما لاحظت الباعة ينادونني بـ(يا حاج) والمراهقون يقولون (يا عمو)».

شخصياً، أرى تلك المسميات مُناسبة أن تُخاطب بها شخصاً ما في بيت أو ديوان أو شاليه، لكن في أماكن رسمية كوزارة أو بنك أو محل أو غير ذلك، يفترض أن نتخلى عنها، في مجتمعات أخرى لا تستخدم هكذا مُسميات، لأنها قد تُفهم بغير معنى، ففي الغرب يُستخدم للرجل مُسمى «سير»، وللسيدة كلمة «مدام» أو«مس» أو«مسز»، لهذا، لماذا لا نستخدم للرجل كلمة «أستاذ» وللمرأة «أستاذة»، وأصحاب العمر المتأرجح اتركوهم لحالهم وانتهى الأمر، وكفى الله المؤمنين شر القتال.

لهذا، نتمنى لو تصل مادة هذا المقال إلى لجنة المصارف الكويتية، وهي تضم بنوك الكويت كافة، وتدرس مقترحنا وتأخذ به نتمنى ذلك، رغم أنني قد تناولت هكذا موضوع من قبل، لكن في الإعادة افادة.

https://www.alraimedia.com/article/1677046/مقالات/الصفعات-وعمرنا-المتأرجح-

الرأي 18 فبراير 2024

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق