الأربعاء، 14 فبراير 2024

حكايتي مع المصعد

                

حكايتي مع المصعد

كتب : حمد الحمد

قبل فترة كنت في أحد الأسواق التجارية، وبعدما تبضعت توجهت للمصعد، وانتبهت إلى أن سيدة غير محجبة وغير منقبة وقد تكون في الخمسينات أو أقل وهي على ما يبدو مواطنة من لهجتها، انتبهت أنها تضغط على زر المصعد بقوة، وفُتح المصعد ودخلت هي، وعندما هممتُ أنا بالدخول، إلّا وقفت بباب المصاعد وقالت: «ما يجوز تدخل معي»، ومن دون جملة «لو تسمح»، هنا احترمت رغبتها ورديت: «ما صار إلّا الخير» وتراجعت، الذين ينتظرون المصعد معي استغربوا تصرفها، ما حدث كتبته على صفحتي بـ«الانستغرام» و«تويتر»، لكن استغربت ما جاء من تعليقات من المُتابعين والمتابعات. حيث هناك من بارك موقفها من الجانب الديني والعاطفي والبقية ترى غير ذلك، وأتت التعليقات المساندة لها كالتالي:

«جزاها الله خيراً على هالموقف والله يكثر من أمثالها»، و«أنها تربت على هكذا أخلاق»، و«جزاها الله خير وعساها تورث هالطبع للأولاد والاحفاد»، وتعليق آخر «هذه خلوة ولا يجوز أن يصعد رجل مع امرأة في مصعد وهذا يؤدي للإغراء وأن هناك أحاديث بذلك وسردها لنا».

لكن هناك من اعترض حيث بعض التعليقات جاءت كالتالي:

«إذا ما تريد يصعد معاها أحد يفترض تنتظر حتى ما يكون فيه أحد»، وآخر «نحترم هكذا نوعيات حتما يمرون بحالات نفسية»، و«ابعد عن الشر وغنيله» وتعليق «مساحة المصعد صغيرة وما زالت تعيش زمن كورونا»، و«أفضل أنك ما دخلت أستاذ»، و«ما تشوف شر إذا كان مصعد أهلها تصعد بروحها»، وآخر يقول «بنت أصغر مني طلبت منها أن تدخل قبلي ويوم دخلت قالت لا تدخل المصعد ما يحتمل اثنين»، وآخر قال «فيه ناس معقدين حتى نفسهم ما يستحملونها» و«لو شخص عصبي وصاحب مشاكل كان قال لها أنت اطلعي» و«الدنيا أشكال وألوان»، و«في المصعد تبين طبيعة الناس».

 

أنا كاتب المقال أقول المصعد مكان عام لا يجوز منع أحد من دخوله، لكن تصرفي هو ما أراه صحيحاً لأني لا أعرف هذه الإنسانة ولكن احترمت رغبتها، وفهمت أنها تعيش حالة نفسية وخوفاً غير مُبرر من الآخر، لكن لو كان إنساناً آخر لتصادم معها وحدث ما حدث، يمر علينا أخوات منقبات ومحجبات فاضلات ينتظرن حتى لا يكون أحد أمام المصعد وتركب بمفردها، وهذا عين العقل واحترام للآخر.

صديق يقول خرجت من الحرم المكي وفي الفندق أردت دخول المصعد إلا به رجل وزوجته، إلا قال لي «لا تدخل معانا»، احترمت طلبه ولم أدخل لكن بالنهاية يحز في النفس وكأنها إهانة لرجل راشد مشكوك به، وشاهدت شريطاً لشاب في دولة خليجية... فتاة منقبة ترفض أن يدخل معها شاب المصعد، وهو يصر ويحدث جدال بينهما ويقوم هو بتصوير الحدث ويدخل بالقوة، هذا لا يجوز لو أن له الحق، وكذلك لا يجوز التصوير.

وسمعت في أحد المواقع شاباً في السجن يبكي بحرقة وهو ويقول: «سامحوني خلاص خلوني اطلع تشاجرت مع شخص لا أعرفه في سوق وحدث ما حدث».

ما نود قوله، نصيحة حكم عقلك في هكذا مواقف، وهنا أذكر قول الشاعر صقر النصافي، رحمه الله، وهو ينصح ابنه بعدم التصادم مع الآخر حتى لو من جماعتك، بقوله بيتاً يعتبر من الحِكمة:

( لا بلاك الله بعاقه من مقاريد الرفاقه لا توريه الحماقه لين ربك يقلعه).

بمعنى، إذا ابتليت بإنسان غير سوي أو مزعج حتى لو من جماعتك لا تجادله ولا تغضب حتى يبعده الله عنك.

https://www.alraimedia.com/article/1676473/مقالات/حكايتي-مع-المصعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق