الأربعاء، 2 فبراير 2022

 

مقال أقبال الأحمد عن كتاب حمد الحمد ( بين الصلاتين ومسجد مول )

في جريدة القبس 22 يناير 2022

أستأذن الأخ الفاضل الكاتب حمد الحمد بأن أستعير اسم كتاب له صدر قبل عامين بعنوان (بين الصلاتين ومسجد مول) ليكون عنوان مقالي اليوم، وذلك لإعجابي به.

ما ورد في الكتاب الجميل اختصار لمجموعة من الأسئلة والتساؤلات وكم من الاستغراب لظواهر وواقع نعيشه اليوم. هذا الكتاب هو إعادة فهم وقراءة ‏لفكرنا الديني والمجتمعي في الكويت من الداخل.

‏سأختار في هذا المقال عدداً من الفقرات التي تباعدت بينها الصفحات والمحتوى، إلا أنني رأيت فيها دلالات مباشرة وتعبيراً جميلاً لذا سأنقلها حرفياً حتى أحافظ عليها.

‏يقول: …الحقيقة الواضحة للعيان أن المسجد كان مؤسسة مهمة في المجتمع لم تتغير ويتطور دورها كما تطور المجتمع.

لقد تغيرت نواحٍ كثيرة في حياتنا سواء في النواحي التعليمية أو الصحية أو العلمية أو مستوى الحياة إلا أن مؤسسة المسجد باقية تدور في حلقة منفصلة عن الواقع.

‏وقد أعجبني اقتراح نقله الكاتب في كتابه عندما ‏دعا.. إلى قيام المسجد النموذجي؟ وهو أن يتم دعوة شخصيات بالمسجد مثل رئيس مخفر شرطة المنطقة ليتحدث عن المشاكل الأمنية في الضاحية في يومٍ،، وفي يومٍ آخر يتم دعوة دكتور من المركز الصحي ليحدث المصلين مثلا عن مشاكل مرض السكر، وفي يوم ثالث يأتي مدير المدرسة الثانوية للتحدث عن مشاكل الأبناء في المدرسة.. ثم يتم دعوة مسؤول في البلدية مثلا أو بيت الزكاة أو اي شخصية قانونية لشرح بعض القوانين لرواد المسجد من الأعمار والفئات والشرائح كافة.

‏ومن أكثر الفقرات التي شدتني هي التي تكلم فيها عما ورد في كتاب ماري أليسون وهي عبارة عن مذكرات لدكتورة أميركية عملت في المستشفى الأميركاني وعاشت في الكويت من الثلاثينيات إلى الخمسينيات من القرن الماضي، حين قالت.. إن بعض نساء الكويت طلبن أن يكون هناك قانون يمنع التحجب او غطاء الوجه كما حدث في تركيا وإيران في فترة من الفترات، وكان رد نائب الحاكم آنذاك وهو الشيخ عبدالله السالم رداً عقلانياً.. حين قال؛هذا الأمر تقرره النساء بأنفسهن وليس نحن.. فتذكرت حالنا اليوم في ظل تدخل ‏من يعنيه ومن لا يعنيه بأمور كثيرة تخص المرأة وحريتها الشخصية في حياتها اليومية..

‏ونبه الكاتب حمد الحمد محذراً من مخاطر ما نعيشه اليوم، حين قال: لو تجولت في أروقة جامعة الكويت اليوم لوجدت طالبة سافرة بجانبها المحجبة وهناك من تلبس العباية وأخرى تلتزم النقاب، ومع هذا لا تجد استغراباً في ذلك بل شكلاً من حيوية الديموقراطية التي تعطي الإنسان‏ أن يشكل حياته الخاصة بعيداً عن تدخلات حكومية أو جهات أخرى، إنما تترك للمجتمع أن يشكل نفسه بنفسه على ألا يتعارض ذلك مع قوانين البلد

‏اما ما أحب أن أتوقف عنده في هذا المقال، هو ما كتبه الكاتب حول أسباب تقدمنا في فترة الخمسينيات إلى أواخر السبعينيات قائلاً:..كانت تعيش الكويت في فترة عصر ليبرالي شامل بمعنى الكلمة، حين كان النظام ويقصد الحكومة.. حكومة ليبرالية تتجه نحو التنوير، وكان مجلس الأمة غالبيته ليبرالي التوجه، إذ لم يكن هناك تناقض بين الحكومة والمجلس في تلك الفترة، وكانت الأهداف والتوجهات متقاربة، لهذا كانت الإنجازات بينة وفي مسارها الطبيعي.

‏وإجابة عن سؤال يطرحه بعض الناس في كل مكان اليوم.. لماذا توقف العصر الليبرالي في الكويت؟ فإجابته على لسان الكاتب الحمد كانت منطقية حين كتب: «إن التوقف والجمود حدثا لتغيُّر التركيبة السكانية والسياسية عندما اقتحمت الساحة الكويتية في أواخر السبعينيات تيارات دينية سياسية مؤدلجة ومحافظة، وأصبح لممثلي تلك التيارات.. مراكز في الدولة ولهم غلبة في تركيبة أعضاء مجلس الأمة، ولحق بهم بعد ذلك التيار القبلي الذي أفرزته الانتخابات الفرعية وجميع التيارات».

‏وبناءً على ما سبق أصبح (كما يقول الكاتب) هناك تصادم أو تضارب في فكر حكومة الليبرالية والمدنية مع فكر ونهج أغلبية تيارات جديدة محافظة لا تؤمن بالتنوير، وبهذا التضارب… جمد التقدم في مجالات متعددة.

‏ تناول الكاتب بعد صفحات عديدة موضوعاً في غاية الأهمية يستحوذ على جزء كبير من النقاشات والأخذ والرد والتأييد والاعتراض، وهو شرعية الاحتفال في بعض المناسبات وتبادل التهاني بالورود فيها، عندما قال إن إهداء الورود يزيد من فرص العمل ويفتح للكثيرين باب رزق فيها، ‏ثم طرح سؤالاً منطقياً عندما قال: «الوردة ليست بندقية حتى يخاف منها هذا أو ذاك».

ومن الأمور المضحكة بالكتاب أنه في بداية الستينيات روى له أحد الأصدقاء أنه عندما كان طفلاً صغيراً أنه اقترح على والده أن تجلس والدته في المقعد الأمامي بدلاً من أن تجلس في المقعد الخلفي قائلاً: انه على ما يبدو تأثر بالأفلام المصرية حين تجلس بطلات الفيلم بجانب بطل الفيلم على يمينه، حينها وبخه والده فوراً بقوله: «بعد!!!»

بمعنى الاستهجان والاستغراب والاستخفاف ايضا.

كتاب ممتع وجدت في ثنايا صفحاته إجابات كثيرة لتساؤلات ساورتني كثيراً.

***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق