الأحد، 30 يوليو 2023

الغزو الأمريكي الناعم والفضاء المفضوح

 

الغزو الأمريكي الناعم والفضاء المفضوح

كتب حمد الحمد

جريدة الراي 22 يوليو 23

    هل هناك غزو ناعم وغزو بطائرات ودبابات وجنود، نعم هناك، الغزو الناعم قد يكون أكثر تأثيراً وتدميراً في جوانب، جنود ذلك الغزو لم يتدربوا في ساحات القتال، إنما في المسارح ومعاهد التمثيل، الجنود هُم الممثلون وكتاب السيناريو والمُغنون والمخرجون والمنتجون وغيرهم، هؤلاء الجنود يقومون بالدور المنوط بهم من ترفيه وتوعية وترويج تجاري وتغيير فكري، أدوار لها سلبيات كما إيجابيات.

   في كل رمضان تزدحم القنوات العربية بالعشرات من الدراما التلفزيونية، لكن الأغلب مضمونها ترفيه وكذلك تهريج، وأخيراً تابعت فيلماً أميركياً بعنوان: (Boyhood)، الفيلم لم يُكتب أو يُخرج ويصور خلال أسابيع أو أشهر، إنما تم التصوير والإنتاج خلال فترة 13 سنة من عام 2002 وحتى عرضه عام 2014، والفيلم يصور حياة طفلين حيث نتابع حياة الطفل ماسون من عمر 6 سنوات حتى المراهقة بعمر 18 سنة، والطفل المُمثل يؤدي الدور نفسه، ولا يوجد بديل له عند التغير في العمر.

   في مشاهد الفيلم هناك رسائل ومضامين قد لا ينتبه لها المُشاهد العادي، ويعتقد أنها من ضمن قصة الفيلم، رغم أنها إعلانات مدفوعة الثمن للترويج ودعم الاقتصاد الأميركي، مثلاً يدخل الأب للسوبرماركت ويشتري مشروباً غازياً أميركياً ويرفعه بيده، أو يقود سيارة أميركية، أو عندما يذكر الأب لابنه عناوين كتب مُحددة واشرطة أغانٍ نزلت للتو، «تلك إعلانات مدفوعة للترويج لمنتجات أميركية»، وعندما يدخل الأب على ابنته في غرفتها ويقول لها هل فرشتي اسنانك قبل النوم؟، أو عندما يجلس مع ابنته المراهقة ويشرح لها نسبة حمل المُراهقات «تلك رسائل توعية».

    لكن ذلك الغزو الناعم للأسف يبث في أحيان كثيرة أفكاراً غير أخلاقية، كترويج للمثلية والتحول للجنس الآخر وغيرها في زمن الفضاء المفضوح والمفتوح، فلا رقيب حكومياً يُراقب ما يُبث، ولا رجال أمر معروف، حيث أصبح ما يُحارب على الأرض من منكر يأتي بقنوات خاصة مُشفرة، واذكر قولاً بليغاً لمواطن يقول: «كنا نرفض أن يبقى أولادنا بالشارع بعد التاسعة ليلاً خوفاً عليهم، الآن الشارع بأكمله اصبح في غرف نومهم عبر هواتفهم النقالة».

    لهذا نقول: اللهم سترك من ذلك الغزو الأميركي الناعم المُدمر، في زمن الفضاء المفتوح المفضوح !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق