الأحد، 3 نوفمبر 2019

الكويت .. هل تسير نحو النموذج اللبناني ؟


الكويت.. هل تسير نحو النموذج اللبناني ؟
كتب : حمد الحمد
_________________
   بما أنني شخصيا لا أتابع أحداثنا المحلية بدقة ، ومُنشغل بمشاريع كتابية بمعنى إصدارات كتب أدبية وتوثيقية ، فأنني بين حين وآخر اكتشف أمور أجهلها ، لهذا ما اسمعه من هنا وهناك ينذر بخطر على ديمقراطيتنا في المقام الأول، والشكل الدستوري وبدون شك على الدولة كذلك ، وبالتالي يهدد مصير الأمة على المدى القريب .
   قبل أسبوعين كنت في مجلس وقلت " إن عضو مجلس الأمة الفلاني لن ينجح في الانتخابات القادمة " وهنا رد علي علي زميل وقال " بل سينجح لأنه نقل مئات الأصوات لدائرتنا فنجاحه مضمون" ، وهذا أثارني وجعلني اكتب هذا المقال ، وبالإضافة إلى سبب آخر هو ما نراه من ثورة للشعب اللبناني ضد طبقته السياسية،  وهنا اكتب عن مخاطر،  هي ليست بعيدة عنا وهي كالتالي :
   أولاً : إشكالية الصوت الواحد .. البعض كان يرفض حكاية الصوت الواحد وانه خلق لنا القبلية والطائفية وان أربعة الأصوات هي الأفضل ، وهذا غير صحيح فكلا الأسلوبين يقود للقبلية والطائفية والعائلية ، كون هذه الأمور متجذرة في حياتنا وهي أمر طبيعي ، وإذا كان البعض يروج بأن الصوت الواحد هو الذي كرس القبلية وغيرها وهدد الوحدة الوطنية ، فهذا كلام مردود عليه فأربعة أصوت كانت تكرسها بصورة اكبر حيث إن انتخابات فرعية مُخالفة للقانون لقبائل تقود إلى فوز قبيلتين بأكثر عدد من المقاعد وتحجب مُكونات المجتمع الأخرى من قبائل وغيرها ، وتحالف تيارات دينية سياسية  يقود إلى إسقاط تيار مدني ليبرالي ، الصوت الواحد ليس هو النموذج المثالي لكنه حقق مكاسب لمكونات المجتمع الأخرى التي لم تكن تحلم أن يصل ممثل لها في بعض الدوائر وهذا مشهود ، وهناك أمثلة لا تخفى على احد في دوائر عدة ، لكن الصوت الواحد كذلك ليس هو الأسلوب الأمثل  حيث خلق لنا شخصية "العضو السابق الكامن"، وهو مشابه لمصطلح الدولة العميقة في دول الربيع العربي ، هذا العضو الكامن هو ليس بعضو، ولكن عضو سابق له ثقله وقاعدته وهو يرفض الترشح ، ولكن بإمكانه إنجاح مُمثل له بالمجلس نتيجة كونه يملك قاعدة كبيرة من الناخبين ، وبما إن هذا العضو الكامن مُعترض على الصوت الواحد فهو يرشح شخص ما للنزول ودعمه، وبالتالي الفوز وهنا له ممثل بالمجلس، والدليل على هذا في بعض الدوائر في الانتخابات الأخيرة نجد فوز مُرشح بالمركز الأول ، رغم أن لا احد يتوقع فوزه ، لهذا العضو الفائز الذي يمثل العضو الكامن لا تجد لا طعم ولا رائحة له بالمجلس، ويصل بدون أية خبرة سياسية أو حتى حياتية ، وكذلك خلق لنا الصوت الواحد أمكانية أن ينجح عضو بأصوات قليلة ، لو تمكن من الشراء أو نقل أصوات ،  لهذا نجد مُخرجات المجلس الحالي لا تتمتع بالحنكة السياسية لهذا نجد تسرع في إقرار القوانين، وعندما تصدر نجد لها مثالب كثيرة ، وبعضها تشوبها مخالفات دستورية ،ومنها قانون المُحامين وقانون الصيدلة ، وقانون الشهادات غير المعتمدة وغيرها ، قوانين  تقر ولكن على ارض الواقع تجد أنها صعبة التطبيق وبها أخطاء ومعرضة للطعن عبر المحكمة الدستورية ،وهذا بسبب التسرع في إقرار القوانين .
   ثانياً : من خلال الكلام الذي نوهت عنه في أول المقال ، شعرت أن تركيبة المجلس الحالي أو المستقبلي قد لا تمثل قواعد الناخبين ، وهي تركيبة مُضلله ، والسبب هو النقل المُكثف لأصوات الناخبين من دائرة لدائرة " يقال عضو حالي نقل مئات الأصوات!! "، وهذا يعني أن نتائج الانتخابات في بعض الدوائر مُضللة ، لان أغلب من يصوت هم ليس من نفس الدائرة ، وما يحدث هو فساد وسرقة لأصوات الناخبين الأصليين ، وهذا طبعا يحدث تحت أعين السلطات وهو فساد عظيم ، والنتيجة أن بعض النواب سيبقون في مناصبهم لدورات ، سواء كان من موقع الرئاسة أو ما هو أدنى ، وهنا من يصل إلى المجلس النيابي هم أسماء معروفة ، وأسماء ترث أسماء ، والنموذج اللبناني ليس ببعيد حيث أوصل الشارع هناك إلى ما وصل أليه من ثورة وتعطيل دولة بأكملها ، ونحن لا نريد أن نصل إلى هكذا مشاهد .. والمقترح أن توكل لهيئة الفساد مهمة التحقق من بالموضوع كونه سرقة ، فسرقة الأصوات اكبر جريمة من سرقة الأموال ، كذلك يُفترض أن يكون التصويت ببطاقة بالجنسية مع البطاقة المدنية ، وفي حالة أن يتعارض سكن الناخب مع الدائرة التي يصوت بها لا يجوز له التصويت وعليه تعديل سجله الانتخابي ، أمر أخر  نحن نثق بالفرز كونه تحت يد القضاة ، لكن أن يوضع سجل الناخبين تحت وزارة الداخلية ، وبيد  سلطة مُختارية المناطق فهذا لا يجوز ، ويفترض تحت سلطة القضاء أيضا أو بمراجعة من القضاء ، كون سجل الناخبين هو أساس مصداقية العملية الانتخابية برمتها ، والسؤال ماذا لو طلب أحد القضاة من ناخب أن يقدم جنسيته وكذلك بطاقته المدنية ووجد تعارض مع السكن ، هنا هل يحق للقاضي رفض قبول تصويته .. مجرد سؤال ؟ ، سؤال آخر لماذا الدولة لا تعترف في معاملاتها إلا بالبطاقة المدنية ، ولكن في التصويت ترفضها وتقبل الجنسية .. الأمر معروف،  لكن يفترض أن لا يستمر حتى تتمتع انتخاباتنا بمصداقية اكبر أمام الداخل والخارج ، ومتى ما شعر الناخب أن صوته لا اثر له نتيجة لكثافة نقل الأصوات،  فقد يحجم عن المشاركة وهذا ما سيحدث .
    ثالثا : هناك هجوم شعبي على الحكومة واتهامها بعدم الانجاز ،رغم أننا على الواقع نجد انجازات عظيمة لها ،بالبنية التحية ومنها شبكة الطرق والجسور التي تشمل كل الكويت ،وانجازات في مجال الصحة بافتتاح عدة مستشفيات كبرى وكذلك مدن جديدة وكذلك انجازات ثقافية ومنها مراكز ثقافية مركز جابر  ومركز عبدالله السالم وغيرها وهذه تحسب لعهد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد حفظه الله وللحكومة الحالية ، لكن من جانب أخرى نرى ممارسات سلبية أو كارثية  يفترض أن لا تحدث،  ومنها التعيينات البراشوتية بمعنى وضع الرجل غير المناسب والذي ليس له أي صفة أو خبرة في مركز هام ، وكذلك ثراء غير طبيعي من بعض أعضاء مجلس الأمة أو حتى بعض الموظفين بالدولة ، فماذا يعني موظف في وزارة أمنية  محبوس لاختلاسه 30 مليون دينار أو أكثر من ذلك ، نحن هنا لا نتحدث عن ألاف الدنانير هنا نحن نتحدث عن ملايين .. وكيف لم تُكتشف؟ ، كذلك تسمية شوارع بأسماء أشخاص لأسباب شخصية وعائلية وبلا مُسوق ولو تدخل بحث جوجل لا تجد لهم أي ذكر ، ناهيك عن ما يتردد عن الفساد في أجهزة الدولة ،وقد ذكرته جريدة القبس في أحد أعدادها وهو ما يعادل مليار دينار في أجهزة عديدة تتبع الدولة .
     ما نود قوله أن عدم معالجة حكومية لما ذكرنا سيكون ورقة رابحة بيد قطاعات كبيرة من الشعب من المُعارضين في المستقبل القريب ، ومع أننا لا نتشابه مع الوضع اللبناني فليس لدينا مليشيات والحمد لله  ، لكن الفساد في قواعد الناخبين هو فساد عظيم يخلق طبقة سياسية لا تمثل مكونات الشعب نتيجة التلاعب المُتعمد تحت أعين السلطة ، وإذا كان ما يحدث لصالحها على المدى القريب، فأنه يمثل خطورة على مدى أبعد . 
__________________
    *كاتب المقال هو حمد عبدالمحسن الحمد ،عضو رابطة الأدباء وهو روائي وباحث ، وهذا المقال يُنشر ضمن مدونته على النت بتاريخ 3 نوفمبر 2019 ، للدخول علي المدونة اكتب في بحث جوجل " مدونة الكاتب حمد الحمد ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق