الثلاثاء، 2 يناير 2024

الوزير الكويتي والصديق من غزة

 

الوزير الكويتي .. والصديق من غزة

كتب : حمد الحمد

 مَن أتحدث عنه هو مواطن كويتي من مواليد عام 1946، كان طفلاً في فريج جبلة بالكويت عام 1958 وعمره آنذاك 11 سنة، وحدث ان شارك في مسابقة لمجلة «العربي» والتي صدرت للمرة الأولى، وفاز بالمسابقة وكُتب تحت اسمه في المجلة عنوان سكنه، وصلته بعدها رسائل عدة من أشخاص في العالم العربي احدهم بنفس عمره من مخيم البريج في غزة.

اسم ذلك الفتى الأول يتشابه مع اسم عائلته ونفس عمره، يقول استمرت المراسلات مع ذلك الفتى طوال أعوام وأعوام، حيث اجتاز صاحبنا المراحل الدراسية المتوسطة وحتى الثانوية، وما زالت الرسائل تتواصل مع ذلك الصديق من غزة، الذي لم يلتق به أبداً إنما عبر الورق.

يقول: تخرجت من الثانوية وبعدها الجامعة، وما زال البريد يحمل الرسائل من الصديق وأرد عليها، وبعدها تخرجت من الجامعة وعملت كمدرس وبعد حين كونت أسرة وهو كون أسرة، وهو انسان عادي لا يحمل أي صفة رسمية، ولم تتوقف الرسائل بيننا.

ويتابع المواطن الكويتي، حققت تقدماً في عملي وأصبحت أتقلد منصباً قيادياً وهو وكيل وزارة، وما زلنا نتواصل، وبعدها بسنوات تقلدت منصباً مهماً وهو وزير في الحكومة الكويتية، وما زلنا نتواصل بين الحين والحين، ولم تنقطع رحلة الورق.

ويقول، بعد ذلك بسنوات تقلدت منصباً ديبلوماسياً مُهماً في القاهرة، وهنا كان هناك فرصة ان يزورني الصديق من غزة، وأن التقي معه للمرة الأولى وجهاً لوجه وجاء مع ابنه، نلتقي معه بعد 50 سنة من المراسلات، وكانت صحته ليست على خير ما يرام لكبر سنه، لكن التقينا وكانت فرصة جميلة أن نلتقي بعد تلك السنوات الطويلة.

لكن تغير الوضع بعد ذلك وتوقفت رحلة الورق، وتحولت إلى مُكالمات ورسائل صوتية عبر «الواتس آب»، اسأل عنه ويسأل عني من دون أن يكون بيننا مصالح لا مهنية ولا دنيوية، ورحلة استمرت لـ 65 سنة ليومنا هذا.

أخيراً وفي أحداث غزة المؤلمة التي تجري هذه الأيام، أتت فكرة كتابة هذا المقال، واتصلت بصاحب الحكاية وسألته، هل ما زال التواصل مع ذلك الصديق قائماً، فرد نعم. ويقول قبل فترة ارسل لي صورة عن الدمار في غزة، وتمنينا ان تنتهي الحرب ويعود السلام لغزة ويحفظ أرواح العباد وأمن البلاد، وبعد ذلك لم تعد تصلني اي معلومات عنه لظروف الحرب.

صاحب الحكاية والذي يمثل الوفاء بالتعامل مع الآخر، بغض النظر عن المناصب والمكانة المهنية أو المصالح الدنيوية، هو ابن العم الدكتور رشيد حمد الحمد الوزير والسفير الأسبق، اكتب مقالي هذا رغم أن شهادتي به مجروحة.

ما دونته جاء باختصار في كتابي المُعنون «الكويت في زمن الأربعينيات والخمسينيات... شهود وشهادات» والذي صدر عام 2022.

وقبل ثلاثة أشهر صدرت طبعته الرابعة عن «دار الفراشة» ومكتبة «راكان»، والكتاب يضم مقابلات مع 50 شخصية كويتية من الذين يعون تلك الفترة وقدموا شهاداتهم وكان احدهم الدكتور رشيد الحمد.

نكتب هذا المقال، ونأسف لما يحدث في غزة من دمار وخراب على ايدي الصهاينة، ونتمنى أن يكون ذلك الصديق هو وعائلته وأهله بخير وأمان وأن تنتهي الحرب، ولكن ذكر لنا الدكتور رشيد أن التواصل مع الصديق ما زال مستمراً، وآخر رسالة منه يوم الخميس 28 ديسمبر 2023 مع صورة له وعائلته وهم يفترشون الأرض في أحد أماكن الإيواء بعد أن تركوا منزلهم.

https://www.alraimedia.com/article/1671192/مقالات/الوزير-الكويتي-والصديق-من-غزة

______________

نشر في جريدة الراي 2 يناير 2024 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق