الجمعة، 19 يناير 2024

زمن الطيبين.. ليس كله بطيب !!

 

زمن الطيبين.. ليس كله بطيب  !!

حمد الحمد

لديّ عادة وهي أنني غالباً ما استمع للإذاعات وأنا أقود السيارة، وأجد في ذلك متعة، بالأمس كنت أستمع لحديث لموسيقار مصري لقناة خليجية، للأسف لم أتبين اسمه، لكن الرجل صريح وشفاف بالعظم.

أحد المستمعين سأل الموسيقار قائلاً: «لماذا الماضي جميل جداً من أغانٍ وفن وأدب؟،» فكان رده به حكمة، بقوله: هذا الكلام غير صحيح بالمرة، لأن الماضي فيه كثير من القُبح، وكثير من الجمال، لكن مع الزمن لا يتبقى لنا إلا الشيء الجميل، والقبيح لا يتذكره أحد رغم كثرته، فيقول حتى أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب لهما أغانٍ ولو انها محدودة غير جميلة لا يتذكرها أحد، ويقول حتى في وقتنا الحاضر هناك كم من الأغاني الجميلة التي ستبقى، ولا نتذكر مستقبلاً أي شيء قبيح.

وأضاف الموسيقار لشفافيته، بأن ليس كل ما يذكره المُغنون أو الأدباء أو الشخصيات، وحتى السياسيون في حياتهم هو صحيح، لانهم غالباً ما يتجنبون ذكر كل الحقيقة، فتجد بعضهم يحذف عشر سنين من حياته، بل ممكن يُجمل سنوات أخرى، وتجد بعض الأغاني تُذكر قصتها، لكن تجد لها أربع روايات، ولا نعرف أي رواية يصدقها المُتلقي.

ويذكر الموسيقار الشفاف أمثلة عن بعض من كتَب سيرته الذاتية في فترة من حياته، ولكن مع الزمن تم تغييرها، فذكر أن أديباً نشر مذكراته في كتاب في الخمسينات أو قبلها، وكان هناك جملة في المذكرات وهي «ودخلت البار !!»، وفي ذلك الزمن كانت البارات منتشرة، ولكن عندما أعيدت طباعة مذكراته من جديد في زمننا، قامت أسرته بتغيير تلك الفقرة في الطبعة الجديدة إلى «ودخلت المسجد !!»، ويضيف هناك سياسي قديم كبير له سمعته، وكان يلعب القمار، ولكن لا أحد يذكر هذا الموضوع حالياً إنما تُذكر المحاسن.

ونشكر هذا الانسان على شفافيته، وتمنيت لو عرفت اسمه، لأن الشفافية تغيب عن حياتنا في أيامنا هذه وهي مكروهة، ويُقال: لا يوجد زمن طيب وزمن غير طيب، لأن الزمن لا يصنع نفسه إنما الناس هي التي تصنعه وتلونه، وفي الكويت كم من أغانٍ ومسرحيات وكتب أدبية نفتخر بها، لكن يبقى الجميل الذي نحتفظ به، وهناك كم من الأغاني والمسرحيات الفاشلة التي لا يتذكرها أحد، لهذا نذكر درب الزلق وكفي الملام وعلليني، وصوت السهارى، ولي خليل حسين، وهناك كم من الأغاني لا يذكرها أحد، وكم من شاعر كتب أكثر من 100 أغنية لا أحد يتذكر واحدة منها، ولكن شاعر آخر كتب أغاني عدة ما زالت في الذاكرة وكل يوم تُغنى.

لنا زميل كويتي أيضاً شفاف، يتكلم عن زمن الطيبين وهو زمنه يقول «كنا صغار والآن استغرب وأتذكر عندما نجد في الأرض تمرة أو خبزة نرفعها وننظفها ونأكلها ولا يضرنا شيء، بينما الآن نقرأ مكونات كل شيء وتاريخ الصلاحية أو اذا هو اورغانيك أو لا».

الشفافية حلوة لكن مكروهة، وارفع العقال للأستاذ الموسيقار وشفافيته الذي جعلني أكتب هذا المقال، بعد أن زارتني في الأيام الماضية الانفلونزا وأوقفتني عن كتابة المقالات والحمدلله.

https://www.alraimedia.com/article/1673313/مقالات/زمن-الطيبين-ليس-كله-بطيب-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق