السبت، 12 يوليو 2014

ديمقراطيتنا المُخترقة !!


ديمقراطيتنا المُخترقة !!

بقلم : حمد الحمد

____________

كانت نصيحة جلوب باشا الانجليزي في الستينيات وقد عاش في العراق والمنطقة العربية فترة من الزمن منذ فترة العشرينيات ، وقال في مذكراته ينصح الغرب قال ( لا تقيموا ديمقراطيتات في بلادهم ويعني العرب ، وان أقمتهم ديمقراطية بمعنى انتخاب ومجالس فما أن تخرجوا إلا وينقلبوا عليها ويعودوا لنظامهم السابق ) وقوله صدق في كثير من البلدان فما إن خرج الانجليز من العراق ومصر والفرنسيين من الشام إلا وحدثت انقلابات عسكرية و ألغيت الديمقراطيات .

لدينا العرب عقده فما زلنا نتحدث عن المستعمر الأجنبي لبلادنا رغم أن كل دول العالم قد استعمرت من دول كبرى إلا إن تلك الدول شرقا أو غربا استفادت من المُستعمر وأخذت منه الشيء المفيد ، وتركت الشيء غير المفيد ، ومثال على ذلك الهند وغيرها من دول أسيوية ، أيضا مفهوم الاستعمار هو حكم دولة أجنبية لشعب دولة أخرى، رغم إن الكلمة غير مرغوبة فيها إلا أنها تحمل كلمة أعمار ، ولكن نسينا نحن العرب أننا حكمنا بلاد واسعة لقرون من العراق حتى حدود الهند ولكن لا نعترف بأن هذا استعمار كما نفهم !!.

الديمقراطية ليس مذهب ديني أنما فكرة إنسانية أو مفهوم إداري بحت وهو غربي بمعنى عُرف في اليونان وروما أول الأمر، وفي البداية لم يكن كل الشعب يشارك بالانتخاب أنما فقط علية القوم ، ولكن تطور بعد ذلك ، والديمقراطية هي  كالسيارة منتج غربي إذا استوردته يجب أن تضع له ملامح تتناسب مع البيئة التي تعيش فيها ، لكن يجب أن يكون هناك أصول لا تخرج عنها منها الشفافية والمصداقية وتشكيل الأحزاب وفق قانون يحكمها وعدم الانحراف عن الدستور المتفق عليه ، وان خرجت عن هذا النسق تذكرني بشخص اشترى سيارة رويزرايز مستعملة ولكن مكينتها مكينة شفر ..لكن  عندما تسير في الشارع هي رويزرايز ..هكذا هي الديمقراطية في بعض بلداننا ولكن من الداخل غير ذلك .

جورج واشنطن أول رئيس أمريكي انتخب عام 1788 واخلص في عمله و وحد أمريكا بعدما كانت تحت الاستعمار الانجليزي ، وفاز بولايتين متتاليتين وعندما أكمل المدة المقررة وفق الدستور الذي وضعه ، طالبه الشعب الأمريكي وبقوة أن يكمل ولاية ثالثة ، هنا رفض وقال لو أكملت ولاية ثالثة قد أكون قد خرقت الدستور وسيأتي بعدي رئيس أخر ليخترقه، ورفض ولم يترشح  .

عندما ضربت أمريكا اليابان بالقنابل الذرية عرف الإمبراطور انه لو أكمل الحرب لكانت نهاية الجنس الياباني لهذا وقع وثيقة الاستسلام والهزيمة ، وفي تلك الأوقات جلس عدد من اليابانيين يتحدثون ما العمل ؟ هل نقاوم ونحارب المحتل الأمريكي أم نجد مخرج أخر فقال عاقل منهم  علينا أن نجلس مع المحتل الأمريكي ونسمع منه ماذا يريد ؟ وجلسوا وهنا عرفوا أن المحتل يريد أن يغير ثلاثة أمور الأول تغيير نظام التعليم وهو الأهم وتغيير نظام الحكم وجعله ديمقراطي بمعنى انتخابات والثالث  إلغاء نظام الجيش العسكري ، وهنا قبل الإنسان الياباني الهزيمة وقبل التغيير ، وفي فترة سنوات قليلة تحولت اليابان إلى دولة متقدمة صناعياً و تنافس البلد المحتل أمريكا .

 هنا اذكر قول المفكر مصطفى محمود ( إن تعداد اليابان يتجاوز المائة والعشرين مليون ومساحة اصغر من مصر ومع ذلك لا مجاعة ولا فقر بل يزيد على الناتج الأمريكي في بلد ليس فيها لا بترول ولا فحم ولا خام حديد ولكن أثمن ما فيها الإنسان ).

في عالمنا العربي ديمقراطيتنا مخترقة ، ففي الكويت عرفنا الدستور والانتخاب منذ الستينيات وكانت هناك فترة انجاز وكما يسمى في الكويت فترة العصر الذهبي وهي  فترة الستينيات حتى السبعينيات فكانت الحكومة ليبرالية وكذلك المجلس ، ولكن انقلب السحر على الساحر عندما دخل الساحة المكون الديني والقبلي حيث كان اختيار المرشح على هذه الأسس ، هنا كان الصدام فلا حكومة أنجزت ولا مجلس تعاون معها .

وفي العراق تحولت الديمقراطية إلى وشكل طائفي وليس وطني وفهمت الجماعات التي فازت في الانتخاب بما أنها  أغلبية عليها أن تسيطر على كل شيء ، وهذا ما حدث مع المالكي وتياره حيث استبعد بقية التيارات لسيطر على الأمور وبالنهاية حدثت كارثة لا نعرف نهاية لها وهو يصر أن يكمل دورة ثالثة رغم ما يحدث .

وفي مصر عندما جرت الانتخابات وقبل أن تعلن النتائج نزل السيد مرسي إلى الساحة وأعلن انه الفائز بمعنى إذا لم أفز فسيحدث ما يحدث ، وهذا النهج لا يتوافق مع الديمقراطية .

وفي تونس وفي ليبيا رغم مرور ثلاث سنوات لا نرى مؤشر للاستقرار  أو أن هناك انتخابات ستجرى على أسس الدستور .

لكن اخطر ما يحدث في عالمنا العربي هو هذا التدخل الإيراني السافر الذي زعزع المنطقة وخلق لنا بؤر طائفية مذهبية مثل حزب الله وما كان من أطراف أخرى إلا إن خلقت لها بؤر  للتصدي لإيران حيث ظهرت القاعدة وداعش وغيرها وهنا يكون الصراع داخل المحيط العربي بين هذه الجماعات التي لا تعترف بالديمقراطيات أنما هي أتت بتوكيل من السماء .

نؤمن بالمؤامرة وان كل ما يحدث من صنع أمريكا ، ولا نعرف بما يسمى بالتفكيك رغم أن إمبراطوريات تفككت ففي عصرنا تم تفيكك الاتحاد السوفييتي إلى 16 دولة ويوغسلافيا إلى سبع دول ، بمعنى إي دولة تهدد العالم ولا تستطيع  أن  تحكم نفسها يتم تفكيكها مع الزمن لإضعافها وهذا قد يحدث للعراق وغيرها  رغم اننا لا نأمل ذلك .

جريدة النهار اللبنانية خرجت مؤخرا بعنوان ( الايكنومست ترثي العربي ) حيث ترثي تلك المجلة العرب فلقد وصلنا إلى مرحلة لا نعتقد أننا سنخرج منها وتحول ربيعنا العربي إلى دمار عربي ، وهنا  تذكرت قول الشاعر العربي ( لنا الصدر دون العالمين أو القبر ) للأسف أننا في الطريق إلى الخيار الثاني !!.

____________

من مدونة حمد الحمد   12 يوليو 2014 س 2 ود 27 ص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق