الاثنين، 22 يناير 2024

الكويت سجن بلا أسوار !!

 

الكويت سجن بلا أسوار  !!

كتب : حمد الحمد

   "الكويت سجن بلا أسوار"، هذه الجُملة لم تأتِ على لساني، إنما أذكر قرأتها في إحدى الصحف منذ فترة طويلة، وحكايتها أن صحافياً من مصر زار الكويت في فترة الأربعينيات أو الخمسينيات، وتجوّل في البلد، وعندما عاد للقاهرة، كتب تلك الجملة، وكان يعني أن الكويت في الفترة التي زارها لا فيها لا شجر ولا نهر، ولا طبيعة مُغرية وحياة بسيطة، ولكن أهلها رغم قساوة العيش وبساطته لا يتركونها وكأنهم في سجن، رغم أن لا أسوار تمنعهم من الرحيل.

    ويُقال إن الشيخ مبارك الصباح، سأل رجل دين يعيش في الكويت، وهو من أصل تركي، حيث قال له بما معناه: «أنت تترك تركيا الجمال والطبيعة وتعيش عندنا في بلدنا الصحراوي لماذا»؟، وكان رد تلك الشخصية بقوله «أعيش في بلدكم لأن عندكم أمن»، وأعرف أن أولاد وأحفاد تلك الشخصية مازالوا في الكويت وكويتيين.

    منذ فترة وأنا أتابع ما يكتبه بعض الجهلة في التويتر وغيره تدعمهم حسابات وهمية، وهجومهم غير المُبرّر على المقيمين، وكأنهم يروّجون بأن الكويت بلا استقدام أيدٍ أجنبية أفضل، ولا أعرف لو الحكومة أخذت بجميع تلك المطالبات، مَنْ سيعمل في كل مرافق القطاع الخاص ومَنْ سيبني بيتك، أو سيصلح سيارتك أو انبوبة ماء في منزلك.

   التشدّد في انغلاق الكويت في السنوات الأخيرة على نفسها غير مُبرّر، وكأنها جنة الله على الأرض!، وعدم فتحها للسائح، ولذوي الخبرات ساهم بتراجع صورتها، ولدى البعض من القيادات الحكومية توجه ألا يسمح للدخول إلّا للعمالة الهامشية، بينما لا يدخلها أحد من المقتدرين مالياً من عالمنا العربي وما أكثرهم، نعرف أن الأوروبيين والأميركيين يدخلون بفيزا في المطار، ولكن هناك في عالمنا العربي في مصر أو تونس أو المغرب أو غيرها من الأثرياء العرب الذين يتمنون زيارة الكويت، ولكن لا أبواب مفتوحة لهم، إلا عبر شركة أو وسيلة ما أو واسطة ما، لهذا لماذا لا يكون لتلك الفئة الفرصة لزيارة الكويت كسياح وليس كعمالة.

    لديّ صديق عراقي وهو أديب أردت دعوته للكويت ولكن لا مجال، ونسمع أن التحاق بعائل موقوف، لماذا لا أعرف؟، قبل أسبوع أردت مراجعة عيادة أسنان لزيارة طبيب جنسيته عربي أميركي اعتدت مراجعته منذ عقدين من الزمان، واكتشفت انه قد غادر البلاد نهائياً، حتماً لعدم مقدرته على استقدام أسرته حتى لو زيارة لأيام، وسمعت أن مؤسسة مالية كبرى بالكويت، نتيجة لهذه القيود اضطرت مُجبرة أن تنقل قسماً كاملاً من احدى إدارتها بالموظفين لدولة خليجية نتيجة لتلك القرارات التي تتخذ بدون دراسة.

     لهذا، لا معنى أن تأتي مطالبات في مواقع التواصل من أشخاص لا هم من أهل النابل ولا الحابل، انما يجلسون في منازلهم ويكتبون، أو ما كما يقول المثل العربي «لا هم في العير ولا في النفير»، ويضرب المثل بالرجل قليل المنفعة الذي ليس له دور في الأحداث إنما متفرج ولكن يسمع صوته، وما أكثرهم في مواقع التواصل الذين يهاجمون ويقترحون ويطالبون ولهم تأثير ومع هذا تجد هناك جهات حكومية تُصغي لهم، وتصدر قرارات نتيجة لصياحهم.

    الكويت ليست جنة الله على الأرض، إنما هي بلد طيبة وشعب كريم، ولكن خلقت أسوار حولها بلا مُبرّر، بينما دول خليجية خرجت من هكذا فكر يغلب عليك التشكيك بالآخر، وتلك عقلية يجب أن نتخلّص منها، ولا نسمح لأهل العير والنفير يلونون الدولة وشعبها بفكرهم.

    حكومة جديدة يُفترض أن تُعيد النظر بقرارات لم تُدرس، انما فقط أمر من وزير أو وكيل أو نتيجة صياح هذا أو ذاك للأسف، وعلينا أن نزيل تلك الأسوار التي خُلقت بلا مبرر حولنا.

https://www.alraimedia.com/article/1673590/مقالات/الكويت-سجن-بلا-أسوار

________________

نشر بالراي في 22 يناير 2024

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق