السبت، 19 يوليو 2014

الكويت ..هل هو وطن كله عيوب ؟


الكويت ..هل هو وطن كله عيوب ؟
بقلم : حمد الحمد
___________
هذه الأيام أنا مُندهش من الذي وضع في ذهن كل كويتي (إن الكويت وطن كله عيوب ولا يوجد بها أي شي جميل)، نسمع هذا الكلام من الصغار والشباب والكبار ، يقال هذا الكلام وكأن كل شيء ثابت ولا يحتاج إلى نقاش  .
تجلس في ديوانية وتسمع ( شوفوا دول الخليج و شوفوا تلك الدولة  والأخرى سبقتنا )، هنا تستغرب ولو تطلب من احدهم أن يذهب لتبيان ذلك فيقول (حالة الطرق والعمران والتنمية وعدم وجود فساد في تلك الدول وغير ذلك  أفضل منا )، رغم إن هناك قول غربي حكيم  يقول ( لا تستطيع أن تحكم على بلد غير بلدك إلا إذا عشت في ذلك البلد  لفترة نصف عام بمعنى ستة شهور كاملة ) هنا تكتشف ذلك البلد وتكتشف السلبيات والايجابيات ، أما أن تذهب في يوم ، وتسكن في فندق ، وتتسوق في مول،  وتأكل في مطعم راقي وتعود بطائرتك ، وبعد ذلك تقول بلدهم أحسن من بلدنا ، قد يكون ذلك غير منطقي ومجحف وغير منصف، أمر أخر يفترض أن لا تقارن الكويت مع إي بلد أخر قريب أو بعيد ، لان كل بلد له نظام سياسي وأداري يختلف عن الأخر ، لهذا الحكم غير منطقي من النظر فقط ، مؤكد أننا نفرح أن تكون بعض دول الخليج أحسن من بلدنا في جوانب لكن حتما نحن قد نكون أفضل منهم في جوانب أخرى ، ومؤكد نفرح لهم كما يفرحون لنا .
أمر أخر صُحفنا وكتاب صُحفنا يعززون ذلك ، فعندما يصلهم إي خبر غير طيب عن الكويت إلا ويضعونه في مانشيت عريض ، وان جاء خبر مفرح عن الكويت لا يعيرونه إي اهتمام ، أو لا يتم التسليط على أي شيء جميل عندنا .
سؤال لماذا هذا التذمر وهذه النغمة التي نسمعها من الجميع رغم أن الأوضاع ليس بذلك السوء عند مقارنتها  مع إي بلد عربي أخر ، ولكن الجيد أن لدينا حرية في الكلام حيث يستطيع  إي شخص آن يكتب و يتكلم بدون أن يكون هناك رقيب عليه إلا القانون .
هل فعلا كويتنا كلها عيوب ، بينما مؤشرات عُملتنا ، والاستقرار المالي يمتاز بملاءة متقدمة على دول أخرى  ، ومستوى الرواتب مقبول أو أكثر من جيد ، قبل فترة كنت في دولة خليجية وطلب مني رجل كبير بالسن أن أساعده بسحب راتبه التقاعدي من جهاز الصرف الآلي، فقمت بالعمل وأستلم راتبه واكتشفت إن راتبه لا يتعدى أكثر من 140   دينار ، بينما رواتب التقاعد لدينا حتما أكثر من ذلك بكثير وتزداد بين سنة وأخرى.
هل الشكوى والتذمر بأن البلد كله عيوب هو ( بطر) أو عدم قناعة حيث القناعة كنز لا يفنى ، لا اعرف ؟، واذكر سيدة كويتية كانت تتحدث في برنامج إذاعي وتقول والحديث على لسانها : ( أنا وزوجي رواتبنا عال العال ولدينا أولاد ونصرف عليهم وفق إمكانيتنا ولا نقصر ولكن مع هذا أولادنا يشتكون ويتذمرون  ويتحلطمون ويطالبون أكثر وأكثر ولا نعرف ماذا نعمل معهم !!) ، هل شعبنا  هكذا مع حكومته .. لا اعرف ؟.
كنت أتابع مقالات كاتب كويتي له عمود ينتقد الحكومة ويوجه اللوم لها لفسادها ،ولكن يحكي لي شخص عمل مع هذا الكاتب  في نفس الجهاز الحكومي حيث أعترف لي أن ذلك الكاتب موظف لديهم ويفترض يعمل معهم ، ولكن لا يداوم ويأخذ راتب بدون عمل لكن( ماخذ) راحته يسب حكومة تدفع له راتب شهري بدون عمل ، لهذا لا تلومه إن سبها .
قبل أسبوعين كنت في مكتب تحصيل فواتير الكهرباء واكتشفت أن الذي كان يدفع فاتورته وهو رجل كويتي كبير بالسن أتضح أنه لم يدفع فواتير الكهرباء والماء لعدة سنوات ، وألان تم  تقسيط المبلغ عليه بمبلغ زهيد ،ولكن في المساء حتما سيذهب هذا المواطن للديوانية ويقول حكومتنا تعبانه .
العام قبل الماضي التقيت في فرانكفورت مع مُترجم لبناني ويحكي لي عن دلال الحكومة الكويتية لبعض مواطنيها لمن يتلاعبون بالعلاج الطبي بالخارج ، حيث تُرسل الحكومة الكثير من المواطنين للعلاج بالخارج وقد يحدث أن البعض للأسف يتمارض ليذهب في رحلة صيفية لدولة أوروبية مع عائلته و الواسطة تعمل دورها ، بمعنى لا يمرض إلا في فترض الصيف وعندما تغلق المدارس أبوابها ،وهنا للأسف يأخذ دور مريض قد يكون في أمس الحاجة للعلاج في الخارج وليس عنده واسطة ، لهذا يحكي لي ذلك المترجم  الكثير من الحكايات الطريفة تتداول عن مرضى الكويت أبعدنا وأبعدكم الله عن المرض ، يقول المُترجم أن احد المرضى من الكويتيين طلب من الطبيب الألماني الذي يعالجه أن يكتب في التقرير إن العلاج الذي أجري له تم في ساقه وليس في ذراعه ، وعندما سأله الدكتور لماذا؟  أنا عالجت ذراعك وليس ساقك قال المريض حتى أقدم التقرير للمكتب الصحي الكويتي ويمنحوني تذكره درجة أولى في الطائرة حتى أمد ساقي !!.!!.
هذه الأيام نتابع إضراب الموظفين في التأمينات وهذا الإضراب مُستمر من مايو الماضي يعني تعطلت مصالح المتقاعدين لفترة ثلاثة أشهر وأرهق الموظف الذي لم يُضرب  ، رغم إن لا إضراب في العالم يستمر لهذه الفترة الطويلة، ولكن قد تكون هناك إضرابات لفترة محدودة لإيصال رسالة فقط ، يقول لي متقاعد راجع التأمينات قبل رمضان ،يقول قامت موظفة كويتية لم تُضرب وأنهت معاملتي وسألتها لماذا لم تُضربي مع المضربين قالت ( ليس من حقي أن أتوقف عن العمل واخذ راتب حرام) وكان هذا المتقاعد يشاهد بعض المتقاعدين من كبار السن الذين يعانون الأمرين من الإضراب وهم يسبون ويدعون بالخسران على الموظفين المضربين وأكثرهم من الشباب  .
في هذا السياق نذكر في الثمانينيات عندما قامت الحكومة الأمريكية بعهد الرئيس ريغان بإنهاء خدمات 21 الف مراقب جوي أمريكي في يوم واحد عندما اتخذ اتحاد المراقبين الجويين قرار الإضراب وتعطيل مصالح وامن البلد وراح يهدد بتوقف حركة الطيران في عموم الولايات المتحدة ، وتم إنهاء جميع الموظفين من قبل الحكومة واستلم الجيش مرافق المراقبة الجوية وتم تعيين موظفين جدد بدلا منهم وطلب من الموظفين الذين أنهيت خدماتهم البحث عن وظائف أخرى لان امن البلد واقتصاده أهم ،  ونحن نذكر هذه الحادثة لا نطالب بإنهاء خدمات احد لكن أسلوب الإضراب الطويل في أفضل مؤسسة كويتية غير منطقي فقد تتخذ التأمينات إجراءات منها تعيين موظفين جدد ومن غير الكويتيين لسد النقص ، لكن لوي الذراع من قبل نقابة يسيطر عليها عدد من الشباب صغار السن أعتقد تصرف غير حكيم حتى لو معهم حق، والأفضل وقف الإضراب والتفاوض من جديد ، لان الضرر أصاب المتقاعدين من كبار السن وليس الإدارة .
قبل فترة كنت راجع مع تاكسي جوال بعد أن تركت سيارتي في احد الكراجات للتصليح وكان السائق هندي ، وهنا قال عندما مررنا أمام إحدى الجمعيات قال يخاطبني وهو يبتسم وسعيد ( الكويت ماكو مثله ، إذا أنت يجوع يوقف عند جمعية وتشتري خبزة وجبنة وتأكلها ، في الهند ودول ثانية الفقير ما يلقى  مكان مثل هذا يشتري منه خبزة حتى يأكلها !! ).
هذه الأيام عندما تتكلم عن التذمر  و(التحلطم) و كذلك عن الحراك يلصق البعض كل ذلك بأن هذا صوت الشباب ومطالباتهم ، ولكن الحقيقة إن فترة الشباب هي فترة اندفاع ولكن قد تكون بلا دراسة أو وعي أو معرفة العواقب ، الآن لو نعود لثورات الربيع العربي لوجدنا إن من قادها في البداية هم الشباب ،ولكن سرقت منهم فهم لم يحسبوا النتائج لهذا ماذا ربح الشباب في سوريا أو مصر أو تونس أو ليبيا فحتى الآن لم تتحقق أمانيهم أنما النتائج حتى الآن كارثية .
يحكي لي دكتور كويتي أكاديمي عن صديقه الدكتور المصري يقول ذلك الصديق له ابن كان يدرس الطب وعلى وشك التخرج وعندما بدأت ثورة الربيع العربي في القاهرة وكانت تنادي بديمقراطية وحرية وعدالة اجتماعية كان ذلك الابن من أوائل الشباب الذين يتقدمون المسيرات ويطالبون بالتغيير  إلا وقذيفة من مجهول تصيبه بالرأس وتحوله إلى معاق ذهنيا ، وأصبح والده يرعاه في المنزل بدل من أن ينتظر تخرجه ليعينه في الحياة إن كبر بالعمر .
سؤال هل الكويت وطن كله عيوب حتى نسمع هذا التذمر من الصغير والكبير ، لا اعرف ونحتاج أن نجري دراسة مقارنة .
 في هذا السياق اكتب في نهاية مقالي عن سالفة مواطن كويتي هو لم يعش في زمننا هذا زمن النفط والخير والرفاهية  حيث تتوفر كل عوامل الرخاء من أسعار بترول مرتفعة وحياة أمنة والحمد لله نشكر الله عليها ، هذا المواطن هو النوخذا الكويتي علي النجدي حيث في عامي 1938 وعام 1939 ركب معه في سفينته الكابتن الاسترالي الن فاليرز وراح هذا الاسترالي يسجل تعب وشقاء حياة الكويتيين البحارة على ظهر السفينة لمدة رحلة السفينة لستة شهور وانتقالها من عدن مرورا بالصومال وحتى زنجبار وطوال الرحلة كان على النجدي رحمه الله  يمتدح بلده الكويت للاسترالي وجمال الكويت ، المهم طوال الرحلة وعلي النجدي يشيد بوطنه الكويت وجمالها للكابتن الاسترالي وفي طريق العودة للكويت مرت السفينة إمام سواحل عُمان وشاهد الكابتن الاسترالي الجبل الأخضر في عُمان من بعيد وقال ما أجمل هذا المنظر ،هنا قال له على النجدي مستهجنا ذلك القول عندما  رد عليه ( الكويت أجمل يا كابتن ) وتخيل الكابتن أن الكويت جنة لكثر ما مدحها النجدي ، وعندما وصلوا الكويت عام 1939 استغرب الاسترالي فلم يجد في الكويت إي جمال سوى بيوت متواضعة أغلبها طينية وصحراء ممتدة ولا ماء ولا شجر ولا ثمر ولا نهر ،  أذكر تلك الحادثة التي ذُكرت في كتاب أبناء السندباد لمؤلفه الكابتن الاسترالي .
 هذه الحكاية حكاية المواطن علي النجدي رحمه الله وهو يمتدح وطنه ويشيد به في ذلك الزمن عندما لا يجد الكويتي في وطنه إي فرصة رزق فيشد الرحال إلى سواحل الهند ويقتحم البحار ويصل إلى غابات إفريقيا ليجلب الخير لأهلة بينما الكثير من أبناء هذا الجيل لا يرون في وطنهم  إلا تلك العيوب التي تغطي وجهه في زمن الرخاء .
يكفي لن أكمل وسلامتكم من (التحلطم المبالغ فيه ) والقناعة كنز لا يفنى ، أحيانا نحتاج أن ننتقد أنفسنا بدون أن نلقي اللوم  دائماً على الحكومة حيث نعرف إخفاقاتها ، لكن نحن لنا إخفاقات أيضا علينا أن نكشفها .
__________________
من مدونة حمد الحمد  19 يوليو 2014 السبت س 8 و د 9 م

بقلم : حمد الحمد

___________

هذه الأيام أنا مُندهش من الذي وضع في ذهن كل كويتي (إن الكويت وطن كله عيوب ولا يوجد بها أي شي جميل)، نسمع هذا الكلام من الصغار والشباب والكبار ، يقال هذا الكلام وكأن كل شيء ثابت ولا يحتاج إلى نقاش  .

تجلس في ديوانية وتسمع ( شوفوا دول الخليج و شوفوا تلك الدولة  والأخرى سبقتنا )، هنا تستغرب ولو تطلب من احدهم أن يذهب لتبيان ذلك فيقول (حالة الطرق والعمران والتنمية وعدم وجود فساد في تلك الدول وغير ذلك  أفضل منا )، رغم إن هناك قول غربي حكيم  يقول ( لا تستطيع أن تحكم على بلد غير بلدك إلا إذا عشت في ذلك البلد  لفترة نصف عام بمعنى ستة شهور كاملة ) هنا تكتشف ذلك البلد وتكتشف السلبيات والايجابيات ، أما أن تذهب في يوم ، وتسكن في فندق ، وتتسوق في مول،  وتأكل في مطعم راقي وتعود بطائرتك ، وبعد ذلك تقول بلدهم أحسن من بلدنا ، قد يكون ذلك غير منطقي ومجحف وغير منصف، أمر أخر يفترض أن لا تقارن الكويت مع إي بلد أخر قريب أو بعيد ، لان كل بلد له نظام سياسي وأداري يختلف عن الأخر ، لهذا الحكم غير منطقي من النظر فقط ، مؤكد أننا نفرح أن تكون بعض دول الخليج أحسن من بلدنا في جوانب لكن حتما نحن قد نكون أفضل منهم في جوانب أخرى ، ومؤكد نفرح لهم كما يفرحون لنا .

أمر أخر صُحفنا وكتاب صُحفنا يعززون ذلك ، فعندما يصلهم إي خبر غير طيب عن الكويت إلا ويضعونه في مانشيت عريض ، وان جاء خبر مفرح عن الكويت لا يعيرونه إي اهتمام ، أو لا يتم التسليط على أي شيء جميل عندنا .

سؤال لماذا هذا التذمر وهذه النغمة التي نسمعها من الجميع رغم أن الأوضاع ليس بذلك السوء عند مقارنتها  مع إي بلد عربي أخر ، ولكن الجيد أن لدينا حرية في الكلام حيث يستطيع  إي شخص آن يكتب و يتكلم بدون أن يكون هناك رقيب عليه إلا القانون .

هل فعلا كويتنا كلها عيوب ، بينما مؤشرات عُملتنا ، والاستقرار المالي يمتاز بملاءة متقدمة على دول أخرى  ، ومستوى الرواتب مقبول أو أكثر من جيد ، قبل فترة كنت في دولة خليجية وطلب مني رجل كبير بالسن أن أساعده بسحب راتبه التقاعدي من جهاز الصرف الآلي، فقمت بالعمل وأستلم راتبه واكتشفت إن راتبه لا يتعدى أكثر من 140   دينار ، بينما رواتب التقاعد لدينا حتما أكثر من ذلك بكثير وتزداد بين سنة وأخرى.

هل الشكوى والتذمر بأن البلد كله عيوب هو ( بطر) أو عدم قناعة حيث القناعة كنز لا يفنى ، لا اعرف ؟، واذكر سيدة كويتية كانت تتحدث في برنامج إذاعي وتقول والحديث على لسانها : ( أنا وزوجي رواتبنا عال العال ولدينا أولاد ونصرف عليهم وفق إمكانيتنا ولا نقصر ولكن مع هذا أولادنا يشتكون ويتذمرون  ويتحلطمون ويطالبون أكثر وأكثر ولا نعرف ماذا نعمل معهم !!) ، هل شعبنا  هكذا مع حكومته .. لا اعرف ؟.

كنت أتابع مقالات كاتب كويتي له عمود ينتقد الحكومة ويوجه اللوم لها لفسادها ،ولكن يحكي لي شخص عمل مع هذا الكاتب  في نفس الجهاز الحكومي حيث أعترف لي أن ذلك الكاتب موظف لديهم ويفترض يعمل معهم ، ولكن لا يداوم ويأخذ راتب بدون عمل لكن( ماخذ) راحته يسب حكومة تدفع له راتب شهري بدون عمل ، لهذا لا تلومه إن سبها .

قبل أسبوعين كنت في مكتب تحصيل فواتير الكهرباء واكتشفت أن الذي كان يدفع فاتورته وهو رجل كويتي كبير بالسن أتضح أنه لم يدفع فواتير الكهرباء والماء لعدة سنوات ، وألان تم  تقسيط المبلغ عليه بمبلغ زهيد ،ولكن في المساء حتما سيذهب هذا المواطن للديوانية ويقول حكومتنا تعبانه .

العام قبل الماضي التقيت في فرانكفورت مع مُترجم لبناني ويحكي لي عن دلال الحكومة الكويتية لبعض مواطنيها لمن يتلاعبون بالعلاج الطبي بالخارج ، حيث تُرسل الحكومة الكثير من المواطنين للعلاج بالخارج وقد يحدث أن البعض للأسف يتمارض ليذهب في رحلة صيفية لدولة أوروبية مع عائلته و الواسطة تعمل دورها ، بمعنى لا يمرض إلا في فترض الصيف وعندما تغلق المدارس أبوابها ،وهنا للأسف يأخذ دور مريض قد يكون في أمس الحاجة للعلاج في الخارج وليس عنده واسطة ، لهذا يحكي لي ذلك المترجم  الكثير من الحكايات الطريفة تتداول عن مرضى الكويت أبعدنا وأبعدكم الله عن المرض ، يقول المُترجم أن احد المرضى من الكويتيين طلب من الطبيب الألماني الذي يعالجه أن يكتب في التقرير إن العلاج الذي أجري له تم في ساقه وليس في ذراعه ، وعندما سأله الدكتور لماذا؟  أنا عالجت ذراعك وليس ساقك قال المريض حتى أقدم التقرير للمكتب الصحي الكويتي ويمنحوني تذكره درجة أولى في الطائرة حتى أمد ساقي !!.!!.

هذه الأيام نتابع إضراب الموظفين في التأمينات وهذا الإضراب مُستمر من مايو الماضي يعني تعطلت مصالح المتقاعدين لفترة ثلاثة أشهر وأرهق الموظف الذي لم يُضرب  ، رغم إن لا إضراب في العالم يستمر لهذه الفترة الطويلة، ولكن قد تكون هناك إضرابات لفترة محدودة لإيصال رسالة فقط ، يقول لي متقاعد راجع التأمينات قبل رمضان ،يقول قامت موظفة كويتية لم تُضرب وأنهت معاملتي وسألتها لماذا لم تُضربي مع المضربين قالت ( ليس من حقي أن أتوقف عن العمل واخذ راتب حرام) وكان هذا المتقاعد يشاهد بعض المتقاعدين من كبار السن الذين يعانون الأمرين من الإضراب وهم يسبون ويدعون بالخسران على الموظفين المضربين وأكثرهم من الشباب  .

في هذا السياق نذكر في الثمانينيات عندما قامت الحكومة الأمريكية بعهد الرئيس ريغان بإنهاء خدمات 21 الف مراقب جوي أمريكي في يوم واحد عندما اتخذ اتحاد المراقبين الجويين قرار الإضراب وتعطيل مصالح وامن البلد وراح يهدد بتوقف حركة الطيران في عموم الولايات المتحدة ، وتم إنهاء جميع الموظفين من قبل الحكومة واستلم الجيش مرافق المراقبة الجوية وتم تعيين موظفين جدد بدلا منهم وطلب من الموظفين الذين أنهيت خدماتهم البحث عن وظائف أخرى لان امن البلد واقتصاده أهم ،  ونحن نذكر هذه الحادثة لا نطالب بإنهاء خدمات احد لكن أسلوب الإضراب الطويل في أفضل مؤسسة كويتية غير منطقي فقد تتخذ التأمينات إجراءات منها تعيين موظفين جدد ومن غير الكويتيين لسد النقص ، لكن لوي الذراع من قبل نقابة يسيطر عليها عدد من الشباب صغار السن أعتقد تصرف غير حكيم حتى لو معهم حق، والأفضل وقف الإضراب والتفاوض من جديد ، لان الضرر أصاب المتقاعدين من كبار السن وليس الإدارة .

قبل فترة كنت راجع مع تاكسي جوال بعد أن تركت سيارتي في احد الكراجات للتصليح وكان السائق هندي ، وهنا قال عندما مررنا أمام إحدى الجمعيات قال يخاطبني وهو يبتسم وسعيد ( الكويت ماكو مثله ، إذا أنت يجوع يوقف عند جمعية وتشتري خبزة وجبنة وتأكلها ، في الهند ودول ثانية الفقير ما يلقى  مكان مثل هذا يشتري منه خبزة حتى يأكلها !! ).

هذه الأيام عندما تتكلم عن التذمر  و(التحلطم) و كذلك عن الحراك يلصق البعض كل ذلك بأن هذا صوت الشباب ومطالباتهم ، ولكن الحقيقة إن فترة الشباب هي فترة اندفاع ولكن قد تكون بلا دراسة أو وعي أو معرفة العواقب ، الآن لو نعود لثورات الربيع العربي لوجدنا إن من قادها في البداية هم الشباب ،ولكن سرقت منهم فهم لم يحسبوا النتائج لهذا ماذا ربح الشباب في سوريا أو مصر أو تونس أو ليبيا فحتى الآن لم تتحقق أمانيهم أنما النتائج حتى الآن كارثية .

يحكي لي دكتور كويتي أكاديمي عن صديقه الدكتور المصري يقول ذلك الصديق له ابن كان يدرس الطب وعلى وشك التخرج وعندما بدأت ثورة الربيع العربي في القاهرة وكانت تنادي بديمقراطية وحرية وعدالة اجتماعية كان ذلك الابن من أوائل الشباب الذين يتقدمون المسيرات ويطالبون بالتغيير  إلا وقذيفة من مجهول تصيبه بالرأس وتحوله إلى معاق ذهنيا ، وأصبح والده يرعاه في المنزل بدل من أن ينتظر تخرجه ليعينه في الحياة إن كبر بالعمر .

سؤال هل الكويت وطن كله عيوب حتى نسمع هذا التذمر من الصغير والكبير ، لا اعرف ونحتاج أن نجري دراسة مقارنة .

 في هذا السياق اكتب في نهاية مقالي عن سالفة مواطن كويتي هو لم يعش في زمننا هذا زمن النفط والخير والرفاهية  حيث تتوفر كل عوامل الرخاء من أسعار بترول مرتفعة وحياة أمنة والحمد لله نشكر الله عليها ، هذا المواطن هو النوخذا الكويتي علي النجدي حيث في عامي 1938 وعام 1939 ركب معه في سفينته الكابتن الاسترالي الن فاليرز وراح هذا الاسترالي يسجل تعب وشقاء حياة الكويتيين البحارة على ظهر السفينة لمدة رحلة السفينة لستة شهور وانتقالها من عدن مرورا بالصومال وحتى زنجبار وطوال الرحلة كان على النجدي رحمه الله  يمتدح بلده الكويت للاسترالي وجمال الكويت ، المهم طوال الرحلة وعلي النجدي يشيد بوطنه الكويت وجمالها للكابتن الاسترالي وفي طريق العودة للكويت مرت السفينة إمام سواحل عُمان وشاهد الكابتن الاسترالي الجبل الأخضر في عُمان من بعيد وقال ما أجمل هذا المنظر ،هنا قال له على النجدي مستهجنا ذلك القول عندما  رد عليه ( الكويت أجمل يا كابتن ) وتخيل الكابتن أن الكويت جنة لكثر ما مدحها النجدي ، وعندما وصلوا الكويت عام 1939 استغرب الاسترالي فلم يجد في الكويت إي جمال سوى بيوت متواضعة أغلبها طينية وصحراء ممتدة ولا ماء ولا شجر ولا ثمر ولا نهر ،  أذكر تلك الحادثة التي ذُكرت في كتاب أبناء السندباد لمؤلفه الكابتن الاسترالي .

 هذه الحكاية حكاية المواطن علي النجدي رحمه الله وهو يمتدح وطنه ويشيد به في ذلك الزمن عندما لا يجد الكويتي في وطنه إي فرصة رزق فيشد الرحال إلى سواحل الهند ويقتحم البحار ويصل إلى غابات إفريقيا ليجلب الخير لأهلة بينما الكثير من أبناء هذا الجيل لا يرون في وطنهم  إلا تلك العيوب التي تغطي وجهه في زمن الرخاء .

يكفي لن أكمل وسلامتكم من (التحلطم المبالغ فيه ) والقناعة كنز لا يفنى ، أحيانا نحتاج أن ننتقد أنفسنا بدون أن نلقي اللوم  دائماً على الحكومة حيث نعرف إخفاقاتها ، لكن نحن لنا إخفاقات أيضا علينا أن نكشفها .

__________________

من مدونة حمد الحمد  19 يوليو 2014 السبت س 8 و د 9 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق